خطرت لي فكرة لكنها فيما يبدو عليه أمر الواقع المعاش فإن أنسب ما يمكن أن توصف به أنها مجرد ( حُلم وأماني ) ، فحواها أن يتنازل كل السياسيين الفاعلين على مستوى كل الأحزاب والحركات والمؤسسات التي تتعاطى العمل السياسي بصورة مباشرة أوغير مباشرة والذين تجاوزت أعمارهم الخمسين عاماً عن مناصبهم الدستورية والتنظيمية ، لا ليتقاعدوا في البيوت ويصارعوا الفراغ والملل ولكن لينضووا تحت هيئة أو مجلس يمكن أن نسمية ( مجلس الحكماء ) أو ( الهيئة الإستشارية العليا ) وفق صلاحيات يحددها الدستور الجامع ( المرتقب بإذن واحد أحد ) يتم من خلالها الإستفادة من خبراتهم وملكاتهم المتعلقة بعلوم وفنون العمل السياسي ، ثم نفتح صفحة جديدة تؤسس لثقافة تفعيل دور الشباب في المؤسسات السياسية وإفساح المجال عبر ما يتم إختياره من أساليب لتداول السلطة لتوليهم أمر حاضر البلاد ومستقبلها ، هكذا تفعل الدول المتحضرة ، لأن قمة العطاء مرتبطة بقمة العنفوان والحماس والأمل في المستقبل ، وهذه صفات فطرية في روح الشباب لا يمكن أن تطغى عليها فلسفة الإنتماءات السياسية إلا بالقدر الذي يمكن كبحه باللوائح والقوانين والدستور ، الكثير من رؤساء الوزراء و الحكومات والنافذين في الدول التي تُعمل أداة الديموقراطية يضربون أمثالاً ( إجتماعية ) و( أخلاقية ) سامية في مجالات عدة أهمها التواضع والتواصل ومحاربة الكلاسيكيات البروتوكولية التي تغذي بدورها المد البيروقراطي ، وذلك فقط لأنهم شباب لم يتجاوز عمر أكبرهم سناً في كثير من الأحيان الثانية والأربعين عاماً ، ومن ناحية أخرى هم بالتأكيد سيكونون الأكثر إستيعاباً لإحتياجات المرحلة وما يليها من منظور الشباب بإعتبارهم الأكثر تمثيلاً من حيث العدد في بلادنا والأهم من ناحية إطلاعهم برسم لوحة الغد والمستقبل ، كل شيء يمكن تخطيطه ، بل يجب تخطيطه ، وأمر التخطيط الإستراتيجي لكوادر الفعل السياسي لصالح مستقبل الأمة والبلاد هو أمر هام وحيوي ، فطاقات الشباب ومواهبهم وأفكارهم وأحلامهم ظلت مُقيَّدة ومهزومة أمام ثقافة ( كنكشة الكهول والشيوخ ) على واقع العمل السياسي ، وهذا أمر تعانيه كافة التنظيمات والأحزاب السياسية ، فأمانات الشباب و الطلاب فيها ما زالت تعبيراً شكلياً وصورياً يُقصدُ منه فقط الإستعراض الإعلامي والتعبوي ، هناك فئة عمرية يمكن حصرها في الذين تتراوح أعمارهم بين الـ35 و الـ 45 عاماً مقصيين خارج إطار التمكن من الوصول إلى مناصب دستورية وسياسية عليا داخل التنظيم وفي هيكل الدولة ، مَنْ قال أن من يُفترض أن يكون رئيساً لحزب من الاحزاب أو رئيساً لحكومة سودانية غير صالح إن لم يتجاوز عمره السبعون عاماً ؟ هل من مغالط إذا سلَّمنا بأن أمر المنصب والسلطة تكليف وليس تشريف وقوامه العمل و العطاء والبذل المُضني أحياناً سيجيد أداءه من كان في عنفوان الشباب بدناً و فكراً أكثر مِن مَنْ أهلكت السنون بدنه وفكره وقدرته على تحمل الضغوط والصعوبات ؟ أما أمر الخبرة والإلمام بشكليات ومضامين العمل السياسي فلنترك الشباب يكتسبونها من التواثيق والكتب وما سجله التاريخ وكذلك عبر كهولنا من السياسيين في ( مجلس حكماء ) أو ( هيئة الإستشارية العليا ).
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة