بينما تتشدق الحكومة بتطلعاتها نحو مستقبل إيجابي للعملية التنموية لما بعد خروج السودان من حصاره الإقتصادي ، الذي لا أحد يعلم غير رب العالمين أننا قادرين على المحافظة عليه والتشبث به كحق مُطلق وليس ممنوح ، وبينما تستشرف الحكومة مشروعات ذات إبهار ومكانة في قلوب الناس كإعادة بناء وتأهيل سودانير وتحريك عجلة المشاريع (الغافية) في ثبات منذ سنوات كمشروع المدينة الرياضية والمطار الجديد وبعض الطرق والجسور فضلاً عن مشروع الحكومة الإلكترونية ، بالرغم من كل هذا لا ترضى الهزائم والأحزان ومشاعر العجز إلا وأن تدخل نفوسنا عبر بوابة الإهمال والإستهتار الذي غرقت فيه مؤسسات الخدمة المدنية والتي باتت موبوءة بداء التعيين من أجل التمكين السياسي أوالتحالف المرحلي أوالواسطة والإنتماء إلى قوى النفوذ ، ونحن نطلٍع ببالغ الحزن والأسى على إستشهاد معلمة تابعة لوزارة التربية السودانية إثر إنهيار مرحاض بلدي في إحدى مدارس الحارات بأم أمدرمان ولا أحد من قبيلة المسئولين في وزارة التربية وكلائها وإداراتها يُعزي فيها أو يُعلِّق أو يُبدي إهتماماً يُنبي عن حالة (الخجل والحياء) مما حدث ولو من باب عاطفة (إنتماء) الوزارة إلى قطاع المعلمين و المعلمات أو إنتمائهم إليها ، في الحقيقة لم أكن أودُ الكتابة حول هذا الموضوع لإشفاقي على القاريء من كثرة الإحباطات والمواجع المعنوية التي يطَّلِع عليها من خلال كتاباتنا المتواترة عن مصائب وآلام هذا الوطن التي أصبحت متصلة ولا تنقطع ، ولكن هاتفني بالأمس وفي منتصف الليل سعادة القنصل ورئيس المجلس الوطني للعمل الطوعي الدكتور نصر الين شلقامي وبين جوانحه ألمٌ وغضبٌ كبيرين جرَّاء ما حدث من تدهور إداري وفني في وزارة التربية والتعليم المركزية والولائية ، بالقدر الذي أصبحت نتائجه تصل حد فقدان الأرواح ، وتمنى الدكتور نصر الدين عبر مهاتفته أن يصل السودان يوماً ما إلى مصاف الدولة المتقدمة ليس في الجالات التنموية فحسب بل أيضاً في مجال (النزاهة) السياسية والإدارية ، بالقدر الذي يجعلنا نحن المراقبون نرى يوماً وزيراً أومسئولاً يُقدم إستقالته تحت طائلة قناعته بالمسئولية تجاه كارثة فادحة كالتي حدثت بحق هذه المعلمة شهيدة العلم والواجب ، أقول للدكتور شلقامي لك ولنا وللوطن رب العالمين وحسن العزاء ، أما أمرالتعليم الحكومي في السودان وما ألم به من إهمال وتراجع ولا مبالاة من الذين يجلسون على قيادته فلن يدفع ثمن مآلاته سوى الوطن والطلاب والمعلمين والمجتمع ، ودونك المستوى المتدني لحالة المنشآت في المدارس ، وما يدفع الطلاب لأن يصبحوا فاقداً تربوياً والضياع االتربوي والأكاديمي ومشكلة الإجلاس وإفقار المعلمين مادياً وتأهيلياً وإشكالية المناهج و(مشاع) طباعتها في الأسواق والأزقة بلا ضوابط ، لقد تم (إغتيال) التعليم الحكومي بواسطة فتح الأبواب المُشرعة للتعليم الخاص والتجاري ليصبح هذا الأخير هو الأصل وبذلك (إستمتعت) وزارة التربية بممارستها للمزيد من الإهمال والتنصل من قضايا التعليم الحكومي ، وإستمتعت معها وزارة المالية بتقليص الميزانية المخصصة للتعليم الحكومي بفضل دفع الناس جبراً وقسراً رغم الظروف للتعامل مع المدارس الخاصة .. نصيحة أخيرة أرسلها لوزارة التربية ومسئوليها وقد أصبحت مؤشرات العجز في ساحاتها لا تخطئها عين لأدعوها إلى رفع يدها عن كل المخططات (الحالمة) و(التركيز) في ما يمكن أن (يُنقذ) حياة المعلمين والطلاب في المدارس عبر إنشاء إدارة مختصة تحت مُسمى ( إدارة تأمين المراحيض التربوية ).
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة