من يعتقد إن تطبيق بنود وثيقة الحوار الوطنى التى عكفت الحكومه بمشاركة طيف واسع من الأحزاب والقوى السياسيه والعشرات من الحركات المسلحه ولفيف من القيادات المجتمعيه وكبار الأكادميين من قادة الفكر والرأى والفكر بالبلاد وبوجود رهط من معارضى المهجر ، من يعتقد إن بنود تلك الوثيقه ستحل مشاكل السودان وتضع البلاد على أعتاب مرحلة تحول سياسى ولا نقول ديمقراطى سينتشل هذه الدوله من وهدتها فهو واهم ! وعلى العكس من ذلك وعلى النقيض من الأحلام الورديه التى تداعب خيالات العديد من الساسه برأينا المتواضع الذى بلورناه بعد متابعه دقيقه للحوار الوطنى وبعد تأمل ودراسه عميقه لمخرجاته والتى بدأت الحكومه بالفعل فى تطبيقها بالتدرج تمثل بنود هذه الوثيقه فخاً جهنمياً تُساق إليه حكومة ( الإنقاذ ) التى حكمت البلاد بإنضباط تام وكبير لمدة سبعه وعشرين سنةً صمدت خلالها بقوه وثبات فى وجه كل العواصف والحروبات والفتن والتأمر على كافة المستويات الداخليه والخارجيه ونجحت بإمتياز فى التحكم وإدارة دفة الدوله فى وسط تلك اللجه الهائله والأنواء ، عانت ما عانت وتشبثت بقوه وأمسكت بعقال الدوله بإحكام كى لا تنفرط الأوضاع وتخرج الأمور من بين يديها بحيث لا يمكن البته لجمها بعد ذلك لتتحول البلاد من بعدها الى ليبيا أخرى ـ سوريا أو اليمن هذا إذ لم تتصمول ــــ ربع قرن ويزيد وحكومة الرئيس عمر البشير ظلت صامده وشامخه كالطود لا تهزها رياح حصار إقتصادى ولا حروب داخليه أُشعلت فى العمق والأطراف ولم تهزمها أى عزله دوليه حتى من أقرب الأشقاء فى دول الخليج الذين ناصبوها العداء السافر جراء تحالفها التكتيكى مع إيران ولم تفلح كل المحاولات المضطرده بإستمرار لإسقاطها بمختلف الوسائل حتى العسكريه ، قبلت الإنقاذ التحدى وإلتقطت القفاز وكونت تحالفاتها الخاصه دون أن تتنازل عن مبادءها أو ثوابتها قيد أنمله وأستمرت فى مسيرتها وهى تقهر الصعاب وتواجه تحدى تلو الأخر على الصعيدين الداخى والخارجى ، وفى ظل إستهداف واضح متعدد الأوجه أبرزه فصل الجنوب لتجفيف موارد السودان وحرمانه من عائدات النفط التى ظلت ردحاً من الزمن تمثل المصدر الوحيد للدخل القومى ومع إبقاء الحظر الإقتصادى عليه وتطويقه وعزله فى الداخل وشغله بإشعال هذا الداخل نفسه وجرجرته فى حروب داخليه طاحنه متعددة الجبهات فى ظل كل هذه المؤامرات أذهل السودان العالم وحير المراقبين بتصديه لكل تلك المؤامرات وإفشالها بل والأغرب تجييرها لصالحه !! السودان لم ينزلق للهاويه التى حُفرت له والسودان لم يمت رغم إن الموت والتمزق هو النتيجه الحتميه لذلك التخطيط الإمبريالى الجهنمى ـــ فى هذا الوقت كانت الأمور تتطور فى مختلف دول العالم وبعضها يأخذ منحى شديد السلبيه وتم إشعال الشرق الأوسط فإختلط الحابل بالنابل ـ سقطت أنظمه عتيده لدول فى المنطقه وإستحالت الفوضى والعشوائيه هى المسيره لتلك الدول التى كانت أمنه مطمئنه يأتها الله رزقها رغدا دون أن يتأثر السودان بأى شكل من الأشكال بإفرازات الحروب المهوله الداميه التى ما زالت تعصف بدول المنطقه وتزحف رويداً رويداً لبعضها ... إزاء هذا التغيير الدرامتيكى الذى عصف بدول الخليج والشرق الأوسط وأدى لتورط دوله كبيره محوريه فى العالم وهى المملكه العربيه السعوديه فى المستنقع اليمنى وكذلك دولة الإمارات العربيه المتحده التى إنساقت خلف الحرب وولجتها من بوابة التحالف العربى الساعى لضبط وإستقرار اليمن وإحلال السلام فيه وإعادة الأمل إزاء هذا خرج السودان من عزلته الإقليميه معززاً مكرماً ولبى نداء الشقيقه السعوديه ودولة الإمارات العربيه المتحده ليدخل معهم فى خندق واحد بلا قيد أو شرط مسانداً بقوه جهود الدولتين الشقيقتين فى سبيل إستقرار الأوضاع فى اليمن الشقيق ـ بهذا بات السودان لاعباً إقليمياً بارزاً ونأى بنفسه عن إيران الشيعيه الطامحه لفرض نفوذها وجبروتها فى المنطقه على حساب دول الخليج كلها والمسلمين السنه الذين يكابدون اليوم تصفيات عرقيه غير مسبوقه ترقى لجرائم حرب فى كلٍ من العراق وسوريا وهما الدولتين اللذان تمكنت إيران من بسط نفوذها فيها ـ بإنضمام السودان لمحور التحالف العربى السنى الذى تمثله الإمارات والسعوديه والإسهام الفاعل والمشهود الذى رفد به تلك الجهود الساعيه لفرض الشرعيه فى اليمن ولاحقاً فى دول أخرى أثار ليثير بذلك إعجاب إسرائيل نفسها التى تراقب الأوضاع عن كثب للدرجه التى دعت فيها الإداره الأمريكيه ودول الإتحاد الأوربى لإحتواء السودان وتثمين خطوة إنضمامه للحلف السنى الخليجى وتذليل الصعاب التى تعترض طريقه ودعمه إقتصادياً ورفع الحظر الإقتصادى عنه حتى لا يتقهقر مره أخرى ويعود للإرتماء فى الحضن الإيرانى ـــ هاتين خطوتين بالغتا الدلاله والمغزى تبيح البرغماتيه السياسيه الإستفاده منهما على أكمل وجه ، نجم عن ذلك وبدعم سعودى إماراتى وإسرائيلى بارز أن أصدرت إدارة الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما فى دقائقها الأخيره فى البيت الأبيض قراراً يفضى الى رفع العقوبات الإقتصاديه على السودان مرحلياً ـــ بهذا القرار ـ حدثت الإنفراجه وإنفتح الطوق الذى كان يكبل السودان وطوال ما ظل السودان ينتهج هذا النهج ويقترب أكثر من أشقاءه فى دول الخليج والتطبيع معهم فى كافة المجالات ويتخلى عن خطابه القمئ والجاحد تجاه إسرائيل التى مدت له يد العون وأسهمت فى رفع الحصار جزئياً عنه سيمضى السودان للأمام وسيرتقى بمواطنه المطحون فى الداخل وستنفتح عليه أبواب وبركات السماء طالما ظل عنصراً فاعلاً فى المشهد العام الذى يكتنف المنطقه وفى الوقت الذى أكدت فيه مصادر إماراتيه رفيعه سعيها الحثيث مع إدارة الرئيس الأمريكى الجديد دونالد ترمب بغية رفع الحظر الإقتصادى الكامل عن السودان بحلول شهر يوليو القادم بإذن الله إنطلقت ولأول مره أصوات سودانيه كانت تعرف بالراديكاليه والتطرف تدعو الحكومه علناً للتطبيع مع إسرائيل قالها الدكتور يوسف الكوده وأفتى فيها ثقاة علماء السودان معلنيين إنها مباحه ! إن صح هذا الأمر وثبت فقهياً ودينياً جواز التطبيع مع إسرائيل التى مدت لنا يد العون فماذا تنتظر الحكومه أكثر ذلك ؟ وإن كان التطبيع الكامل للعلاقات مع إسرائيل يبدو الأن سابقاً لأوانه ويحتاج لعصف ذهنى كبير وتحليل إستراتيجى قد يأخذ وقتاً لتأتى نتائجه ينبغى لنا على الأقل تقديم واجب الشكر لإسرائيل على مساعيها الحميده والطلب منها مباشرةً بدون أى لف ودوران السعى لدى إدارة دونالد ترمب الذى لا يرفض لإسرائيل طلباً وحثها على رفع كامل العقوبات المفروضه على السودان والإنفتاح مجدداً على هذا البلد والمساهمه فى تطويره وتمتين العلاقات بين الشعبين والدولتين ــــ هذه لمحه عابره وقراءه عُجلى لأحداث تجرى فى واقع مضطرب وكل يوم تشهد المنطقه تحولاً جديداً فى مختلف المجالات وكلها للأسف تحولات سالبه وفى خضم هذه الزوبعه يبرز السودان بقوه على الساحه لإعتبارات كثيره جداً منها السياسى والإقتصادى والعسكرى والأمنى ويمثل ركيزه صلبه بموارده البشريه الهائله وبفرصه الإقتصاديه المهوله والأهم من ذلك إستقراره الأمنى والسياسى ما جعل منه ملاذاً أمناً للعديد من شعوب المنطقه المهجره بالحرب والفاره من بلدانها وهو بهذا يمثل قاعده لوجستيه مأمونه تنعم بالسلام والهدوء وإستقرار الأوضاع تصلح كملجأ وملاذ أمن كذلك لكل حكومات دول المنطقه وشعوبها حال إن نشبت حرب الشرق الأوسط المهيبه القادمه ففى ظل التوتر الدولى القائم الأن والمعارك الكلاميه المشوبه بالتحدى ما بين إيران وإدارة دونالد ترمب فإن الأوضاع فى المنطقه مرشحه للإنفلات ومهيأه قبلاً لنشوب حرب ضروس لا هواده فيها تشمل كل الدول العربيه من المحيط الى الخليج ماعدا السودان الذى سيظل بمأمن من تلك الكوارث المدلهمه الماثله الأن فى الأفق . ولما كان الحال هو هذا فلماذا تلجأ الإنقاذ وحكومة الرئيس البشير الى تقليص نفوذها القوى فى الداخل وهى التى فرضت الأمن والإستقرار لهذا البلد بفضل طاقمها الكامل الممسك بمقاليد السلطه فى شتى أنحاء البلاد ؟؟؟ فى ظل هذه الظروف الميحطه بنا من كافة الجوانب على الحكومه الحاليه أن تعض على نفسها بالنواجز وتتعاضد وتنكفئ على نفسها وتواصل إدارة دفة دولاب عمل الدوله فى الداخل والخارج بذات الكيفيه التى صمدت بها طوال سبعه وعشرون عاماً . اى إندساس لأى دخلاء جدد تزمع الحكومه دسهم بين مفاصل السلطه وصنع القرار سيرتد وبالاً على الحكومه نفسها ومن ثم على الشعب الذى لم يفوض أحداً ليمثله أو يمتطى صهوة منصب بإسمه . الحكومه الحاليه مستقره ـ والأوضاع الأمنيه والأقتصاديه مستقره وسفينة الإنقاذ ماضيه بقوه تشق طريقها وسط لجة محيط مضطرب تتقاذف دوله الأنواء فهل هذا مدعاه لأن تشيل الإنقاذ أصبعها وتتبظ به عينها ؟ إن هذا لعمرى هو الغباء بنفسه .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة