بُعيد حل المجلس الوطني عقب مفاصلة الإسلاميين قرّر الترابي أن يواصل معركة دستورية طويلة ضد قرار الحل.. لم يكن هنالك نصٌّ في الدستور يسمح لرئيس الجمهورية بأن يتخذ ذاك القرار المهم.. الخطوة الأولى كانت يذهب الشيخ إلى البرلمان في ذات الوقت المعتاد.. حينما وصل الشيخ أبواب البرلمان وجد مساعد الشرطة الذي كان يهرول لفتح الباب في وضع مستريح جداً.. حينما لم يتمكن الترابي من إقناع الشرطي بفتح الأبواب اقتنع أن الجولة انتهت بالخسارة.. ظل شيخ حسن يتذكر تلك الأيام إلى أن توافه الله. حملت صحف بداية الأسبوع أن المجلس التشريعي بالخرطوم شرع في تعديل الدستور لصالح ضخ مزيد من السلطات في يد السيد الوالي.. الممارسة جاءت أسوة برئيس الجمهورية بعد الحوار الوطني.. بعد التعديلات الدستورية بات بإمكان الرئيس تعيين عدد من أعضاء البرلمان وذلك لاستيعاب أحزاب قاعة الشارقة.. لكن رئيس الجمهورية سيتنازل عن بعض سلطاته للسيد رئيّس الوزراء.. إذاً ماذا يفعل الوالي إن كانت كل الصلاحياته عنده في الولاية . التعديلات التي تستهدف الولاة ستفسد ما تبقى من الحكم الولائي.. فقدت من قبل الولايات حق انتخاب ولاتها من القاعدة مباشرة.. كما تم تجريد المجالس التشريعية من حقوقها حينما تمت التعديلات الدستورية الأولى.. من قبل كان بإمكان أي مجلس تشريعي أن يُطيح بالوالي بأغلبية الثلاثة أرباع.. إذا عاد الوالي مجدداً على أعناق الشعب بات المجلس محلولاً. في تقديري.. من المهم جداً أن تكون الساحات الشعبية في الولايات ميادين للتدريب على ممارسة الديمقراطية.. لهذا من الأفضل أن يُعاد النظر في الأجهزة الرّقابية ممثلة في المجالس التشريعية.. بل من الأفضل أن يمنح المجلس سلطة إكمال عضويته بدلاً من آلية التعيين من أعلى.. حتى مجلس الولايات الجاثم في مقرن النيلين لا يقوم بواجباته في إعادة التوازن في السلطات المتباينة.. بل من الأفضل أن يكون مجلس الولايات معبِّراً عن دوائر الحكم البعيدة.. سلطة مساءلة الولاة يجب أن تكون حصراً على هذا المحلس وذلك حتى يكون قوياً. إذا ما غض المركز البصر وجعل الأمصار تُدار عبر توازن سلطات حقيقي ستكون النتائج جيدة.. لسنوات طويلة ظلت الأنظمة الشمولية ترفع شعار الديمقراطية وتمارس أبشع الممارسات.. السبب في ذلك أن الديمقراطية لم تمنح فرصة النمو الطبيعي دون أن تقتلعها أعاصير الانقلابات.. إذا نجحت الممارسة في الولايات سيكون من اليسير أن تنتقل إلى الخرطوم. بصراحة.. هنالك بعض الولاة سيتستغلون بند الضيافة في مائدة الحوار الوطني.. ستتوسَّع سلطاتهم ويصبح الوالي حاكماً مطلقاً في كل ولاية.. رغم أنه من الأفيد أن تنال الولايات حقها في إدارة نفسها. assayha
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة