*زميل الدراسة (وهبة) كان يعشق قبطية جميلة.. * كان ذلك ببلدة تتبتل عند محراب النيل حيث ترسو الجواري في البحر كالأعلام.. *كان حبا من طرف...واحد يكتفي هو منه بالنظرات.. *نظرات والهة يصوبها نحوها حين تلج الكنيسة أيام الآحاد...وحين تخرج منها.. *وحبه هذا ما كان ليعنينا في شيء لو أنه تركنا في حالنا.. *فهو كان يلح علينا- بلزوجة- أن نرافقه الى الكنيسة...صباح كل أحد.. * ثم نبقى لدى بابها حتى تنسرب منه فتاته...تتهادى.. *نحو عربة أهلها (الجيب)...والصليب يتأرجح على نحرها الأبيض .. *ومرت (آحاد)...حتى بلغ هيام وهبة من العمر حولاً.. *ومن بين غيوم السنوات التي تراكمت على الذاكرة ألمح وقائع متفرقة.. *وقائع قد تعين على فهم ما حدث لصديقنا بعد ذلك.. *فها نحن نصعد يوماً الدرج المؤدي إلى الدهليز الرئيسي للكنيسة الحجرية العتيقة.. *نفعل ذلك رضوخاً لرغبة وهبة المشفوعة بالدموع.. *فقد أراد أن يستنشق عبق المكان الذي (يحتوي) محبوبته كل أحد...هكذا قال.. *وأن يستشعر وجودها في قاعة القداس ذات المقاعد الخشبية.. *ثم ها نحن نسير بحذر بين أبواب مغلقة صغيرة على جانبي الدهليز الرطب.. *والصمت المطبق له (طنين) مخيف في الآذان.. *ويفضي الدهليز إلى بهو واسع...بارد...نحس إزاءه برهبة.. *رهبة كادت أن تدفعنا إلى التراجع...لولا أن تماسكنا.. *وصرير (مرعب) يُفجِّر سكون المكان لتلفظ العتمة أمامنا قسيساً وضيء الوجه.. *وبعد قليل أخذ ورد يفصح كاتب هذه السطور عن أسباب الزيارة.. *ويكاد عاشق ماجدة أن يقع مغشياً عليه...أو لعله فعل.. *ثم أُبصرُ القسيس الباسم يقود وهبة - بحنوٍّ- نحو الباب ذي الصرير.. *ويزداد هنا ضباب السنوات كثافة على الذاكرة.. *كل الذي أذكره - الآن- أننا لم نعد نذهب إلى الكنيسة صباح كل أحد.. *ولم أر ماجدة مرة أخرى إلا أمسية حفل زفاف جارتنا ماجدة.. *وكانت قبطية مثلها...وصديقة لها...ووالدها يشارك الصائمين إفطارهم في رمضان.. *كان ذلك بعد سنوات عديدة من يوم اقتحامنا الكنيسة.. *لم أعد أدري ما حل بوهبة بعد أن نُقل والده لمدينة لا تدوي في أجوائها الصافرات.. *والبارحة صادفت رفيقاً من رفاق صبا تلكم الأيام.. * وأخبرني أن وهبة ..وزوجته ماجدة.. وأبناءهما.. عادوا- نهائياً- من الاغتراب.. *ولم أسأله عمن تكون ماجدة هذي...بما أن خيالي قد أجاب.. *فالواقع حين يكون جميلاً...لا يجب أن نضن عليه بخيال يناسبه جمالاً.. *ودوت في الذاكرة رنّة ناقوس لها صليل.. *وأعقبتها صافرة ذات (ارتواء !!!). assayha
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة