هاهى الزيارة الثالثة - للخبير المستقل لحقوق الإنسان، للسودان، السيد اريستيد نونوسى،- تأتى، والسؤال الأكثر إلحاحاً وأهمية، للحكومة هو : ماذا أعدّت له الخرطوم، وبخاصة فى الإجابة على الأسئلة الحارقة والقضايا المُلحة التى طرحها فى زياراته السابقة ؟..حتماً، سيقولون له " فعلنا وفعلنا وفعلنا و سنفعل وسنفعل " ، و لن يخجلوا من أن يقولوا له : " ننتظر الدعم الفنى " و" تنقصنا الموارد " !.. والحقيقة ، أنّه لا هذا ولا ذاك، إنّما " الإفتقار للإرادة السياسية "، فى احترام وتعزيز حقوق الإنسان، هو الأمر الذى يجب أن تواجه الحكومة به نفسها الأمارة بالسوء. الإجابة على أسئلة السيد الخبير المستقل، لا تحتاج لكثيرعناء، إن أراد القوم إغلاق هذا الملف...فهناك قضايا الحريات الدينية، ومنها استهداف الكنائس و إزالتها بدعاوى، مخالفة اللوائح والأوامر المحلية، بإعتبارها مبانى " عشوائية "، وقائمة " بلا تصريح من السلطة " ...والإجابة - بسيطة- متى سمحت السلطة، ببناء كنائس " ليست عشوائية" ؟؟؟ ومنها مضايقة المسيحيين، ومحاكمة القساوسة فى محاكم تفتقر إلى أبسط مقومات العدالة، والأنكى من كل ذلك ، محاكمتهم " إعلامياً "، قبل وبعد صُدور الأحكام القضائية . و المضايقات ليست حصراً على المسيحيين، فالمسلمين - أيضاً- من ضحاياها، وهذا وذاك، لا يحتاج إثباته إلى كبير عناء. وهناك الإعتقال التعسفى، والتعذيب، فى الخرطوم والاقاليم، وبطله - حصرياً - " جهاز الأمن "، وإثباته لا يحتاج إلى جهد كبير، إذ هو موثّق بإحترافية عالية، ومعلوم للجميع، بما فى ذلك وزارة العدل. أمّا ملف إستهداف النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان، فهذا باب لم يغلق بعد .. فلينظر، الخبير المستقل، لملف إعتقال وتعذيب المدافع ( مضوى) ، إذ لم يكتفى جهاز الأمن بإعتقال وتعذيب " الهدف " مضوى، إنّما وسّع - كعادته - دائرة الضحايا، لتشمل موظفة تعمل معه، وسائقه الشخصى، وكأنّما السائق الشخصى والموظفة شركاء فى الجريمة المفترضة !!!!... و لعلّه ، من المضحكات المبكيات، تجريم " الضحية "، على طريقة " ضربنى بكا، وسبقنى إشتكى" إذ يفتح جهاز الأمن بلاغاً على الدكتور مضوى، بـ( الشروع فى الإنتحار) لكونه، قرّر استخدام حقّه، فى الإضراب عن الطعام، مطالباً بتقديمه للقضاء !!!... ولن يجد الخبير المستقل صعوبة فى الحصول على أدلّة دامغة، على " المنع من السفر" وحظر النشطاء السياسيين من السفر، فهناك ما يكفى، للتاكيد أنّه أسلوب و ممارسة ممنهجة.. أمّا حرية التعبير والصحافة، فهى مازالت تراوح مكانها، بالتدخلات الأمنية، والرقابة القبلية والبعدية. تبقّى أمام الخبير المستقل، التحقُّق من دعاوى " الإغتصاب" وهناك إثباتات ، يصعُب إنكارها.. كل هذا، وذاك، وغيره من إنتهاكات حقوق الإنسان، مُتاح للخبير المستقل، عياناً بياناً، ولن نحتاج أن ننبه، خبيراً مثله، بما ينتظره فى الزيارات التى ترتبها الأجهزة الأمنية له، فى دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان، فهذا من المعلوم بالضرورة، وحتماً، فإنّ معرفة الواقع فى تلك المناطق، ليس بالأمر الصعب، على خبراء حقوق الإنسان !!. تبقى أن نضيف، أنّ هم الحكومة، ليس تحسين أوضاع حقوق الأنسان، فى السودان، إنّما هدفها الرئيس هو التخلُّص من " الرقابة الأممية "، سواء التى هى عبر " الخبير الأممى المستقل، أو الرقابة القائمة فى دارفور ، لتواصل المزيد من الإنتهاكات، والمزيد من التنكيل بمواطنيها، وهذا ما لا يجب أن نسمح به.. وعموماً، فإنّ الزيارة الثالثة للخبير المستقل، تجىء فى فترة حرجة من تاريخ إنتهاكات حقوق الإنسان فى السودان، ويبقى - من قبل ومن بعد – أنّ شعبنا هو الفيصل، وأنّ " جمرة " الإنتهاكات " بـ( تحرق الواطيها)، والحكم دوماً على تحسُّن أو تدهور أوضاع حقوق الإنسان فى أىّ بلد ، هو لمواطنيه ، وشعبنا يعرف الحقيقة .. وسينتصر شعبنا، حتماً، لحقوقه - فى آخر الشوط - مهما كانت الصعوبات .. فلنواصل النضال، و بلا يأس، لتحسين أوضاع حقوق الإنسان فى السودان!. فيصل الباقر [email protected]
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة