*قبل أن تتفاقم الأزمة الحالية في قطاع الخدمات الصحية كتبت في "كلام الناس" تحت عنوان "إسعاف المستشفيات وليس حراستها" لأن المشكلة الحقيقية لم تكن في الإعتداء على الأطباء - وهو امر مرفوض من حيث المبدأ - وإنما المشكلة الحقيقية تدني الخدمات العلاجية نتيجة لعدم توفر الإختصاصيين والأجهزة والمعدات اللازمة للعلاج. * للأسف إستمرت سياسة التعتيم وإطلاق التصريحات التطمينية دون إعتبار للواقع المأساوي الذي ظلت تعاني منه المستشفيات إلى أن تطور الموقف الذي دفع الاطباء للجوء لاستخدام سلاح الإضراب لتلبية مطالبهم العادلة‘ لكن للأسف إستمر أسلوب الإحتماء بشماعات متوهمة يعلق عليها بعض المسؤولين مسؤولية فشلهم. *وسط هذه الأجواء المتوترة إتهم وزير صحة ولاية الخرطوم المثير للجدل الدكتور مامون حميدة "قوى اليسار" بأنها وراء إضراب الاطباء وأضاف قائلاً بعبقرية يحسد عليها أن إضراب الأطباء تزامن مع موعد ختام مؤتمر الحوار الوطني !!. *للمرة المائة بعد الألف نقول أنه ليست لدينا قضية شخصية مع الدكتور مامون حميدة لكنه درج على إدخال نفسه معارك مستفزة ضده بمشروعاته وتصريحاته غير الموفقة‘ ومع ذلك قلنا أن المشكلة ليست فيه شخصياً وإنما في مجمل السياسات العامة التي رفعت الحكومة فيها يدها عن دعم الخدمات الأساسية للمواطنين‘ دون أن يعني ذلك إعفاء الوزير من مسؤوليته المباشرة عن ما يليه في جانبه التنفيذي. *إن المعلومات التي أدلت بها نور الشام حامد الباحثة في دراسات الهجرة في المنتدى الدوري لجهاز شؤون السودانيين العاملين بالخارج قبل أيام كشفت حقيقة إزدياد هجرة الكوادر الطبية إذ بلغ عددهم ٤الاف مهاجر خلال الخمسة أعوام الماضية الأمر الذي يؤكد أن بيئة عمل الكوادر الطبية طاردة. *لست هنا بصدد الدفاع عن موقف الأطباء رغم أنهم يستحقون كل التقدير‘ و ونؤكد مرة أخرى أنهم ليسوا سبباً في التقصير البائن .. وقد تأكد ذلك من ردود الفعل العملية التي بدأت تتنزل في المستشفيات. * وبهذه المناسبة نحمد لوزيرة الدولة بوزارة الصحة الدكتورة سمية أكد إعترافها بان الوزارة تسلمت "مذكرة مطلبية" من الأطباء تركزت حول قضايا النظام الصحي وإصلاحه وإمتداحها لأطباء الطوارئ والحوادث وإقرارها بوجود مشكلات في النظام الصحي وأن هناك قضاياعادلة تستحق المعالجة والإستجابة الفورية. *نقيب الاطباء البروفسير عبداللطيف عشميق تحدث عن ذات المشاكل في لقائه مع نائب رئيس الجمهورية حسبو عبدالرحمن الذي قال إن الحكومة ملتزمة بحل مشاكل الأطباء وتذليل المصاعب وتوفير معينات العمل واحتياجات الطوارئ بالمرافق الصحية. *مرة أخرى نقول ان هذه المعضلة التي فرضت نفسها على الرأي العام وعلى الحكومة ليست المعضلة الوحيدة التي يعاني منها المواطن في حياته اليومية وحاجاته الضرورية بما فيها الخدمات الأساسية‘ وكلها تستوجب المعالجة الجادة بعيداً عن شماعات الإتهام السياسية‘ والتضييق على الحريات خاصة حرية التعبير والنشر‘ وسوء إستغلال السلطة كما حدث لطالب في جامعة الخرطوم قبل أيام.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة