ربما في تلك اللحظة كانت أمنية الصبية تقوى أن تبصر النور مرة واحدة لترى معالم السعادة في وجوه أفراد أسرتها..تقوى عبدالسلام قادت زميلاتها بمعهد النور للمكفوفين ببحري في رحلة نجاح في ظروف صعبة..نسبة النجاح في المعهد كانت الدرجة الكاملة ..في هذا المعهد كغيره من معاهد المكفوفين كل الوسائل غير متوفرة..لكن العزيمة تهزم المستحيل. نشرت الزميلة الانتباهة أمس الأول خبراً يقتضى قرع أجراس الإنذار..في إحدى مدارس الحاج عبدالله بولاية الجزيرة سقط جميع طلاب شهادة الأساس..عدد التلاميذ الممتحنين زاد على نصف المائة ..في مدرسة مجاورة في ذات ولاية الجزيرة نجح فقط تلميذان..مصادر وضعت المبضع على مكان الألم..نقص مريع في عدد المدرسين ..المدرستان تتقاسمان عدد سبعة معلمين فقط. حينما قرأت هذا الخبر المسيل للدموع تذكرت تنويراً قدمه لنا والي الجزيرة محمد طاهر أيلا قبل عدة أشهر..التقرير الجاذب كان يحكي رحلة أيلا مع المدارس..صورة قبل الصيانة واُخرى ناصعة الجمال بعد استخدام مبيضات الهياكل..انتبهت وقتها لذاك التقرير المصور لأن التعليم هو أساس التنمية.. الجانب الآخر أن خصوم أيلا ركزوا على ميله لاستخدام (المكياج ) لإبراز منجزاته وحصرها على الطرق والشواطىء ومداخل المدينة..تحت وقع ذاك التقرير المصحوب بزيارات ميدانية كتبنا نشيد بإنجازات الوالي محمد طاهر أيلا. لكن(المية تكذب الغطاس) كما يقول المثل الشعبي ..النتيجة البائسة ونسبة النجاح المتدنية مقارنة بالولايات الأخرى تتطلب من أيلا إعادة ربط الأحزمة استعداداً لمواجهة المخاطر ..لابد أن تسبق المعاني المباني في كل نهضة..لا أحد ينكر جهود الوالي في إعادة البهاء لمدينة مدني..حدثني وفد جيبوتي زار حاضرة الجزيرة الأسبوع الماضي عن إعجابهم بالمدينة الخضراء..كنت أتحدث مع مدير جامعة الجزيرة الأسبق البروفيسور إسماعيل حسن حسين قبل أيام، وكان الرجل يدلي بشهادة عن إنجازات الوالي أيلا.. لكن كل ذلك لا قيمة له إن لم ينعكس في حياة الناس ..كل مرافق الرفاه تشيد من أجل إسعاد المواطنين. أخشى أن يغمض الوالي أيلا عينيه تحت الإحساس بالإنجاز..ستأتي طائفة من الساسة لتبرير الفشل ..ستتضارب الأرقام ويتم بيع الأوهام في محاولة تبرير هذا الإخفاق الكبير ..أن تقل نسبة النجاح عن واحد بالمائة في مدرستين أمر يثير التساؤل..بل يقتضي من الوالي تكوين لجنة تحقيق في هذه الفضيحة..بعدها تتم محاسبة المخطيء.. بل إن إقالة وزير التربية تصبح في حكم الواجب في مثل هذه الأحوال، وذاك من باب المسؤولية الأدبية والأخلاقية. بصراحة.. أحيانا العثرة تحسن الخطوات اللاحقة..مطلوب من الوالي أيلا أن يعقد أول اجتماع لحكومته في مدرسة أولاد يس الأساسية، التي لم ينجح منها أحد..بعيد الاجتماع يتم استدعاء كل التلاميذ ويمسك أيلا بالطبشور ويكتب (لن يسقط تلميذ مرة أخرى) ..هذا هو التحدي يا سيدي الوالي.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة