أفهم أن تُجبر الظروف شخصاً ما لأن يكون مُسايِّراً ( بضم الميم ) لما يجري من سياسات و أحداث قد لا تمُت إلى قناعاته بصلة ، فقط لأنه صاحب منصب أو مصلحة ربما خاف زوالها ، و لكن ما لا أفهمه إنبراء أشخاص و منظمات و هيئات ليست لها أيي مصالح آنية واضحة تجاه ما يحدث من طعن في خاصرة المواطن السوداني و تقتير عيشه و تهيئة كل المناخات التي تقوده إلى حتفه المحتوم إما بالجوع أو المرض أو الجنون ، على سبيل المثال من الذي إستفتى هيئة كبار العلماء لكي تعلن حُرمة الخروج على الحاكم ثم تعود لتبيح الخروج تظاهر السلمي و تعتبره نوع من المناصحه ، لا مبرِّر لذلك سوى إحساسها بأهمية أدائها لدورها الطليعي و ( الخزلاني ) لعامة الأمة المدحورة إنطلاقاً من تحقيق بعض أهدافها التي تدور في دائرة الإبقاء على النظام في سدة السلطة طالما كانوا أي علماءنا الإجلاء باقون على سُرر الدعة و النعيم و الإمتيازات و ( العِيشه الهنيه ) .. أين تعظيم شعيرة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ، و أين يا علماء السودان إستصحابكم لسيرة السلف الصالح و الصحابة الكرام ، أين أنتم من إنكسار عمر و دمعته الهاطلة من خشية الله حين كانت تؤنبه إمرأه و يزجره في حدود الله رجل من عامة الناس و بسطائهم ، أليس في هذا إشارات لما يجب أن يكون عليه أمر الحاكم مع الرعية ؟ .. و أيضاً من أمثال هؤلاء مجرد أفراد بعضهم أعرفهم يجنِّدون أنفسهم في مهمة تخويف الناس و إفزاعهم من غدٍ مظلم و تشريد و إنفلات أمني كما حدث في ليبيا و العراق و اليمن ، لماذا لأنهم خرجوا على الحاكم أو لأنهم لم يرتضوا حُكماً ضاقوا به لمجرد عدم إلتزامهم مبدأ ( ذُق المُر و لا تذُق الأمرين ) .. يتنافسون على سبل شتى مشارب الوسائط الإلكترونيه على نشر كل ما يفيد تقاعس الهِمة الوطنية و علو الشعور الوطني الجماعي ، و لهم أن يعلموا أن القضية اليوم ليست قضية سياسية تتعلق بإختلاف المناهج و الأفكار و الآيدلوجيات بقدر كونها في الواقع قضية البقاء و الصحة و العافية و الشعور بالرضا ( الوطني ) ، فالموجوعون من مآلات القرارات الإقتصادية الأخيرة بعضهم من المنتمين تنظيمياً وعاطفياً لحزب المؤتمر الوطني لكنهم من الكادحين المتعففين و بعضهم من أحزاب أخرى و آخرون مستقلون و الأغلبية لا ناقة لها و لا جمل في موضوع السياسة بمجمله ، الصراع الآن هو صراع أن نكون أو لا نكون ، ومن نحن ؟ نحن جميعاً بما فينا القادرون على تجاوز صعوبات المرحلة ، كلنا ( ذلك المواطن البسيط المغلوب على أمره ) في قوت يومه و تشخيص مرضه و الحصول على دواءهُ و العاجز عن ضمان تعليم أبنائه في مدرسة حكومية فيها أبسط أدوات التحصيل الأكاديمي ، نحن جميعنا بكل ما فينا من تفاوت في الإمكانيات الماديه ذلك الكادح البسيط الذي قد تقوده إلى القبر أزمة صدرية عابرة فقط لأنه لا يمتلك 287 جنيهاً لشراء بخاخة الربو ، لا تبخسوا الناس همتهم الوطنية و آمالهم في غدٍ ( معقول ) الإشراق ، و وطن يسع الجميع و يتحمَّل تعدُد الأفكار و الرؤى و الثقافات .. ليس من كنز و لا ثروةٍ يحتويها هذا الوطن أثمن و أغلى من إنسانه الذي يستحق كل إهتمام و إحترام و إنصاف.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة