قبل سنوات استقبلت مشرحة الخرطوم جثة طبيبة ماتت في ظروف غامضة.. كان الطبيب المختص يفحص جسد زميلته ونظرات الاستغراب تقفز من تحت نظارته الطبية.. الضرب المبرح يغطي جسد الطبيبة.. الرواية يكملها تقرير مميز في الزميلة السوداني نشر البارحة بقلم الأستاذة هاجر سليمان.. الصدمة أن الطبيبة قتلها (فكي).. الطبيبة حملتها أرجلها إلى هنالك وبرفقة أسرتها لتتلقى العلاج من السحر.. ماتت الطبيبة تحت تأثير الجلد المبرح.. ماذا حدث للجلاد سؤال محرج جعل ظاهرة الشعوذة تتمدد. أمس الأول استقبل قسم شرطة سوبا حادثة مماثلة في المأسوية.. سيدة أخرى ماتت تحت (سوط) رجل يدعى أنه يعالج بالقرآن الكريم.. ماتت السيدة تحت عيني زوجها وتم فتح بلاغ ضد الشيخ.. بالطبع لن تكون هذه الحادثة إلا رقماً في سلسلة القتل في مراكز العلاج العشوائية المنتشرة في كل المدن وتحظى برعاية رسمية واهتمام إعلامي. هنالك أيضاً مراكز أخرى تمارس القتل الرحيم بحق ضحاياها.. مراكز العلاج بالأعشاب أعيت البلدوزر مأمون حميدة.. حينما تلج إلى تلك المراكز تحسب أنك في مشفى.. التضليل يتم بصورة بارعة.. كلمة المعمل والصيدلية والدكتور يتم استخدامها تحت سمع وبصر الحكومة.. العشابون لم يتركوا للأطباء حتى (اللاب كوت) وربما السماعة.. أصحاب مراكز العلاج بالأعشاب في بعض الأحيان يتاجرون بالدِّين وهو منهم بريء.. يشعرونك أنهم يقدمون طباً بديلاً مستمداً من الكتاب والسنة.. الجراءة تصل مرحلة الإعلان في التلفاز عن وصفات علاجية لكل الأمراض من السكري إلى الضعف الجنسي. حتى مواضع العفة وصلتها ممارسات سالبة.. تقارير تتحدث عن حالات اغتصاب في بعض الخلاوى.. في الغالب الأعم يتم جمع تلاميذ من أعمار مختلفة في حيز جغرافي ضيق.. بعض الشيوخ يتكسبون مادياً من وراء هذه المؤسسات.. البارحة أوقفت الشرطة أكثر من مائة عربة محملة بالأغذية كانت متوجهة إلى خلاوى أزرق طيبة بالجزيرة ..المناهج الدراسية في معظم هذه المؤسسات تهمل علوم الدنيا.. بعد سنوات يجد الطالب الخريج أنه أمام فرص محدودة في التوظيف . في تقديري.. أن الأحداث التي تحدث في المؤسسات الموازية في الصحة والتعليم يجب أن تلفت نظرنا إلى أهمية إخضاع هذا القطاع الكبير للإشراف الحكومي.. على الحكومة أن تكون مسؤولة من طلاب الخلاوى ومرضى المسيد.. الإشراف يصل درجة الزيارات المفاجئة والاطمئنان على صلاحية الطعام ومواءمة السكن للمعايير الإنسانية.. أما ظاهرة الجلد هذه فيجب أن تكون جريمة يعاقب عليها القانون.. العلاج بالأعشاب يجب أن يخضع لذات ضوابط تسجيل الأدوية.. حتى هذه المراكز العشبية مفترض أن تخضع لسلطان وزارة الصحة ما دامت تدعي أنها تقدم العلاج للمرضى. بصراحة.. هنالك مبادرات جيدة تتطلب تسليط الضوء من بينها مبادرة "تاج الحافظين" التي تستهدف تأهيل طلاب الخلاوى عبر تزويدهم بدورات قصيرة في العلوم الأخرى.. لكن علينا الإقرار بأن هنالك تعمداً لتجاهل بعض الممارسات السالبة التي تحدث في أماكن منوط بها الوقار.. غض الطرف عن هذه الممارسات يشوِّه الصورة الظنيّة الممتازة لهذه المؤسسات الراسخة. assayha
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة