أفق بعيد نعم، فقد قال رئيس الاتحاد العام للصحفيين الصادق الرزيقي، إنه لم يسمع بصحفي في العالم يضرب عن العمل، وأضاف بعد مقدمة إنشائية طويلة "الصحفي لا يضرب لأن الصحافة معنية بنقل الوقائع وتقديم المعلومات وتبصير المجتمع بما يدور.. لذلك فلم نسمع من قبل بأن هناك صحافة توقفت وأضربت عن العمل"..!! (الأهرام اليوم- العدد 2428 الإثنين 5 ديسمبر 2016). أضرب الصحفيون بمؤسسة بي بي سي في مارس 2013، وفي يوليو 2014 لأسباب لها علاقة بالأجور وتخفيض العاملين. أضرب الصحفيون بصحيفة نيو كويست في لندن عن العمل يوم 13 أكتوبر الماضي، وفي أستراليا أضرب الصحفيون العاملون بمؤسسة فيرفاكس، وهي من أضخم المؤسسات الإعلامية في العالم, ويمكن للسيد الرزيقي أن يضع كلمة إضراب الصحفيين في محرك قوقل لتأتيه نتيجة بحث عن إضرابات الصحفيين في كل قارات الدنيا. هذه جزئية أولى تتعلق بمعلومة خاطئة قدمها رئيس الاتحاد، وحاول أن يبني عليها نتائج خاطئة، الصحفيون مثلهم مثل أي قطاع آخر في المجتمع يضربون عندما تكون هناك حاجة لاستخدام سلاح الإضراب من أجل قضيتهم. والحجة التي استخدمت هنا هي نفس الحجة التي استخدمت ضد الأطباء، .."الأطباء لا يضربون لأن مهمتهم مقدسة"، ولكن ببساطة حين تكون هناك أسباب تمنع الطبيب أو الصحفي من ممارسة مهنته المقدسة وتعيقه عن أداء واجبه، فمن حقه اللجوء لوسائل الاحتجاج والمقاومة الممكنة، ومنها الإضراب. كان يمكن للرزيقي أن يقول أنهم يرون أن هناك وسائل أخرى يرونها مناسبة أكثر، أو يحتج بالتوقيت، أو أية أسباب أخرى غير تقديم المعلومات الخاطئة، وهو عضو بالاتحاد الدولي للصحفيين، ولو تابع نشراتهم سيقرأ كل يوم عن إضراب صحفيين في مكان ما من العالم، وقد يتضامن معهم. ثم يعلل بأن الصحفي لا يضرب لأنه مطالب بنقل الوقائع وتقديم المعلومات وتبصير المجتمع، حسناً وماذا يفعل الصحفي حين تتدخل السلطة وتمنعه من نقل الحقائق وتقديم المعلومات؟، هل يستمر في تقديم الأخبار المغلوطة والمضروبة ويساهم في تزييف وعي الناس والمجتمع؟ السيد الرزيقي يقول في نفس الحوار مع الزميلة "الأهرام اليوم" إن المصادرات إنتهاك واضح وصريح لحرية الصحافة، ويقول في موضع آخر إن الصحافة السودانية تتعرض لهجمة مميتة وقاتلة، وإن ما يحدث انتهاك صريح لمخرجات الحوار الوطني، إذا كان هذا هو الحال، فماذا فعل اتحاده؟ لقد أصدر بياناً، ولا يهمه إن قرأه الناس وعلموا به أم لا، بحسب قوله.. ثم يختم بالقاضية " ماذا نفعل أكثر من ذلك.. هل نحمل السلاح؟". إذاً الخياران اللذان يعرفهما السيد رئيس اتحاد الصحفيين هما إصدار بيان أو حمل السلاح، وهذا يفسر ببساطة لماذا يحس الصحفيون أن الاتحاد بعيد عنهم ولا يمثلهم، فهو ليس مؤسسة نقابية، ولا علاقة له بتاريح وإرث الحركة النقابية في السودان ونضالها من أجل حقوق أعضائها، بدون أن تحمل السلاح. السيد الرزيقي واتحاده يقدمون الانتماء السياسي للحزب الحاكم على مسؤوليتهم النقابية والمهنية، لهذا فحدهم في الاحتجاج هو إصدار بيان يتيم، ثم يعودوا لنومهم. altayar
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة