نجح الإعلام الإسرائيلي في تشويه صورة الفلسطينيين أمام أمتهم العربية، فمرة أظهر الفلسطينيين بأنهم باعوا أرضهم لليهود مقابل المال، ومرة أخرى أظهر الفلسطينيين بمظهر الخونة؛ الذين يبيعون أنفسهم وقومهم بأرخص الأثمان، ومرة أخرى أظهر الفلسطينيين بأنهم متخلفون متعصبون متطرفون متحجرون بلا ثقافة وبلا مشاعر، ودائماً تجد من يصدق هذه الدعاية، لولا الشواهد النقية من شهداء الشعب الفلسطيني، ومن أسراه وجرحاه ومثقفيه وشبابه وصباياه الذين قدموا نموذجاً رائعاً للفلسطيني المقاوم الشريف المدافع عن وطنه بدمه. ولعل أخطر التهم التي نجح اليهود في ترويجها ضد الفلسطينيين، ولاقت آذاناً صاغية لدى بعض العرب، هي التهمة بيع الفلسطيني لأرضه، وهي تهمة تبرئ اليهود من اغتصاب أرض فلسطين بقوة السلاح والإرهاب، وفي الوقت نفسه لا تشرع للفلسطينيين أي حق في الدفاع عن أرض باعوها لليهود، بعد أن قبضوا ثمنها. قبل أيام قدمت الكنيست الإسرائيلي دليلاً جديداً على أن الفلسطيني لا يبيع أرضه، وذلك حين أقرت بالقراءة التمهيدية قانون تشريع البؤر الاستيطانية، وهو القانون المخالف لقرار المحكمة العليا الإسرائيلية التي قضت بأن مستوطنة "عمونة" اليهودية قد أقيمت على أراضي فلسطينية خاصة، رفض أصحابها الفلسطينيون بيعها لليهود، ورفضوا التعويض المالي، ولجئوا بأوراق الملكية إلى القضاء الإسرائيلي نفسه، كي يعيد لهم أرضهم الخاصة. إن قانون تشريع البؤر الاستيطانية، لا يعني إلا تشريع سلب الأرض الفلسطينية الخاصة، ولاسيما أن المعلومات الرسمية الإسرائيلية تشير إلى أن 47% من المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية المحتلة سنة 1967، قد أقيمت على أراضي فلسطينية خاصة، لما يزل يعيش أصحابها تحت الاحتلال، فكيف هو الحال مع الأراضي الفلسطينية الخاصة التي اغتصبها الصهاينة سنة 1948، وشردوا أصحابها في دول الشتات؟ قد يرضينا كثيراً كفلسطينيين اعتراف عضو الكنيست عن حزب الليكود "بني بيجن"، أن مشروع قانون البؤر الاستيطانية هو قانون السلب، وقد يعجبنا اعتراف المستشار القانوني للحكومة الإسرائيلية بأن هذا القانون يتعارض مع القانون الدولي، وقد يثلج صدورنا اعتراف زعيم المعارضة يتسحاق هرتسوغ، بأن الكنيست الإسرائيلي تصوت على قانون السرقة والسلب، رغم تعارضه مع قانون دولة إسرائيل، ورغم تعارضه مع القانون الدولي، ولكن يغضبنا في هذه القضية المثارة عبر الإعلام الإسرائيلي أمرين: الأول: حين يقر مشروع البؤر الاستيطانية مبدأ التعويض المالي للفلسطينيين أصحاب الأراضي الخاصة؛ فمعنى ذلك أن دولة إسرائيل لا تظلم أحداً، وتتصرف وفق القانون الدولي، ولم تعتد على أي أرض فلسطينية خاصة من قبل، وهذا كذب مفضوح، يجب أن يشهر به. الثاني: سلبية القيادة الفلسطينية من هذه القضية المصيرية، حيث اكتفت بالشجب والإدانة، وأغلقت على نفسها أبواب قاعة أحمد الشقيري في رام الله، تحضيراً للمؤتمر السابع لحركة فتح.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة