حكى لي أحد الأصدقاء عن علاقة غريبة تربط خاله بالدكتور أمين حسن عمر.. وكان أمين زمن الرواية يعد ويقدم برنامج المنتدى الفقهي بتلفزيون السودان.. ما أن يبتدر المفكر برنامجه بكلمة السلام عليكم حتى يقوم الخال برد التحية كاملة ثم يغلق جهاز التلفاز.. السبب في هذه الجفوة أن لأمين قدرة هائلة في إثارة الجدل المصحوب بالغيظ.. وتلك سمة ربما ورثها من الشيخ حسن الترابي الذي كان يملك قدراً من السخرية يُفزِع الخصوم والأصدقاء في آن واحد. أمين ومن خلال أحد منابر التواصل الاجتماعي رمى حجرا ثقيلاً في بركة الحزب الحاكم الساكنة.. طالب الرجل، المثير للجدل، بسرعة حسم ملف الخلافة السياسية في السودان.. وأوضح أن على البشير أن يهيّء ساحة الحزب لقيادة جديدة.. بل مضى إلى أكثر من ذلك حينما أكد أنه كان معارضاً لترشيح البشير في الدورة السابقة رغم دستورية الترشيح.. الحديث الصريح سيعجّل بإثارة معركة الخلافة السياسية في السودان . في الحقيقة يظل ملف الخلافة السياسية أمراً محرجاً للغاية في العالم الثالث.. مثلاً في دولة سلطنة عمان ليس هنالك وليّ للعهد.. بل إن سر السلطان القادم يقبع في وصية السلطان الحالي المدسوسة في مكان أمين.. في مصر أخت بلادي ظل الرئيس مبارك يتجنب اختيار نائب رئيس طوال عهده.. اضطر الرجل في الأيام الأخيرة وتحت ضغط الجماهير لتسمية اللواء عمر سليمان في المنصب.. السبب في هذا الحرج أن المؤسسات ضعيفة وأن المعادلات قد تتغير في لحظة كما حدث في المملكة الاْردنية قبيل وفاة الملك الحسين بوقت قليل.. حيث قفزت ولاية العهد من الأخ الشقيق إلى نجل الملك مباشرة. لن تكون مراكز القوة في الحزب الحاكم سعيدة بمثل تصريحات أمين حسن عمر.. صحيح أن هنالك حركة واستعداداً من جانب تيارات عديدة لخلافة الرئيس الذي أكد مغادرته المنصب.. لكن أمين تعود على هذه العقوبات.. قبل أسابيع انتقد أمين نزع صلاحيات رئيس الوزراء القادم.. بعد التصريح بأيام تم نزع ملف سلام دارفور من بين يدي الرجل وتم إسناد مهام هامشية له.. الآن سيتكرّر ذات المشهد ولو بعد حين.. مراكز القوة لا ترغب في تغييرٍ قد يعصف بوجودها كما حدث في عهد أنور السادات.. لكن يبدو أن الرجل يعرف جيداً المآلات ورغم ذلك قال الأمين كلمته التاريخية ثم انصرف. في تقديري.. أن الأصح الاحتفاء بمثل هذه الروح المتمردة وسط واقع القنوع.. بل من المهم الاستماع لوجهة نظر دكتور أمين.. الوقت مناسب لطرح الخلافة السياسية في السودان.. ليس على مستوى الدولة فحسب بل على مستويات مقاربة في الأحزاب والطوائف الدينية.. حان وقت التغيير.. إن لم يحدث بحكمة وتأنٍّ فسيأتي بغتة.. الأجيال التي تحلم لن تنتظر ملك الموت أو المفاجآت السعيدة حتى تجد فرصتها في التبادل السلمي. بصراحة.. هنالك قادة أحزاب أكملوا نصف قرن في الزعامة.. أفضلهم يفكر في التوريث.. ومنهم من يقول هل من مزيد.. هيئة تحالف المعارضة رفضت تغيير الشيخ فاروق أبو عيسى الذي لا يستطيع التنفس بشكل طبيعي بسبب تقادم السنوات.. رغم ذلك يتحدثون عن التغيير. assayha
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة