ما قبل الكارثة ضياء الدين بلال -1- ساذجٌ من ظنَّ أن قرار الفيفا تجميد انتخابات الاتحاد العام لكُرَة القدم لستة أشهر، كان أمراً مُفاجئاً، أو مُدهشاً على مستوى دهشة الفريق سر الختم! ما حدث أمرٌ طبيعيٌّ ومُتوقَّع. كُلُّ المُقدِّمات كانت تُرشِّح الأوضاع لهذه النهاية. عفواً، النهاية لم تأتِ بعد. بفكرٍ محدودٍ ومعرفةٍ شحيحةٍ، واندفاعٍ أهوج، سيسعون لمُناطحة الصَّخر بقُرونٍ من البلاستيك. ستتكسَّر القرون ويَدْمَى الجبينُ، ويبتسم الصخر لسذاجتهم الحمقاء. حينها سيتحقَّق أسوأ السيناريوهات، تجميد نشاط الكُرَة السودانية في كُلِّ المُنافسات الخارجية. ستعود الكُرَةُ السودانية لمحطة الرياضة الجماهيرية، سيذهب بكري المدينة للاحتراف في الدوري التشادي، وسيعود تيتيه من حيث أتى، وسيضطرُّ الحكم أبو شنب لحلاقة شنبه الافتراضي. -2- هؤلاء بارعون في خوض معارك الوحل الخاسرة، ينتقلون من فشلٍ إلى انكسارٍ ولا يفقدون حماس الاستمرار. ناشئةُ العمل الإداري لهم رغبةٌ طفوليةٌ في التعلُّم على حساب سُمعة هذا الشعب المغلوب على أمره. لا تهمُّهم الخسائرُ ولا إراقة ماء كرامة الوطن. كُلُّ فشلٍ وخسارةٍ قد يدعم مشوارهم في تعلُّم الحلاقة على رؤوسنا. لن يخسروا شيئاً، مهما أخطأوا وتجاوزوا، فلن ينالهم العقاب، ولن تُسحَبَ المقاعدُ من تحتهم. السودان بمجهوداتٍ خارقةٍ يهمُّ بالخروج من العزلة السياسية ورفع العقوبات، فإذا به يقترب بفعلهم من العُزلة الرياضية وعصا عقوبات الفيفا. -3- بهدوءٍ مثلجٍ، أوقف الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، إجراءات الجمعية العمومية لانتخاب مجلس إدارة جديد للاتحاد السوداني لكُرَة القدم وقرَّر تشكيل لجنة لتقصِّي الحقائق. الحقائقُ ستقع بين قوسَي اتِّهامات الفساد، وشواهد التدخلات الحكومية! نحن أبرعُ من الأعداء في إلحاق الضرر بأنفسنا. كلُّ معاركنا تنتهي بمُعادلات صفرية. هؤلاء يُعيدوننا مرَّة أُخرى إلى الطّرق الوعرة، لجان تحقيق دولية تحضر للبلاد، وتُحقِّق وتُصدِرُ الإدانات تليها العقوبات. نخرج من العقوبات الاقتصادية الأمريكية، لنستقبل عقوباتِ الفيفا الرياضية. -4- وثَّقوا لسوء تقديرهم وقلة معرفتهم بقوانين ولوائح الفيفا في المقابلات التلفزيونية. سرقوا لسان رئيس الجمهورية، وادَّعوا وقوفه بجانبهم. أحرجوا رئيس الوزراء في أولى مهامه العملية، حينما حذر بصريح العبارات من عدم التدخل في الانتخابات. تمادوا في العبث الطفولي والغرور الأعرج، حينما رفضوا مساعي الوسطاء بالاتفاق على قائمة وفاقية. يُديرون حملتهم الانتخابية بعقلية وأدوات ما قبل ثورة المعلومات والاتصالات وثقافة العولمة، كأنهم كانوا في صُحبة أهل الكهف أو في معيَّة عزير وحماره! -5- العالم لم يعدْ قريةً صغيرة.. هو الآن غرفةٌ من زجاج شفاف - وليس مظللاً - لا تستطيع أن تفعل شيئاً دون أن يراك الآخرون. بغضِّ النظر عن تدخُّل السلطة في الانتخابات أو عدمه، فإن اختيار الفريق لم يكن أمراً موفَّقاً. الرجل لم تُسجَّلْ له نجاحاتٌ بارزةٌ في كُلِّ مراحل عمله المدني. فشل والياً للجزيرة، ورئيساً للهلال، وسفيراً لم يُحقِّق ما يُميِّزه عن غيره. ليست له دُرْبة ومعرفة في ساحات الإعلام ودروب الفيفا، تقيه الوقوع في تلك الأخطاء الفاضحة. اختيار الفريق عبد الرحمن سر الختم، يُعبِّرُ عن أزمتهم التي يجتمع عليها ضعفُ التجربة مع سوء التقدير. -أخيراً- سعادة رئيس الوزراء: عليهم دفع فواتير أخطائهم من حساباتهم الشخصية، لا من حساب الحزب ولا الحكومة، ولا سمعة بلدٍ عزيزٍ كُلَّما ابتسم حطَّ على شفتيه الذُّباب.
04-30-2017, 11:52 AM
محمد أبوجودة
محمد أبوجودة
تاريخ التسجيل: 08-10-2004
مجموع المشاركات: 5265
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة