ارتكبَ وزير الشؤون الدينية والأوقاف، السيد/ عمّار ميرغني، قبل أيام، خطأ فادحاً. وهل أفدحُ من الكَذب أمام لجنة برلمانية من خطأ ..؟ ذلك حينما أجاب عن سؤال برلماني بخصوص قرار وزارته منع الرجال السودانيين غير البالغين أربعين عاماً من السفر إلى العُمرة، حتى لو كانوا أساتذة جامعيين، إلّا بمُرافِق عاقل بالغ الأربعين عامــا. فأجاب السيد الوزير، ومن تحت قُبّة البرلمان، ولم يرمَش له جِفنٌ، بما معناه: لسنا نحن مَنْ عمَل هذا الإجراء، وإنّما هذا إجراءٌ معمولٌ به من جانب الإدارات المختصّة بالمملكة العربية الســعودية. سكت الناس والبرلمانيون سكتةَ رجُلٍ واحد. وما هما إلّا يومان، حتى جاء في الصحُف أن السيد سفير المملكة العربية السعودية بالخرطوم، وحينما سُئل عن ذات الســؤال، أجابَ واثقاً: لا ليس عندنا قرار يحدّد ســـِنّ العُمرة للذكور بــأربعين عامٍ لطالب الاعتمار. فيا تُـرى ما الذي حدَث للوزير عمار ..؟!
لا شيـــــئ البَــتــَّــة Nothing بل ظلّ على رأس وزارته، يفتري على الدَّوَل الصديقة الكَذِب، ويغشُّ رعيتِه من طالبي العُمرة والحجّ من تحت قُبّة البرلمان. وذلك عبر احتكاره (ولعلّها خصخصتِه) شؤون الإرشاد والأوقاف والشؤون الدينية. بذراعِه الوزارية المُثلى، بل اليُمنى واليُسرى معا، الإدارة العامة للحجّ والعُمرة. تلك التي تعوس عوسها الفطير في شؤون الحجّ والعُمرة، طيلة المواسم الماضية. والمفارَقة، أن هذا الوزير ليس وزيراً كامِل التعميد الوزاري، ساعة اقترافه الكذب أمام لجنة البرلمان، لكنّه مُكَلَّف انتقالاً بتصريف الأمور، وذلك بعد إقالة الوزارة السودانية عموماً. كذلك فوزير الإرشاد، هو مُستقيلٌ عن توزيرته المحاصصية، وقد باتت محاصصة مـُـنتَهية الصلاحية أساساً؛ نزولاً على طلب زعيم حزبه السيد الحسيب "الحاضر" الميرغني الصغير، من كافّة دستوريِّيه الاستقالة من هيئاتهم؛ وذلك بسبب الاختلاف السياسي بين الابن المساعد الرئاسي، الزعيم الصغير مع السيد الحسيب "الغائب" الميرغني الزعيم الكبير.
أقول من الواضح أنّ الوزير عمّار ميرغني، قد نجا به وضعه السياسي هذا القُلَّبْ..! من أن يناله – ولو – أدنى فصلٍ من التوبيخ البرلماني، ناهيك أن يتعرّض لمُحاسـَبَة من الجهاز التنفيذي، أو هيئة أهلية في زيّ شمولي سلطوي النّزعة، كــ "هيئة عُلماء الســودان" مثلاً، هؤلاء الذين يفلحون في تقريظ التعدد..! في حالِ الشظف والقَحَط الدّاعيَّيْن للتوحّد ضربة لازبِ. أقول: على الرغم من كِبَر ما احتمل السيد الوزير المكلّف (ريثما تنجلي أمور الحكومة الغائمة) من وزر الكذب عياناً بياناً أمام لجنة برلمانية؛ وعلى الرغم من أن وزارة الإرشاد والأوقاف، من باب أولى، هي الوزارة الأدعى والأقرب أن تكون مهد الصدق، وصلاح السياسة في خطابها ومشمول أدائها ومقارَباتها؛ إلّا أنّني على اعتقاد كبير بأنّ الوزير المكذِّب كان مُتأسيّاً بِبِدَع مرؤوسِه المدير العام للحجّ والعمرة، السيد/ المطيع محمد أحمد، هذا الذي يعرف البرلمان شوكَتَه..! وتهابه أتيام المراجع العام، وتفِزُّ من أمامه قيادات الخدمة المدنية في السودان، ويخشاه الحُجّاح والعُمّار في كافة شؤون التسفير والتشفير والتأشير والتقريش والتفليس.
هذا المدير العام لإدارة الحجّ والعُمرة، كواحدة من أهمّ إدارات وزارة الإرشاد والأوقاف، مدير عام يصول ويجول بما عَنّ له أو لم يَعِن؛ وقد دخل في خصومات عديدة، ثم خرج منها كالشّعْرَة من العجين وجلدُه أملسُ. لذلك فقد استغربَ كثيرٌ من الناس، وما يزالون يروا هذا "المُطيع" تتكسّر على دَرَقِه نصالٌ على نصالٍ ولا تخرق فيه صحفة ..! لكأنه "المُصَفَّح" جيلفر في بلاد الأقزام؛ بل يبدو كعملوق غير مُتناهِ القوى؛ مُسبَطِرٌّ له الهَبوات والعَسْكَرُ المَجْرُ. فقد نجح هذا المدير العام، بل فاز وَ ثبّتَ هذه الهيئة الظالمُ اجراءاتها، من "مافيش" برغم أن الدولة السودانية قد اتّخذت قراراً بتصفيتها، لكنّها لم تُصَفَّ ولا يحزنون، فسكتت الدولة، وَ دَسّتْ تقريرها المفيد بأن هذه الهيئة العامة للحجّ والعُمرة، غير مُلمّة بالأمر، وأن أعمالها أشبه بــ"عمَل الفضولي" وأنها ترتكب فظائع في تنظيمها لأمور الإرشاد يُحيلُ حلالها إلى حَرام، ثم لا تُبالي.
رفض السيد/ المُطيع، قرار تصفية الإدارة العامة، لكأنّما أقسَم "بالتّقطِّعو حِتَتْ حِتَتْ" أن لا يمشي عليه هذا القرار، وإن كان من مجلس الوزراء..! ثم ظلّ حارساً شَرِساً للإدارة العامة للحج والعُمرة، في سَمْتِ "حارس قضائي" جبّار، فبردتْ له الغنيمة باقية، ثم كان البقاء الأفظع، أنه ظلّ هو المدير العام الحصري عليها، ولسان حاله "الشديع" للحكومة في عُلاها ال فوق: انتو ما عارفين مشاكل الحج والعُمرة والأوقاف والمليارات الممليَرة ال بنجيبها ليكم. فسكتت الدولة، بل قَفَلَتْ خشمها بالضّبّة والمفتاح وتغافلت من ثَم، عن قرارها القديم بإنهاء شكل الإدارة العامة للحجّ والعُمرة؛ ويا دار ما دخلِك شَــرٌّ كالتربّح بأموال الغرثى من رعاياك، وذاك سبيلٌ لا يُفضي بالدُّوَلِ إلّا للعدَم، تسير فيه الدولة وأعينها مُغمَضة كأنّها.
تتيماً للفائدة الخبرية، فلا بُد من الإشارة، ولو بطرَفٍ خَفي، إلى صولات وجولات الإدارة العامة للحجّ والعُمرة، بقيادة مُطيعها ذي الرأس الذي قد أينَع..! وقد اتّصف بصبغة ملحمية جَذّابة، لا تقلّ بحالٍ عن "أسد بيشة " المِكَرْ متقامزاتو متطّابقات .. يرضَعْ في ضرائع العُنَّز الفاردات .. وماهو الفافنوس ماهو الغليد البوص. فقد صال وجالَ، كَـ صاحب امتياز في تعريف الأمة السودانية المسلمة أصول وأشكال أداء الشعائر الدينية إلّا بالأموال الطائلة ..! فجندلَ الحُجّاج والمُعتَمرين وأهاليهم المغتربين، ثم ثنَّى على ديوان المراجع القومي، فغالطه وجادله وباهله، ثم طاح المطيع المُدهِش، فـ صرَع البرلمان، بكل ما للأخير من هيبةٍ وصولجان، بالقاضية..! بل سخَر من بعض النُّوّاب البرلمانيين ثم تهكّم على هيئتهم. فما فعل برلماننا المهيب، غير أن استأذَن وزير العدل لمقاضاة "أسد بيشة" ال مِكَر مِفَرّ كجلمودِ صخرٍ، فأذِن السيد وزير العدل للبرلمان أن قاضوه، ولكن للأسى الحَرّاق، لم يقدروا عليه صرفاً ولا عدلا.
لم تكُن خصومة نوّاب البرلمان مع الأسد النّتَر ثم حَجّر مشارِع الشعائر الدينية، خصومة مدنية حتى يُطلَب فيها إذن وزير العدل..! بل كانت دعوى جنائية من حيث أنها مُرتبطة بإشانة سُمعة البرلمان يا أخوان؛ وتلك دعاوى لا تتطلّب إذناً للتقاضي، مالم يكن أسد الحجّ والعُمرة، هيئة أعلى في حصاناتها وحضاناتها ومعلوماتها وتحليلاتها ومراكز قواها ممّا جميعه. وهكذا، ظلّ حالُ برلماننا ومجلسُ وزرائنا في تعامٍ قَتّال، يتفرّجون على الهيئة العامة للحجّ والعمرة، ومطيعها الزعيم، يصول ويجول ويدافع ويُرافِع وينتقد مَنْ يُريد. بل أحياناً يتهكّم على البرلمانيين ويسخَر منهم بفجاجة "لا حِكَتْ ولا بِقَتْ" ثم يُقرِّر ما يُقرِّر فيبصُم الخصوم والأنصار على كُل عبَلٍ ووَشَلٍ مُقتَرَف من كُرسي المدير العام للحجّ والعُمرة الكائن بالدّارَة العَليّة في وزارة الشؤون الدينية والأوقاف والإرشاد. يتكرَّر ذاك الاقتراف، عند كل حجّة في العام، كما تتضاعف اجتراحاته مواسم العُمرة المتعدّدات كثيرات، في السنة المُطيعية الواحدة. وإنّها لَسنةٌ كبيسة تكاد لا تنتهي مواسم عُمرتها، حتى تبدأ من جديد في اليوم التالي. والحال كذلك، فلم يدَعْ المدير العام والهام، لخواطر المنبوذين بِـسُلطَتِه الفتّاكة، إلّا استذكار "دراما" ال مُنشار اللـّــَعين في الذهن الشعبي العام، يأكل طالع ويقضُم نازل "ولا عليهو" لكأنّما أصبح البرلمان، والمُراجع القومي، والأمناء من كِبار موظّفي الخدمة المدنية، وناس الوكالات بل وأهالي الحُجّاح والمُجّاح والمُعتمرين كُلّهم في "جيب" السيد المُطيع الوسيع، يبلع جُب "لخصيمِو Jeedleyia" فأيّ مُطيعٍ هذا الذي هو بكل هذه الاستعصائية والكنكشة الفِطرية، يجرّ من خلفه عبئاً جسيماً، ويحتقبه في ذات الآن، كَــ سيفٍ بـَــتَّــار لا يتوانى عن قصّ أي يدٍ تمتدُّ لإدارته بالتقويم..؟! ولا نامت أعين المُعتَمرين ولا الحُجّاج، ولا مجلس الوزراء الذي كان! بل ولا البرلمان الملآن.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة