إذا كان المؤتمر الوطني بجلالِ قدرِ تشبثهُ بالسلطة و الحُكم ، لم يقوى على المُجاهرة أمام الملأ بذاك السؤال البليد الواهن الشكل و المضمون و الذي مفادهُ ( وما هو البديل المناسب المطروح لخلافة حكم المؤتمر الوطني ؟ ) ، و رغماً عن كل ذلك تجد بعض المتهجمين على قطاع الفعل السياسي و هم منه أبعد من بُعد الثريا عن السفوح ، ليرددوا هذا السؤال القبيح المُخزي ، و لأن دلالاته نتنة و غير مُحببه فقد ظل حكم الإنقاذ الشمولي في السودان منذ زمن ليس بالقريب يردد أنه لن يتوانى عن الإنخراط في كل المقترحات و المخططات الرامية إلى توسيع الشراكة في حكم البلاد ، و كان آخرها ما عُرف بالحوار الوطني الذي يبدو أن مُخرجاته وُأدت قبل أن تولد بعد التطورات الأخيرة التي طالت قاعدة الحراك السياسي العام ، و بالرغم من إيماننا التام والذي يشاركنا فيه الكثيرون أن معظم المبادرات و المخططات التي قدمتها الإنقاذ أو دُعيت إليها و تعاملت معها ، لم تكن يوماً تُعبِّر تعبيراً حقيقياً و عادلاً و فعالاً لقضية تداول السلطة في السودان ، و هو كما يعلم الجميع مبدأ لا يمكن أن ينفك عن مدلولاته الفكرية و التنظيمية المتعلقة بالتواثق حول نظام ديموقراطي ينبنى على مرحلة إنتقالية ، يتم فيها فصل حقيقي و حاسم لحزب المؤتمر الوطني من تداخلاته الشائكة مع مفاصل الدولة و مؤسساتها الحيوية وخصوصاً الإقتصادية و الأمنية ، بالقدر الذي يجعل منه حزباً عادياً كباقي الأحزاب ، تنبني إقتصاديات تسييره على منتوجه الذاتي بالقدر الذي ينشر مساحات من العدالة في توزيع الفرص و الإحتياجات و الوسائل بغرض الحصول على إنتخابات نزيهة و مُعبِّرة عن إرادة الجماهير ، كل محاولة من المؤتمر الوطني لتأطير المشاركة في السلطة خارج تلك الفكرة السابق ذكرها تُعتبر مجرد إستماتة للمزيد من الإنفراد بالسلطة و تسويفاً للحلول الناجعة لكسب المزيد من الوقت ، أما أولئك النفعيون و المتمسحين بجاه النافذين لمجرد الحصول على الفتات ، في وقت يقاسي فيه هذا الشعب مرارة الموت بالجوع أو المرض أو الإحساس بالمهانة و الإذلال حين يقف معظمه مكتوف الأيدي أمام متطلبات بيته من قوت و علاج و تعليم و سكن لائق ، فهم متهمون بل مُثبت عليهم ترديد ذاك السؤال القميء ( وما هو البديل ؟ ) .. في حين أن أصحاب الوجعة الحقيقيين من المنتسبين للنظام لم يرددوها حياءاً و خوفاً من ردود سوف تكون أوجع من الوجعة نفسها ، يسألون ذلك السؤال كمقدمة تليها هرطقات التخويف من ضياع السودان و خرابه و يتمثلون لإثبات ذلك بما حدث في العراق و ليبيا و سوريا ، ذاك في رأيي سلاح واهن لن يجدي إستعماله مع هذا الشعب الذي إبتدع قبل مئات السنين المثل السوداني القديم ( حواء والده ) .. و إذا كانت النظرية نظرية بدائل ، لما توالت الحكومات و العهود على هذه البلاد ، و لما قال الأقدمون ( لو دامت لغيرك ما آلت إليك ) .. نحنُ نعوِّل على شباب هذا البلد و بناته بعد ما أثبتوه من وعي و إستنارةً ربما لم تحققها أجيال سابقة ، في تأمين بدائل و ليس بديل واحد قادرة على قيادة هذه البلاد إلى بر الأمان ، و فق دستور جامع و مُتفق عليه يؤمن لي و لك و له إمكانية التغيير بعد إنقضاء مدة حكم محددة ، لنجرِّب غيره فلربما كان أكثر فلاحاً .. ببساطة لأنو ( حوا والده ) ..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة