الدكتور منصور خالد حينما يبدع في المقال..

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-16-2024, 09:08 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2016-2017م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-08-2017, 08:50 AM

الأمين عبد الرحمن عيسى
<aالأمين عبد الرحمن عيسى
تاريخ التسجيل: 10-25-2011
مجموع المشاركات: 1680

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الدكتور منصور خالد حينما يبدع في المقال..

    08:50 AM March, 08 2017

    سودانيز اون لاين
    الأمين عبد الرحمن عيسى-قطر
    مكتبتى
    رابط مختصر

    الدكتور منصور خالد يكتب عن الراحل عزيز بطران:
    إرتجفتُ لحظة سماع نعيه، كما ترتجف فروع البان..!!
    ..
    October 31, 2011
    د.منصور خالد:
    قلما أرتجفُ لموت قريب أو صديق، لا لخمود في الشعور، وإنما ليقين عميق ان الموت مصير كل حي. رغم ذلك إرتجفتُ لحظة سماع نعي الراحل عزيز بطران في واشنطون في الإسبوع الماضي كما ترتجف فروع البان..!!
    إرتجاف فروع البان لا يدهش أحداً، فالبان شجر خوار، وما عرفت ان بي خوراً في الطبيعة. هل كان ذلك الرجفان بسبب الفجاءة، من بعد أن أبُل بطران من علة خبيثة، وأخذ يعاود حياته الطبيعية ليموت بسكتة قلبية؟ أم هو جزع عند النوازل، وأي نازلة أكثر من رحيل ذي اثرة عند الإنسان. حاشا لله، إذ علمنا اهلونا الصبر على النازلات. فمنذ الصغر ظللنا نتسمع منهم »وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ«. هؤلاء قوم لم تكن تتلقاهم مصيبة إلا أدرأوها بقولهم »لا إله إلا الله«.
    مصدر جزعي حقاً، ولتعجب ما شئت، هو عدم إيفائي بدين مستحق لصديقي الراحل، رغم أني احسب نفسي رجلاً ميفاءً يأخذ الحق ويعطي الحق. آخر ما يتمناه لنفسه رجل كهذا أن يكون من الذين يبكون الميت ولا يقضون دينه. وعلى هذا الأمر نعود..
    من هو عزيز بطران؟ هو فتى ولد في كسلا، وعشق أرض التاكا (ومن ذا الذي لا يعشقها).
    في تلك المدينة عاش في بيئة صوفية تبدأ يومها بصلاة في سلام، وتختمه بمرحبا بالمصطفى يا مسهلا. هذه هي البيئة التي إنتقل منها عبد العزيز إبن الخليفة عبد الله بطران إلى الخرطوم ليلتحق بجامعتها الوطنية الوحيدة كواحد من أوائل الطلاب الذين إختاروا للدراسة كلية حديثة الإنشاء: كلية الإقتصاد والإجتماع.
    عقب تخرجه بإمتياز من تلك الكلية في عام 1964م، إلتحق بطران بوزارة التجارة والتموين ليقضي بها فترة قصيرة، قبل أن توفده الوزارة إلى بريطانيا لإكتساب المزيد من المهارة فيما يلي تلك الوزارة من مهام.
    إرتحل بطران إلى بريطانيا محملاً بالأمل، ومختزناً في وعيه الحاد كل ما هو جميل في السودان. لايدري أحد أي آمال كان يحمل، ولكن ما أن حط رحاله في بريطانيا إلا وأخذ يتطلع إلى عالم آخر غير عالم البيع والشراء، والمقاييس والمكاييل.
    آثر خريج كلية الإقتصاد المتميز أن ينصرف إلى دراسة التاريخ في جامعة بيرمنجهام، ومن بين كل علوم التاريخ إختار لدراسته موضوع الإسلام الإفريقي وإشعاعاته على السودان..!!
    ذلك مجال لم يطرقه يومذاك إلا نفر قليل من مؤرخينا السياسيين والإجتماعيين، منهم من تفرغ له كلية مثل محمد احمد الحاج، ومنهم من تناول فصولاً منه إذ منعهم من التفرغ الكامل للموضوع تفرغاً كاملاً إنشغالهم بضروب أخرى من ضروب المعرفة: جمال محمد أحمد،
    مدثر عبد الرحيم، يوسف فضل..
    لا شك في أن الدهشة قد أصابت كثيرين من رفاق دربه يومذاك عندما نمى إلى علمهم أن بطران إتخذ موضوعاً لبحثه للدكتوراة سيرة عالم لم ينصرف إليه إهتمام الباحثين السودانيين، بل ربما لم يعرفه أغلبهم: سيدي الشيخ المختار الكُنتي الفهري القرشي، أحد أعلام الطريقة القادرية. إختار ذلك الشيخ العالم موضوعاً للدراسة في معرض البحث عن إنتشار الإسلام في الصحراء الغربية والنيجر الوســـــــيط، وكـــــــــان عنوان الرســـــــــالة:
    (Sidi al Mukhtar al Kunti and the Recrudescence of Islam in Western Sahara and the Middle Niger). على تلك الدراسة أشرف عالمان خبيران بالشـــــــئون الأفــــــريقية هـــــــما الأستــــــاذ بــــرازيلـــــي الأصــــل باولــــو فيرنــاندو فاريـــــــاس (Paulo Fernando de Morales Farias)
    وهو أكاديمي متخصص في تاريخ تمبكتو وسانغاي، والثاني هو سلفه في جامعة بيرمنجهام رالـــــف ويــلــــس (Ralph Willis)
    الذي إرتحل من بعد إلى جامعة بيركلي بكاليفورنيا. من الظاهر أن الأستاذين قد حثا الطالب الذي توسما في نجابة على تبني الموضوع، ولكن لاريب في أن البيئة الصوفية التي نشأ فيها الطالب قد اهلته نفسياً ووجدانياً للقيام بذلك البحث..
    أياً كانت الأسباب، فطن بطران إلى أن الإسلام الأفريقي، أو الإسلام في ما كان يسميه البلدانيون (الجغرافيون) ببلاد افريقيا، قد لعب دوراً هاماً في أسلمة بلادنا، وهو دور لم يلق بحثاً عميقاً، كما سلفت الإشارة، لا سيما فيما يتعلق بدور الطرق الصوفية.
    بلاد افريقيا عند البلدانيين هي المنطقة التي تبدأ من تونس وتنتهي عند السهل الأفريقي بممالكه التاريخية: مالي، كانم، سانغاي، تمبكتو، وداي. إشعاعات ذلك الإسلام إنبعثت من القيروان التي لم ينشئ فيها عقبة بن نافع قلعة عسكرية فحسب، بل أقام فيها أول صرح للمعرفة والتنوير الإسلامي في افريقيا. ومن مسجد عقبة تفرقت تلك الإشعاعات وإنتشرت مرسلة ضوءها وحرارتها إلى الزيتونة بتونس الخضراء، وقلاع التجانية في عين ماضي بالجزائر، وجامعة القرويين بفاس، ومرابط العلماء في صنهاجه وشنقيط وتمبكتو..
    هذه هي المراكز التي إنداح منها الإسلام الصوفي على السودان الكبير (السهل الأفريقي)، ثم من بعد إلى ما كان يعرف بالسودان المصري، قبل أن ينتهي إلى السودان الإنجليزي المصري.
    دون إنكار للدور الذي لعبه متصوفة ذلك الزمان، الذين وفدوا إلى السودان من المشرق (أرض الحرمين)، ومن الشمال (مصر)، كان لمتصوفة أفريقيا الإسلامية القدح المعلى في نقل الإسلام للسودان: القادرية ببطونها وأفخاذها، التجانية، الشاذلية الجزولية.
    حل ببلادنا أولئك الأشياخ بدءً بسودان الغرب (دارفور وكردفان) ثم إنتشروا من بعد في وسطه المنبسط. وسيلة هؤلاء الأشياخ في نشر الدين كانت هي الحسنى والمهاداة، دون أن يفترضوا عصمة لشيخ، أو يدعوا لتقديس آخر.
    كان شعارهم في التبشير: إجعل الكتاب والسنة جناحيك وطر بهما إلى الله، لم يقولوا طر إليه على جناح شيخ ولي، أو عالم، بزعمه، يفتأت في الأحكام أكثر مما يفتي.
    ديدنهم في ذلك هو قول الباز الأشهب، الشيخ المؤسس لطريقة تمددت عبر العالم حتى وصلت السودان وأصبحت أكبر الطرق فيه: الطريقة القادرية. قال الشيخ عبد القادر الجيلاني: يا بُنى اياك أن تنظر إلى شيخك أنه معصوم، إنما هو بشر يخطئ ويصيب. فإن رأيت منه مخالفة فابحث له عن عذر شرعي. فإن لم تجد له عذراً فاستغفر الله له، فإنه بشر يخطئ ويصيب.
    نسأل الله أن يعي هذه الحقائق من حسبوا انفسهم مكتشفي براءة إختراع الإسلام في السودان، أو من ظنوا أنهم ظلال الله على الأرض، فهما سيان في الضلال. لعلهم لو فعلوا لكانوا أقرب إلى الله فعلاً لا قولاً، ومخبراً لا مظهراً
    على أي، عقب تخرج بطران من جامعة بيرمنجهام التحق بجامعة كينية ناشئة، بل هي أول جامعة في كينيا: جامعة كينياتا. وكان إلتحاقه بتلك الجامعة من بعد فترة قصيرة قضاها كمحاضر في جامعة كاليفورنيا، سانتا كروز (1972م 1973م).
    ولكن سرعان ما ترك بطران تلك الجامعة عندما احس بأنها لا توفر له مجالاً للمضي في بحوثه حول الإسلام الإفريقي مؤثراً الإلتحاق بالجامعات التي تمكنه من تطوير معارفه، وتعميق بحوثه في موضوعه الأثير.
    التحق بطران بجامعة هاوارد العتيقة بواشنطون كاستاذ للتاريخ وظل في موقعه ذلك على مدى خمس وثلاثين عاماً حتى رحل. في تلك الفترة تخرج على يديه المئات وأشرف على عشرات من رسائل الماجستير والدكتوراة.
    عمل بطران أيضاً إستاذاً زائراً بجامعة برنستون مشرفاً على البحوث في تاريخ أفريقيا الإسلامية. وخلال فترة عمله في الجامعتين تواصلت رحلاته البحثية إلى المغرب وغرب أفريقيا، كما توالى نشر بحوثه في عديـد الحوليات الأكاديمية مـثل مجلة التاريخ الأفريقي (Journal of African Studies)، مجلة الجـمـعية النيـجيـرية للتـاريخ (Journal of the Historical Society of Nigeria)، كــــراســــــات معــــهــــــــد الــــدراســــــــات الأفــــريقــــــية بــالــمــغــــــرب (Institut des Etudes Africaines,)، وتاريخ افريقيا العام لليونسكو.
    الباحثون المؤرخون كثيراً ما ينكبون على أمور يَلزمونَها ويُلزمون أنفسهم بها، لا يرى فيها عامة الناس بل بعض خاصتهم إلا عملاً لا جدوى من ورائه، ولا فائدة تستدرك من أدائه.
    فإلى جانب الإهتمام الكبير الذي أولى بطران في بحوثه للظروف التي هيأت للإسلام ذ ذ نفسه في التربة الأفريقية، وتوحيد اهليها بمرونة فائــقة، تــناول إيــضاً النــزاعــات الفــقهيــة العلماء في المجال الإجتماعي. في ذلك، تناول بطران قضيتين: الأولى هي الدخان، والثانية الرق.
    وفيما كتب عن الدخان لم يكن بطران يحلل ظاهرة إجتماعية نجمت عن التواصل، تواصل أفريقيا الإسلامية مع الغرب وإنما كان، حسبما ذكر أستاذ التاريخ الإسلامي جون فول في تعليق له على رسالة بطران حول التدخين، يستعرض الأطر الإجتماعية والسياسية التي كانت تكيف الرأي القانوني حول الممارسات الإجتماعية، وتضبط احكام الفقهاء بشأنها. ففي الحوار حول الدخان: أهو مسكر أو مفسد أو مُنوم..!!؟؟
    لم يكن الموضوع الحقيقي الذي شغل بال الباحث هو الدخان في حد ذاته، بل كان همه التوصل إلى مناهج التحليل والإستدلال عند أولئك الفقهاء، وأسلوبهم في تقعيد الأحكام. قال عن تلك الرسالة عالم مؤرخ آخر: رالف ويليس أنها قد قدمت ارضية خصبة للدراسة المقارنة بين القانون والتاريخ الديني..
    الرق الإسلامي، ذلك الموضوع إحتل حيزاً كبيراً في دراساته، خاصة في الفترة التي عمل فيها بجامعة برنستون. الرق ظاهرة عرفها العالم منذ عهوده القديمة: مصر الفرعونية، اليونان، الرومان، ومن بعد إرتبطت الظاهرة بافريقيا عند إستشراء الرق الزراعي، من القارة الأفريقية إلى جزر الهند الغربية والشرقية والولايات المتحدة.
    في زماننا هذا أخذ كل العالم يسعى لتطهير نفسه بالإعتراف بما إقترفه الأسلاف من ذنوب في حق شعوب بأكملها. في ذات الوقت إستحيا المفكرون الإسلاميون ولاذوا بالصمت إلا قلة في تونس والمغرب من الإعتذار عن خطايا الإسترقاق. بطران إجترأ على أحكام لم يسبقه إليها باحث مسلم ممن آثروا الصمت إما خشية، أو جهلاً، او إحجاماً عن قول الحق. وإن كان الصدق مع النفس والمعرفة يكسبان المرء جرأة فكرية، فإن الجهل والإنغلاق الفكري لا يوسعانه إلا الوجل، أو يحملانه على الدجل.
    على المستوى الشخصي، كانت معرفتي المباشرة بالراحل في نيروبي في اوائل سبعينات القرن الماضي. شدتني إليه إهتماماته الاكاديمية، وسعيه الدائب لورود آبار بكر في العلم والمعرفة. حببه أيضاً إلى نفسي روح المرح والفكاهة التي لم تفارقه حتى في أشد حالات مرضه.
    إلا أن أكثر ما قربني منه، أو قربه إلي، كان خلوه مما عُرف به الكثير من أبناء جيلنا: الغيرة الجيلية، التشنج الفكري خاصة في السياسة، والإنغماس الجزافي في الترهات الأيديولوجية..
    تلك صفات كانت وما زالت تحمل نفسي على الإنقباض عن أصحابها بلا هوادة أو لين.
    فإن كان التشنج الطبيعي هو تقبض عضلي غير إرادي، إلا أن التشنج السياسي يصدر دوماً عن إنسداد في خلايا المخ يعطل التفكير. أما الغيرة بين المجايلين فحسبها سوءً انها تعبر عن رغبة الحاسد في ان يُذهب اللهُ عن المحسود خلة موروثة، أو مأثرة مكتسبة. وبما أن كسب المرء لا يكون إلا بعون من الله وجهد من عبده، فإن في مثل هذا الحسد جحود بعطاء الخالق..
    صفات بطران الشخصية ومميزاته الفكرية تلك حملتني إبان تَوليَّ أمر الدبلوماسية السودانية على أن أنشد عونه مع آخرين من ذوي الدربة والقدارة من داخل وزارة الخارجية وخارجها. طمعت في أن يتولى بطران الإشراف على إدارة إستــحدثتــها يومــذاك وأســميتـــها إدارة الرصـــد والتـنـبـوء (Monitoring and Forecast). لا أدري كيف كان البعض سيستقبل هذا الإسم في زمان أصبح فيه نشر خريطة البروج (horoscope) في أحدى الصحف مُنكراً حُملت معه الصحيفة الناشرة، تحايلاً على نشر ذلك المنكرس : ز س. هؤلاء لأسموها إدارة الرجم بالغيب..!!
    رجماً كان أو لم يكن، إستهمتني يومذاك القضايا ذات الطابع المستقبلي: كينيا بعد كينياتا، أثيوبيا بعد هيلاسلاسي، مستقبل الخليج خاصة بعد الهزات التي صحبت إحتلال إيران للجزر الثلاث والسحب التي أخذت تتراكم في الجو عند إستقلال البحرين، العلاقات العربية الإسرائيلية: حرباً أو سلماً. الموضوع الأخير جعل بعض الحواجب ترتفع إذ كيف يجرؤ أحد في عاصمة اللاءات الثلاثة على الحديث عن سلام مع إسرائيل، حتى كإحتمال نظري..!!
    مهما يكن من أمر، إعتذر بطران عن القيام بما دعوته له، إلا أنه أعد للوزارة بحثاً رصيناً عن كينيا بعد كينياتا، كان جد متوافق مع ما آلت إليه الأحداث فيما بعد. ذلك البحث تضام مع بحوث أخرى لفحول الدبلوماسيين: جمال محمد أحمد (أثيوبيا بعد هيلاسلاسي، القضية العربية الإسرائيلية)، صلاح عثمان هاشم (مستقبل الخليج)، او فحول الباحثين زكي مصطفى (قانون البحار وثروات البحر الأحمر)، فيصل عبد الرحمن على طه (حدود السودان خاصة الشرقية والجنوبية)
    إنتقل بطران من بعد نيروبي إلى واشنطون ليقيم فيها ، وطاب مقامه هناك بعد إقترانه بهادية طلسم، رعاها الله ومن أنجبت. كفاها توفرها على رعاية رجل لم يكن يكلف احداً رهقاً، بل كان يغدو ويروح في داخل منزله كالنسيم كي لا يثقل على أحد.
    واشنطون مدينة قرية لا كغيرها من المدن الامريكية الممتدة والمتشعبة. هي قرية يسودها هدوء غريب عندما يغبش الليل. فمنذ الرابعة مساءً يهجرها قرابة نصف سكانها إلى ضواحي المدينة، يخرجون منها متسارعين يركب بعضهم بعضاً إلى تلك الضواحي. هؤلاء هم البيروقراطيون الذين تتكدس بهم مكاتب الدولة ومؤسسات المدينة الإقتصادية. تلك المدينة / القرية عرفتها زائراً ومقيماً.
    ويوم حللت في المدينة مقيماً في مطلع الثمانينات كزميل باحث في معهد وورد ويلسون ذكرت الصحاب القدامى ومنهم بطران. إلتقيت به وطربت باللقاء طرب الواله أو المختبل. طربي كان طرب إرتياح لا كطرب النابغة الجعدي صاحب هذا القصيد
    سألتني أمتي عن جارتي
    وإذا ما عُي ذو اللب سأل
    سألتني عن أناس هلكوا
    شرب الدهر عليهم وأكل
    وأراني طرِباً في ذكرهم
    طرب الواله أو المختبل
    الطرب أغلب ما يكون عند الإرتياح، إلا انه يعني أيضاً الإهتزاز من حزن أو غم، كالغم الذي إنتاب النابغة..
    كنت وجماعة من الراحلين: الرشيد عثمان خالد، صلاح عثمان هاشم، عثمان حسن احمد وبعض نفر من الباقين نتلاقى في مقاصف المدينة ومسارحها ومكتباتها.
    في كثير من تلك اللقاءات كان بطران هو نقطة الإلتقاء، بل بؤرة الضوء التي تلتقي عندها الأشعة. كان يُعَمرُ نفوسنا بكل ما هو جميل، أو ممتع، أو مفيد. لا عجب، إذ كان بطران يبحر في أفق مفتوح. إتسع افقه للدراسات الأكاديمية، وللموسيقى، وللأدب، وللرياضة دون أن تختلط عليه الأمور. عرفت قليلاً من البشر تحتدم في دواخلهم المتناقضات ولا يفقدون توازنهم. ما أكثر ما كنت أرضخ لهؤلاء الصحاب وهم يغزون داري في بيثيسدا دون ميعاد لإقتلاعي من مكتبي للإرتحال معهم إلى أندية الجاز والبلوز في الشوارع الخلفية لقرية جورج تاون، أو لزيارة مطعم جديد في المدينة، أو للإلتقاء بزائر لا يستثقلونه، وما اكثر الثقلاء الذين كانوا يفدون على المدينة. ليكدرون على الناس صفو الحياة. كان صحبي هؤلاء يعرفون انني أقبع في داري لائذاً بكتبي وموسيقاي لأنهما يغنياني عن الناس أغلب الناس. كما كانوا يعرفون أن الكتابة هي الأكسير الذي يقني من الإنفجار. ذلك قول لم يكن، بوجه خاص، يقنع عثمان وبطران فيردفا قائلين: نعرف هذا ولكن هيا بنا إلى جورج تاون ففيها أكسير آخرً. في نهاية الأمر، كنت ارخي لهم العنان، لسبب واحد هو انني لم أكن زعيماً بحال انني أكثر إنكباباً أو حرصاً على القراءة من عثمان، ولا على البحث من بطران، ولا على الخلوة من صلاح هاشم..
    ما الذي بقي للمرء بعد رحيل تلك الكوكبة من الفاضلين؟ ما الذي بقي بعد إنكساف البؤرة التي تتلاقى عندها الأشعة، فالبؤرة في علم الطبيعة هي ملتقي الإشعاع كما هي مفترقه. ثم هل يفيد الصحب الأقربون والأهل الأدنون، في لوعة فراق الميت وترقب المزيد من عطائه، أن يقولوا مع الشاعر محمد بن عبدالله عند فقده لولده
    يا موتُ لو اقلت عُثرتَه
    يا يومه لو تركتَه لغد
    أو كنت ارخيتَ في العنَان له
    حازَ العلا واحتوى على الأمد
    لا أظن ذلك.
    ليس من طبعي التشاؤم، بل لا أجعل للحزن سلطاناً على نفسي، ما أستطعت إلى ذلك سبيلا. مع ذلك، عند تذكري لتلك الكوكبة الوشنطونية الرائعة: صلاح عثمان هاشم، الرشيد عثمان خالد، الوليد محمد طه الملك، عثمان حسن أحمد، ثم بطران، لم افلح في قهر نفسي عن إستذكار واحدة من قصائد إدجار الان بو (Edgar Allan Poe)، بل أقول أعظم قصائده، بل هي في رأي الكثير من النقاد واحدة من عيون الشعر الأمريكي. تلك هي قصيدة الغراب الأسحم (The Raven). الغراب طائر مشئوم، ولعل شؤمه هذا هو الذي دفع بو لإختياره ليكون نجياً له، بدلاً من الببغاء مثلاً. القصيدة مرثية في لينور (Lenore) صفية الشاعر التي حزن حزناً كبيراً على فراقها. ولكن بو، بطبعه المتشائم والمأساوي، رأى حتى في ذلك الحزن جمالاً، بل ذهب إلى وصف الحزن بأن أعلى درجات الجمال لأنه يثير في النفس المشاعر الدفينة، ويدر الدموع الغاسقة. كان بو يجلس كل يوم في عتمة الليل البهيم في الغرفة التي كان يتشاركها مع ليونور في إنتظار شئ سيجئ. في إنتظار عودة لينور، فلا يجيئه إلا صوت الغراب المشئوم يردد: لن يعود… لن يعود ما مضى لن يعود
    على خلاف ادجار الان بو نحن أهل يقين ديني تعلمنا منه «إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ». لهذا لا يكون عزاؤنا لأنفسنا إلا في الذكرى، «والذكريات صدى السنين الحاكي». قطعاً سيعود المرء ما أمتد به العمر إلى المناهل التي كان يرتاد، سيعود إليها كما يعود أهل افريقيا إلى موارد الماء القديمة. ومن حكمهم: «عندما نعود إلى موارد المياه القديمة لا نفعل ذلك من أجل الماء بل لأن الذكريات تنتظرنا هناك». أحباب كثر لنا ماتوا فأقبروا، وفي قبورهم أجداث ستنسل إلى ربها يوم القيامة. ولكن بجانب الأجداث تضم قبور البعض ايضاً رفوات أحلام جميلة وذكريات باقية.
    قلت أنني ساعود على بدء بشأن الدَين المستحق لبطران. ففي لقائي الأخير معه قبل بضع أعوام قدم إلي وثيقتين، الأولى هي بحث لعله آخر ما كتب حول صراعات العلماء في أفريقيا الإسلامية (نشرته مجلة المغرب الأفريقي)، والثاني كتيب لا يتجاوز المائة وخمس وعشرين صفحة إختار له عنوان «حنين إلى كورة زمان». الكتيب، فيما علمت منه، سطا عليه أحد قراصنة النشر وطبع منه، دون إذن صاحبه، بضع عشر عشرات أو إن شئت مئين من النسخ.
    أشار بطران وهو يقدم لي كتاب ذكرياته: «أريد منك أن تعمل على طبعه من جديد ، وأن تقدم له». قلت للراحل «كتابك كتاب حنين والمرء يعاوده الحنين إلى ما ألف، ويَستَحِنه الشوق إلى ما عرف، فما بالك تريد مني أن أقدم لكتاب يذكرك بماض الفته، ولم أكن الوفاً له، أوشغوفاً به». قال: «أو لم تكن صديقاً للأمير، إقرأ المقدمة». أطللت على مقدمة الكتاب التي صاغها بطران باللغة الإنجليزية وجاء في مطلعها: «إلى نجم النجوم، الإسطورة الخالدة، أعظم لاعبي الكرة في هذا الزمان وكل زمان، الأمير صديق منزول». قلت: «هذا تقريظ جيد لمنزول وأنت تستدعي ذكراه». قال: «هو تقريظ لمنزول فحسب، فلم يأت الوقت بعد ليكون منزول ذكرى». وعلى أي، كان بطران محقاً في جانب، إذ تعود علاقتي بمنزول إلى عهد الطلب في المدرسة الوسطى، ثم بصورة أوثق إبان تولي وزارة الشباب والرياضة. في تلك الفترة امتدت لقاءاتنا وتواصلت، وأعان على ذلك نفاج كان يصل بين مكتبي في الوزارة ومكتبه في ديوان المراجع العام.
    نابني إحساس بأن الذي كان يبتغيه بطران ليس هو إضافة شئ لم يكن يعرفه الناس عن «الإسطورة الخالدة»، وإنما الإنتصاف لرجل فريد يخطئ من يسعى لإختصاره في لاعب كروي ساد ثم باد. ففي منزول الذي عرفت صفات إنسانية أكسبته فرادة، وصفات خلقية ميزته عن الأقران، ثم إستعلاء حميد لم يكن يبتغي منه الترفع عن الآخرين بقدر ما كان يفرض عبره على نفسه قبل غيره – سلوكاً يتوجب على كل صاحب مهنة أو صنعة ان يلتزم به. فالطبيب البارع، والقانوني الحاذق، والمعلم الجيد، والرياضي المبدع ينبغي أن لا يتوقعوا تقديراً من الناس لحذقهم، وبراعتهم، وجودة أدائهم لمهنتهم إن لم يصحب الحذق والبراعة والتجويد والإبداع إلتزام بأخلاقيات المهنة التي إمتهنوا، وبمدونة السلوك التي تضبط الأداء في تلك المهن والرياضات
    زادت يقيني بحب بطران لمن اسماه «الأسطورة الخالدة» إيماءات خلال حديثه عن رحلته إلى السودان في ثمانينات القرن الماضي. بواعث الرحلة في ظاهرها كانت شغفه بالديار، وبمن سكن الديار. وبما أن لكل شئ ظاهر مرئي وباطن خفي، فالباطن الخفي في تلك الزيارة كان هو رغبة بطران لإخراج صديقه نجم النجوم من حالة غم كان عليها. زاد من غم منزول وهمه، فيما روى بطران، رحيل خلصائه: سورين وكوركين أسكندريان، عبد الرحمن صغيرون، ثم غياب شيخ الرياضيين ومؤدبهم الدكتور عبد الحليم محمد عنه من بعد أن أقعدته السنون. يالها من سنون تلك التي تقعد العماليق. من تلك الزيارة عاد بطران موجعاً أسيانا. لم آلو جهداً، علم الله، في السعي للإيفاء بما وعدت صديقي وتعهدت به راضياً. ولكن ما حيلتي مع الناس؟ فمن بين كل من أوصى بطران بإمدادي بما يسد الفجوات فيما كنت أنتوي كتابته لم تصل إلى ومن بعض البعض غير جذاذت (والجذيذ قطعة من حطام)، أو بضع صور فوتوغرافية أشكر عليها الأستاذ أمين زكي. والآن وقد ذهب بطران إلى ربه راضياً مرضيا ما علي إلا أن أستحصد العزم للإيفاء بمهمة غير عسيرة أناطها بي راحل عظيم
    ما هو أكثر جدارة بالعناية هو دراسات الراحل التي نشرت بالإنجليزية ومن حق القارئ العربي أن يطلع عليها. في رثائه لطالبه النجيب عبر أستاذه البرازيلي فارياس عن حزن عميق لإضطرار بطران إلى تلخيص رسالته للدكتوراة في كتيب صغير طبعه معهد الدراسات الأفريقية بجامعة محمد الخامس تحت عنوان: «الطريقة القادرية في غرب أفريقيا والصحراء الغربية: حياة وزمان الشيخ المختار الكنتي 1729م 1811م. قال فارياس أن ذلكك الإختصار قد ظلم الكاتب ظلماً بيناً، كما عفى على الصعوبات الجمة التي عاناها في بحثه حتى يلقي الضوء على الكثير مما كان يجهله الباحثون». من أقمن بالإهتمام بجهد هذا الباحث غير الجامعة أنجبته: جامعة الخرطوم، وبوجه خاص كلية الآداب ومعهد الدراسات الأفريقية والأسيوية؟ ومن غيرهما أكثر إدراكاً أو ينبغي أن يكون بأن إهدار الآثار العلمية هو والفتاة مهدرة الجمال سواء؟!
    عن الراي العام
                  

03-08-2017, 10:27 AM

Saifaldin Fadlala
<aSaifaldin Fadlala
تاريخ التسجيل: 12-20-2015
مجموع المشاركات: 832

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الدكتور منصور خالد حينما يبدع في المقال.. (Re: الأمين عبد الرحمن عيسى)

    صفات بطران الشخصية ومميزاته الفكرية تلك حملتني إبان تَوليَّ أمر الدبلوماسية السودانية على أن أنشد عونه مع آخرين من ذوي الدربة والقدارة من داخل وزارة الخارجية وخارجها. طمعت في أن يتولى بطران الإشراف على إدارة إستــحدثتــها يومــذاك وأســميتـــها إدارة الرصـــد والتـنـبـوء (Monitoring and Forecast). لا أدري كيف كان البعض سيستقبل هذا الإسم في زمان أصبح فيه نشر خريطة البروج (horoscope) في أحدى الصحف مُنكراً حُملت معه الصحيفة الناشرة، تحايلاً على نشر ذلك المنكرس : ز س. هؤلاء لأسموها إدارة الرجم بالغيب




    إدارة الرصـــد والتـنـبـوء
    بالله انظروا الي تلك العقول التي كانت تخطط للسودان والنهوض
    لولا نزق نميري وتحرقصه لكنا بلد ذو شأن,,ولو اتي من يطرح هذا الامر
    الان لاتهموه بالخبل والهبل وقلة الشغلة ولردوا عليه بعنطزة(نحن القدامنا ده عارفينو!)
    ويجعلوه يندم علي يوم مولده ويوم مقترحه,كندم بروفسور معهد سكينة لتعليم الاطفال ذو الاحتياجات الخاصة
    حين سأل نميري عونا ماديا للمعهد ,,نحن النصاح عملنا ليهم شنو؟! كان هذا رد نميري

    تحياتي استاذ الامين
                  

03-08-2017, 10:43 AM

اسماعيل عبد الله محمد
<aاسماعيل عبد الله محمد
تاريخ التسجيل: 08-26-2007
مجموع المشاركات: 2947

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الدكتور منصور خالد حينما يبدع في المقال.. (Re: الأمين عبد الرحمن عيسى)

    متعة القراءة فيما يكتب منصور ينصر دينه.
    ورحم الله بطران.


    شكراً الأمين,,,,
                  

03-08-2017, 11:02 AM

نصر الدين عثمان
<aنصر الدين عثمان
تاريخ التسجيل: 03-24-2008
مجموع المشاركات: 3955

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الدكتور منصور خالد حينما يبدع في المقال.. (Re: اسماعيل عبد الله محمد)

    أخي الأستاذ الأمين ... تحياتي ولضيوفك الأكارم،

    يا لها من مائدة عامرة بكل ما تلذ له النفس..
    رحم الله الدكتور عزيز بطران.. ومتع الدكتور منصور بالصحة والعافية..

    Quote: في كثير من تلك اللقاءات كان بطران هو نقطة الإلتقاء، بل بؤرة الضوء التي تلتقي عندها الأشعة. كان يُعَمرُ نفوسنا بكل ما هو جميل، أو ممتع، أو مفيد. لا عجب، إذ كان بطران يبحر في أفق مفتوح. إتسع افقه للدراسات الأكاديمية، وللموسيقى، وللأدب، وللرياضة دون أن تختلط عليه الأمور. عرفت قليلاً من البشر تحتدم في دواخلهم المتناقضات ولا يفقدون توازنهم. ما أكثر ما كنت أرضخ لهؤلاء الصحاب وهم يغزون داري في بيثيسدا دون ميعاد لإقتلاعي من مكتبي للإرتحال معهم إلى أندية الجاز والبلوز في الشوارع الخلفية لقرية جورج تاون، أو لزيارة مطعم جديد في المدينة، أو للإلتقاء بزائر لا يستثقلونه، وما اكثر الثقلاء الذين كانوا يفدون على المدينة. ليكدرون على الناس صفو الحياة. كان صحبي هؤلاء يعرفون انني أقبع في داري لائذاً بكتبي وموسيقاي لأنهما يغنياني عن الناس أغلب الناس. كما كانوا يعرفون أن الكتابة هي الأكسير الذي يقني من الإنفجار. ذلك قول لم يكن، بوجه خاص، يقنع عثمان وبطران فيردفا قائلين: نعرف هذا ولكن هيا بنا إلى جورج تاون ففيها أكسير آخرً. في نهاية الأمر، كنت ارخي لهم العنان، لسبب واحد هو انني لم أكن زعيماً بحال انني أكثر إنكباباً أو حرصاً على القراءة من عثمان، ولا على البحث من بطران، ولا على الخلوة من صلاح هاشم.. ما الذي بقي للمرء بعد رحيل تلك الكوكبة من الفاضلين؟ ما الذي بقي بعد إنكساف البؤرة التي تتلاقى عندها الأشعة، فالبؤرة في علم الطبيعة هي ملتقي الإشعاع كما هي مفترقه. ثم هل يفيد الصحب الأقربون والأهل الأدنون، في لوعة فراق الميت وترقب المزيد من عطائه، أن يقولوا مع الشاعر محمد بن عبدالله عند فقده لولده يا موتُ لو اقلت عُثرتَه يا يومه لو تركتَه لغد أو كنت ارخيتَ في العنَان له حازَ العلا واحتوى على الأمد لا أظن ذلك.


    Quote: نابني إحساس بأن الذي كان يبتغيه بطران ليس هو إضافة شئ لم يكن يعرفه الناس عن «الإسطورة الخالدة»، وإنما الإنتصاف لرجل فريد يخطئ من يسعى لإختصاره في لاعب كروي ساد ثم باد. ففي منزول الذي عرفت صفات إنسانية أكسبته فرادة، وصفات خلقية ميزته عن الأقران، ثم إستعلاء حميد لم يكن يبتغي منه الترفع عن الآخرين بقدر ما كان يفرض عبره على نفسه قبل غيره – سلوكاً يتوجب على كل صاحب مهنة أو صنعة ان يلتزم به. فالطبيب البارع، والقانوني الحاذق، والمعلم الجيد، والرياضي المبدع ينبغي أن لا يتوقعوا تقديراً من الناس لحذقهم، وبراعتهم، وجودة أدائهم لمهنتهم إن لم يصحب الحذق والبراعة والتجويد والإبداع إلتزام بأخلاقيات المهنة التي إمتهنوا، وبمدونة السلوك التي تضبط الأداء في تلك المهن والرياضات

                  

03-08-2017, 11:28 AM

نزار عبد الوهاب
<aنزار عبد الوهاب
تاريخ التسجيل: 05-14-2014
مجموع المشاركات: 582

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الدكتور منصور خالد حينما يبدع في المقال.. (Re: الأمين عبد الرحمن عيسى)

    رجال من الزمان الجميل ...
    نسأل الله الرحمة والمغفرة للراحل المتفرد عزيز بطران ...
    والشكر الجميل للدكتور منصور أن شاركنا هذه المائدة الدسمة ...
                  

03-08-2017, 11:53 AM

ياسر منصور عثمان
<aياسر منصور عثمان
تاريخ التسجيل: 01-16-2013
مجموع المشاركات: 4496

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الدكتور منصور خالد حينما يبدع في المقال.. (Re: الأمين عبد الرحمن عيسى)

    سلام الامين وضيوفه الاكارم

    رغمي انني قرأت هذا المقال قبل فترة
    إلا انني استمتع به وكأنني اطالعه لاول مرة..
    دكتور منصور لا يبارى في الكتابة وجزالة الاسلوب

    شكراً جميلاً لك وله
    والرحمة للراحل عزيز جبران

    مع ودي
                  

03-08-2017, 02:36 PM

علي عبدالوهاب عثمان
<aعلي عبدالوهاب عثمان
تاريخ التسجيل: 01-17-2013
مجموع المشاركات: 12500

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الدكتور منصور خالد حينما يبدع في المقال.. (Re: ياسر منصور عثمان)

    ولكن بو، بطبعه المتشائم والمأساوي، رأى حتى في ذلك الحزن جمالاً،
    بل ذهب إلى وصف الحزن بأن أعلى درجات الجمال
    لأنه يثير في النفس المشاعر الدفينة، ويدر الدموع الغاسقة.

    =================================

    شكراً حبيبنا الأمين .. على هذا الاختيار الجميل ..
    تلك العبارة تكفيني وتزيد .. لأننا في حزن ولا بد ترويض الحزن ..
    أطال الله في عمر هذا الرجل الشامخ منصور ..
    رحم الله عزيز بطران رجل بقامة العالم وعلمائه
    وعزاءنا إلى أختنا هادية طلسم ..

    الشكر متواصل حبيبنا
                  

03-08-2017, 05:49 PM

الصادق يحيى عبدالله
<aالصادق يحيى عبدالله
تاريخ التسجيل: 10-02-2009
مجموع المشاركات: 929

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الدكتور منصور خالد حينما يبدع في المقال.. (Re: علي عبدالوهاب عثمان)

    Quote: سلام الامين وضيوفه الاكارم رغمي انني قرأت هذا المقال قبل فترة إلا انني استمتع به وكأنني اطالعه لاول مرة.. دكتور منصور لا يبارى في الكتابة وجزالة الاسلوب شكراً جميلاً لك وله والرحمة للراحل عزيز جبران مع ودي


                  

03-09-2017, 09:17 AM

الحاج حمد الحاج
<aالحاج حمد الحاج
تاريخ التسجيل: 03-29-2008
مجموع المشاركات: 4800

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الدكتور منصور خالد حينما يبدع في المقال.. (Re: الصادق يحيى عبدالله)

    شكرا الأخ الأمين عبد الرحمن..
    كتب منصور خالد عن جمال محمد أحمد
    Quote: في ربيع عام 1986م كان آخرُ لقاءٍ بيني وبين أستاذي الصديق جمال محمد أحمد. كان اللقاء في مقهى الدونيه في شارع فيا فينيتو بمدينة روما التي كان جمال يعشقها، وكنت وما فتئت أفعل. فروما مدينة يضمخُها عبير الحضارة، وتكسوها هيبة آثارها الشامخات، وتفتح ذراعيها لكل قادم إليها لا يُضمِر لها شراً. أمضيت مع شيخي جمال ثلاثِ ساعات تبادلنا فيها الحديث حول العام والخاص والخصوصي، ثم إستودعته إلى لقاء. الوداعُ في اللغة هو تمني الدَعةِ للراحل حتى يقفل راجعاً، ولكن رحيل صديقي كان رحيلاً لا قفول معه. وُسد جمالٌ الثرى بعد ذلك اللقاء في لحظة غفله، والحَينُ قد يَسبقُ جُهدَ الحريص. ويوم أُلحد جمالٌ في قبر مُوحش قلت إنه سيظل يعيشُ بين بناته وأبنائه الطبيعيين والروحيين في حدقات العيون وسويداء القلوب. بل سيظل - بما سجل من دخائر، وخلف من خرائد - النور الهادي لمريديه، لا سيما من بعد أن أدلجوا في سكك لا نَجيَ فيها. وفي قول لعبد بن الحساس : إذ نحن أدلجنا فأنت أمامُنا كفي لمطايانا بوجهك هادياً فكر جمال، كوجهه، سيظلُ أبدَ الدهر جهيرَ الرواء. وفد جمال إلى روما للقاء ابنه / مُريده من بعد أن قضت مكايدُ السياسة بحرمانه من وطنه آنذاك. وفد إلى المدينة يحثُ ابنه على العود إلى الوطن بعد أن تبدل في نظره الحال، وبان للناس ضوء خفيت في آخر النفق. قال لي «فلتعد إلى أهلك وصحابك إذ أن الوقتَ موات، وعلك تقنعُ صاحبَك يوحنا أن يعود». يوحنا هو الاسم الذي كان يطلُقه جمال على جون قرنق. وكان جمالٌ قد نشر على الملأ قبل لقائنا الروماني رسالة حميمة مُفعمة ً بالحب وجهها إلى العقيد جون قرنق في جريدة السياسة في السادس من مايو عام 1985م. إفترعَ جمالٌ مقاله بالقول: «ما من عادتي الكتابةُ لأخواني في الصحف، لكني مضطرٌ هذه المرة لأني اريدُ الحديثَ معك، وإنا حريص أن تعرفَ بعض أفكاري التي يُمكن كتابتها في رسالةٍ مفتوحة. فأنا لا اذكر أنا تحدثنا معاً، ومع ذلك عندي إحساسٌ أني أعَرفك لكثرةِ ما سمعتُ عنك من إخوانك الشماليين والجنوبيين وكله كلامٌ يشجعني على الإتصال بك». ثم مضى جمال يقول في رسالته إنه جدُ واثق من أن المجلس العسكري سيفي بوعدٍ قطعَه بتسليم السُلطةِ للمدنيين بعد عام واحد وأن ما كان يُسمى بقوانين سبتمبر ستُعالج عبر إتحاد المحامين على الوجه الذي يُرضي الجميع. كان جمالٌ معذبَ النفس بتمزُق وطنه، وكان من أكثر الناس حرصاً على وحدتها. قلت لشيخي وصديقي «إن أزمة السودان عميقة ُ الجذور، فجذُورها تمتد إلى أزمنة سبقت قوانينَ سبتمبر وسبقت الحربَ الأهلية الثانية التي اندلعت في أوائل ثمانينيات القرن الماضي. ثم مضيت أقول لجمال لعلك المفكرَ السوداني الأول الذي ذهب إلى تحليل عميق للمكونات الثقافية للوطن السوداني بأبعادها المختلفة والمتنوعة والمتشابكة. إرتحلت من بعد بشيخي الصديق إلى دورهِ في بداهةِ عهده بالحياة العامة كسكرتير للجنة التمهيدية لتأسيس مؤتمر الخريجين. ذلك موقع إحتله جمال مع يفاعته من ضمن مجموعة من الرعيل الأول من الخريجين: « إسمعيل الأزهري، أحمد عثمان القاضي، محمد عثمان ميرغني، عبد الماجد أحمد، عثمان شندي، معنى محمد حسن، إسمعيل عثمان صالح، إبراهيم أحمد حسين، عبد الله ميرغني، مكي شبيكة، أحمد محمد يس». في ذلك الندى هب إسمعيلُ الأزهري منادياً بتكوين القومية السودانية ومتسائلاً: «ما لنا نتضآلُ في بلدِنا ونتخاذلُ في حقنا ....... أوما آن لنا أن نقفَ على أرجلنا. أما آن لنا أن نثبتَ وجودَنا ونعتزَ بسودانيتنا». أضاف الأزهري: «إذا قُسمت بلادُ الله إلى هند وصين ومصر، وكان ساكنُ ذلك هندي، وهذا صيني، وذا مصري، فأنا وأنت سوداني، وهذا سوداننا. إن لم نكن سودانيين فماذا نكون؟. ودعا عبد الماجد أحمد في نفس الندى إلى قومية سودانية بدلاً من التعزي بالأنساب والتفاضل بالأعراق، وكان في ذلك جد محق لأن «التفاضُل بالأنساب أقلُ مناقِبِ الخير غِناءً عند أهلها في الدين أو الدنيا»، هذه كلمات لابن المقفع (الأدب الكبير). اما جمال فقد ذهب إلى حث المؤتمر على أن يلعبَ الدورَ الرئيس في صهر القومية السودانية. قال: «نحن شعوبٌ لا شعب، فنوبة الشمال وعربُ الوسط، وُزنجُ الجنوب والشرق عناصرٌ متنافرة لا تآلف بينها ولا تعاضد ولا تداخل». ثم مضى يقول إن صَهْرَ هذه العناصر ليس بالأمر العصي إذ ليست بيننا ثاراتٌ قديمة، ولا أحقادَ كامنة، ولست أرى انجع من التقريب المادي بالتجارة، والرباط المعنوي بالتعليم وليس بضائر ايانا أن يطولَ الزمانُ في صهر هذه الوحدات». كان ذلك في ديسمبر 1973م، أي قبل نصف قرن من الزمان الذي ألتقيت فيه بجمال في روما. في تلك الفترة سالت مياهٌ غزيرة تحت الجسر وصحبتها حروب ومآسي لأنا لم نفلح في ترجمة رؤانا الصائبة إلى واقع حتى حُمل الرجل الذي أذن في أم درمان في ديسمبر 1937م أن «حي على الفلاح» أن يقول في 17/10/1986م وهو يقدم مجموعة أقاصيصه (سالي فو حمر) مخاطباً ابنيه اللذين أهدى لهما تلك المجموعة: «أسرفت في الحديث عن عبقرية العربية لأني كما يقولُ أهلُنا في السودان «ممكون» ولا أريد أن تكونا مثلنا. نحن جيل الهزيمة والشقاق. من يدري، ربما أسلمناكم بلداً واحداً عزيزاً. ولكن إن أخفقنا، لم كان إخفاقنا؟ أسألوا». لله در جمال الذي كان يرى بأم عينه، ويتأمل ببصيرته، ثم يمضي بعزم اســبارطي ليسـمي الفـأس فـأساً (call the spade a spade). لم يكن جمال - بردَ الله قبره - بطريركا - مثل بطريرك جبرائيل قارسيا ماركيز الذي حباه الله بمناعة إسطورية ضد التجدد والتفاعل مع المتغير. كل شئ عند البطريرك ثابت. عاش جمالٌ متصالحاً مع نفسه، ومتآلفاً مع رؤاه لم يتعزى بعصبية، أو يستنصر لمذهب أو فرقة، بل سَما بإنسانيته المحضة وبذلك، برئ من داء التفريق بين الناس على أساس العرق أو الأصل أو الثقافة أو الدين. نشأ جمال النوبي وترعرع في صباه في ارض النوبة - أو ما كانت ارضا للنوبة قبل أن يبتلعها اليم - وظل بها يفاخر. حق له أن يفخَر بالأرض التي أنجبت أولى حضارات افريقيا ووادي النيل، بل الأرض التي ما أنفكت افريقيا، بل العالم، يفاخران بإسهامها في الحضارة الإنسانية. تلك الأرضُ النجيبة أنتهى وصفُها عند بعض الرقعاء ببلاد البرابرة. لا أقول يا لها تلك من كلمة نابية عوراء. وإنما أقول ما اتعسهم أولئك الذين لا يدركون مآثرهم التاريخية التي ينبغي عليهم أن يفاخروا بها. رعي الله القاصَ النوبيَ المصري حجاج أدول حين قال: «أهلنا سمر ولكنهم يحتفظون بشموسهم في وجوههم». تلك هي شموس الحضارة النوبية، الشموس التي ظلت تشع منذ زمان قديم وما زالت لها آثارٌ ومعالمُ باقيات. جمال النوبي الذي إستعرب في المدرسة (وإصطحب معه سره شرق إلى الخرطوم) فطِن أيضاً إلى البُعد العربي الإسلامي في الشخصية السودانية فعكف على قراءة كتاب الله كما لم يقرأه كثيرون. كتاب الله بحر طامح (اَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاءٌ فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَّابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاء حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ) «الرعد، الآية 17» وعن ابن عباس في تفسير القرطبي الماء هو القرآن، والأودية هي القلوب تحمل منه على قدر اليقين والشك، وبسعة العقل والجهل. إقبال جمال على كتاب الله كان على هذا النحو الذي أوصفه ابنُ عباس، فأحسن فهمه وإستجاد تأوِيله. سعى جمال أيضاً للنهول من موارد اللغة العربية حتى تملك ناصية اللغة وأرتأضت له قوافيها، بل جعل منها اللغة الأولى لأبنائه. ففي رسالته لعارف وعاطف ذكرَّهما بما كان يعاني من مشقة في دراسته للشعر العربي القديم وحثهما على إحتمال تلك المشقة دون أن يغفلا أرفاد تلك اللغة بدم حار دافق. لم يُنسى إستعرابٌ جمال سره شرق، بل حملها معه إلى حي العمارات في الخرطوم، وهكذا الإنسان لا ينزعُ عن ذكريات الصبا. لم تنضْب حرارةُ حب جمال لمراتع الطفولة، أو يتركها عمداً كما فعل البحتري :إني تركتُ الصبا عَمداً، ولم أكدِ من غير شيب ولا عَزل ولا فَنَدمن كان ذا كبدٍ حري فقد نَضَبتحرارةُ الحب عن قلبي وعن كبدي لا غرو في أن ينتهي الأمر بجمال المستعرب لأن يكون واحداً من جهابذة تلك اللغة عندما أضحى عضواً في مجمع اللغة العربية. والجُهباذ هو الخبير بغوامض الإمور. رغم ذلك، لم تجعل عروبة ُ جمال منه كاتبَ القبيلة أو مثقفاً من مثقفي الحظيرة. أولئك هم الذين أخذوا يبحثون، بسبب من ثقافتهم العربية عن جذور ؟ جلها متوهم ؟ في جزيرة العرب، بل لا يرضى الواحد منهم عن قريش بديلاً. اتجه جمال للبحث عن جانب آخر في الشخصية السودانية: الجانب الأفريقي بكل إمتداداته والذي تكرست حوله وهومٌ أصبحت لحمة وسدى لتاريخ السودان المعاصر. التمركز على الذات بين النخب السودانية التي عاصرها جمال حال بينهم وبين الوعي المتوازن بالذات. رغم أن الوعي بالذات، في بلد متعدد الإعراق، ومتنوع الثقافات واللُغى، لا يكتمل إلا بتعميق الوعي بالغير. الوعيَ الذي إصطنعته تلك النخبة وجعلت منه تاريخاً ثابتاً يتبناه «المجتمع السوداني» ليس وهما فحسب، بل إن المجتمع نَفسه كائنٌ وهمي تصطنعه دوما العناصر المكونة له. في الوقت الذي كانت تلك النخب توالي فيه ترديد وهومها وهي تُزيف التاريخَ في بعض الأحيان، وتختزله في أغلبها، وتمحو من الذاكرة ما تتمنى محوَه، وتنظرُ للحاضر بعيون مطفأة إن لم تكن عمياء، كان جمال في حفره الأركيولوجي، وتحليله السياسي، ومقاربته بين الأديان والثقافات يسعى للتوفيق بين مكونات ذاته المتنوعة، ولا يجد في ذلك حرجاً. كان في معرض بحثه عن الذات يتجاوز حدود الزمان والمكان يبحث عن إصول ذاته في معبد بوهين، وسيدة فرس التي إستنقذها من الضياع نوبي آخر حقيق بأن يذكره الناس في هذه المناسبة، وكل مناسبة: نجم الدين محمد شريف. وكان يبحثُ عنها في ديوان العرب، وفي مباحث الفلاسفة عن نشأة الأمم. وكان يستنجد في بحوثه الأفريقية بالشيخ أنتا ديوب و حميدو كان. بل كاد أن يكون مثل ديوجين الإغريقي الذي كان يحمل مصباحه في رابعة النهار ليرى الحقيقة. قلت لأستاذي / صديقي ؟ وأنا أعود على بدء ؟ يوحنا يريد أن يكمل مشواراً بدأته وسرت في دربه واثقاً. ثم قلت إنه مع حسن نواياك وثقتك في القوم لا أرى - للمرة الأولى - ما ترى. كنت في ذلك صادقاً لأنني لا أذكر أن إختلفت مع جمال في تقويمنا للأحداث العامة. وعلى أي، مضيت في القول بأن الذي يحملني على ما يشبه اليأس تواترُ الفشل وتكرارُه. والفشل إن لم يكن حافزاً على تصحيح المسار يصبح داءً باثولوجياً أكثر منه خطأ في التقرير، أو عجزاً في الحساب. ولو كان الأمر أمرَ خلاف في الرؤى لهان الأمر. الرؤية كانت واضحة، والتجاربُ متوافرةٌ: في الصين، أو الهند، أو مصر، كما قال الزعيم الأزهري. الأزمة أحسن في وصفها جمال في رسالته لابنيه كان الأعمى أحدُ بصراً من آبائنا الأفاضل، وفضلهم لا ينكر في مجالات شتى. قال المعري، من بين ما قال، في قصيدته: يقول لك العقل الذي بين الهدى: وما الوقت إلا طائرٌ يأخذ المدى فبادره، إذ كلُ النُهى في بداره

    (عدل بواسطة الحاج حمد الحاج on 03-09-2017, 09:18 AM)

                  

03-09-2017, 11:31 AM

أيمن الطيب
<aأيمن الطيب
تاريخ التسجيل: 09-19-2003
مجموع المشاركات: 5845

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الدكتور منصور خالد حينما يبدع في المقال.. (Re: الحاج حمد الحاج)


    يكتب الكاتب منهم رثاءا فتحس بأنك تقرا في قطعة أدبية تتضمن كل ضروب الأدب والفن والبلاغة والبيان
    ومقدرات على تطويع اللغة والربط بين مواضيع مختلفة دون أن يحسسك بالتوهان أو الملل, صدق الكلمات
    ومدى تأثر د. منصور برحيل صديقه حعل من رثائه وتأبينه لبطران قطعة فنية قيمة..

    رحم الله الراحل المقيم بطران ومتع بالصحة والعافية الدكتور منصور خالد,,

    تحياتى أخي الأمين عبدالرحمن..
                  

03-09-2017, 03:21 PM

الأمين عبد الرحمن عيسى
<aالأمين عبد الرحمن عيسى
تاريخ التسجيل: 10-25-2011
مجموع المشاركات: 1680

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الدكتور منصور خالد حينما يبدع في المقال.. (Re: أيمن الطيب)

    مخاطباً ابنيه اللذين أهدى لهما تلك المجموعة: «أسرفت في الحديث عن عبقرية العربية لأني كما يقولُ أهلُنا في السودان «ممكون» ولا أريد أن تكونا مثلنا. نحن جيل الهزيمة والشقاق. من يدري، ربما أسلمناكم بلداً واحداً عزيزاً. ولكن إن أخفقنا، لم كان إخفاقنا؟ أسألوا». لله در جمال الذي كان يرى بأم عينه، ويتأمل ببصيرته، ثم يمضي بعزم اســبارطي ليسـمي الفـأس فـأساً (call the spade a spade). لم يكن جمال - بردَ الله قبره - بطريركا - مثل بطريرك جبرائيل قارسيا ماركيز الذي حباه الله بمناعة إسطورية ضد التجدد والتفاعل مع المتغير. كل شئ عند البطريرك ثابت. عاش جمالٌ متصالحاً مع نفسه، ومتآلفاً مع رؤاه لم يتعزى بعصبية، أو يستنصر لمذهب أو فرقة، بل سَما بإنسانيته المحضة وبذلك، برئ من داء التفريق بين الناس على أساس العرق أو الأصل أو الثقافة أو الدين. نشأ جمال النوبي وترعرع في صباه في ارض النوبة - أو ما كانت ارضا للنوبة قبل أن يبتلعها اليم - وظل بها يفاخر. حق له أن يفخَر بالأرض التي أنجبت أولى حضارات افريقيا ووادي النيل، بل الأرض التي ما أنفكت افريقيا، بل العالم، يفاخران بإسهامها في الحضارة الإنسانية. تلك الأرضُ النجيبة أنتهى وصفُها عند بعض الرقعاء ببلاد البرابرة. لا أقول يا لها تلك من كلمة نابية عوراء. وإنما أقول ما اتعسهم أولئك الذين لا يدركون مآثرهم التاريخية التي ينبغي عليهم أن يفاخروا بها. رعي الله القاصَ النوبيَ المصري حجاج أدول حين قال: «أهلنا سمر ولكنهم يحتفظون بشموسهم في وجوههم». المصدر : http://sudaneseonline.com/board/490/msg/%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%83%d8%aa%d9%88%d8%b1-%d9%85%d9%86%d8%b5%d9%88%d8%b1-%d8%ae%d8%a7%d9%84%d8%af-%...7.html[/green]لله در جمال، ولله در خالد.. ذاك الذي يكتب تلك الكلمات الناصعات عن جمال..
    شكرا
    سيف الدين فضل الله
    إسماعيل عبدالله محمد
    نصرالدين عثمان
    نزار عبدالوهاب
    ياسر منصور عثمان
    علي عبدالوهاب عثمان
    الصادق يحي عبدالله
    أيمن الطيب
    و
    أجزله الشكر لك أخ الحاج حمد الحاج..

    (عدل بواسطة الأمين عبد الرحمن عيسى on 03-09-2017, 03:24 PM)
    (عدل بواسطة الأمين عبد الرحمن عيسى on 03-09-2017, 03:24 PM)
    (عدل بواسطة الأمين عبد الرحمن عيسى on 03-09-2017, 03:26 PM)

                  

03-10-2017, 03:02 PM

احمد سيد احمد
<aاحمد سيد احمد
تاريخ التسجيل: 01-23-2013
مجموع المشاركات: 1257

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الدكتور منصور خالد حينما يبدع في المقال.. (Re: الأمين عبد الرحمن عيسى)

    السلام عليكم
    د.منصور خالد كتابته ما فيها كلام من حيث البلاغة والرصانة

    بسأل عن مذكراته الشخصية هل صدرت؟
    قبل سنة او اكتر جابوهو في احدى قنواتنا وقال انها خلاص قربت تصدر...واظن عن دار الساقي في لبنان

    هل في زول عندو عنها فكره؟

    برضو نفس الشي د.غازي صلاح الدين العتباني قال عندو مذكرات حتصدر هل في زول عنده فكره كذلك عنها؟
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de