مرةً أخرى ندقُ ناقوس الخطر في ما تم من إجراءات ( تخديرية ) ومُسكِّنه لأوجاع و مشكلات الكادر الطبي بالسودان ، فبالرغم من الحركة الثورية التصحيحية التي إنتظمت قطاع الأطباء في الشهور السابقة ، ما زالت وزارة الصحة تحاول الإيحاء عبر تصريحات مسئوليها و إشاراتها الإعلامية المتواترة ، أن الأولوية ما زالت للمخططات الإستراتيجية على مستوى جغرافيا توزيع الخدمة والمعدات والتجهيزات اللوجستية ، وسنظل عند موقفنا المتماثل في كثير من القضايا القطاعية المهنية نكرِّر أنْ لا فائدة ستُجنى وإن صدقت النوايا طالما لم يكن الكادر البشري هو المستهدف الأول بالتأهيل والبناء النفسي و المادي ، فالطبيب السوداني لم يزل يعاني سوءات وضعه المادي المتردي في المستشفيات الحكومية و الخاصة ، ثم أيضاً يصارع لإحداث الموازنة النفسية بين ضعف الإمكانيات التي يكون نتاجها قلة جودة الخدمة الطبية المطلوبة في مقابل ما يتطلع له المريض و طالبي الخدمه من مرافقيه ، و قد سادت قبل فترة الكثير من المشكلات التي أمَّن الجميع أن تكرارها المتواتر يمثل ظاهرة ، وكان ضحيتها الأطباء و بالخصوص العاملين في قطاع الطواريء ، والشاهد على ذلك أحداث الشغب التي حدثت في مستشفيات الأبيض و دنقلا وأم درمان ، في الوقت الذي تبدو فيه خطوات وزارة الصحة الولائية بالخرطوم متسارعة ولاهثة من أجل إكمال خطة إعادة توزيع خارطة منافذ الخدمة الصحية في الخرطوم ، رغم ما شاب تلك الخطة من لغط و خلافات من جهات أخرى خارج و داخل الوزارة لكنها في النهاية ذات إختصاص وعلاقة وطيده بالمهنة ، غير أن الوزارة لم تقدم أيي ضمانات أو تعهدات أو حلول عبر قوانين داخلية أو لوائح تدفعُ بالخطى في طريق توفير الوضع المادي المعقول للأطباء فضلاً عن الوضع الفني والنفسي المتعلقين بتوفر المعدات و التجهيزات والأدوية الأساسية و المُلِّحة التي تساعد الطبيب على أقل تقديرفي منع الحالات المرضية الواردة من التدهور أو إنقاذ حياة الحالات الخطرة ،وقد طالعنا من خلال الصحف ووسائط النشر الإلكتروني الشعارالأساسي والمنطقي الذي رفعه المتضررون من أطباء و طبيبات السودان والذي كان مفاده أن إحتجاجهم كان من أجل المواطن في المقام الأول ، و أيّدنا حينها فكرتهم المنطلقة من مبدأ ( فاقد الشيء لا يعطيه ) ، وتوقعنا بعدها أن لا تعود تحركات الوزارة و نقابة الأطباء و اللجنة المركزية لأطباء السودان إلى السكون و النوم في العسل مع علمهم أن العاصفة قد تهب في أيي حين و أن ما حدث من حلول في آنها كان مجرد ترضيات مؤقتة لا غير، ومن باب الإهتداء ببيت الشعر الذي يقول ( إذا هبَّت رياحك فإغتنمها .. فإن الريح عادتها السكون ) كان يمكن إستغلال ما جرى من سجال و حراك تاريخي في القطاعين الطبي و الصحي ، لصالح إرساء لبنة أساسية تصب في بنية هذا القطاع الهام و الذي يتعلَّق جل إختصاصه بالحفاظ على حياة الإنسان السوداني و الذي هو ليس إلا أساس التنمية و البناء في هذا الوطن الذي أنهكه الظلم و الفقر و المرض و الفساد .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة