يحكي أن أحد رجال الجبهة كان صاحب نفوذ بين الإسلاميين في تلك المدينة القصية..ساعده في ذلك بسطة في الرزق والجسم واتصال في العلاقات مع الخرطوم..داره كانت مهبطاً للزوار القادمين من العاصمة في رحلات الشتاء والصيف والخريف ..حينما اندلعت عاصفة المفاصلة تعرض الرجل إلى موقف صعب.. مضى الشيخ الترابي إلى تلك المدينة وكان من المتوقع أن يحل ضيفاً على منزلته الراتبة ..لكن صاحب الدار الوثيرة أرسل مقولة سارت بها الركبان في معرض اعتذاره عن استقبال الترابي( هذا شيخي وذاك أخي). ستكون الخرطوم أشقى العواصم بالمفاصلة التي وقعت بين دول مجلس الخليج العربي..مطلوب من الخرطوم المفاضلة بين الماضي والمستقبل ..ظلت قطر حاضرة بقوة في المشهد السوداني حيث رعت أطول مفاوضات سلام انتهت بتوقيع وثيقة الدوحة بين الفرقاء السودانيين ..لم تتأخر الدوحة أبداً عن دعم السودان اقتصادياً وسياسياً..بل إن الأمير القطري تميم زار السودان وجاءت على إثره والدته الشيخة موزا فأحيت السياحة في السودان بعد موات..موقف الدوحة من الخرطوم يتسق مع موقفها من الإسلام السياسي بشكل عام..فقد ظلت العاصمة القطرية مهبطاً لقادة حماس ومرتعاً للشيخ الراحل حسن الترابي..لهذا يكتسب الموقف من قطر بعداً أخلاقياً. في الجانب الآخر من المعادلة تبرز ثلاث دول لها تاثير كبير على المشهد الإقليمي ..الرياض والقاهرة وأبوظبي..كلها تنتظر موقفاً من الخرطوم ينسجم مع توجهات هذه العواصم في خنق الدوحة ..الرياض غيرت من استراتيجية معاداة الخرطوم إلى احتوائها..وكانت الخرطوم عند التوقعات الحسنة في حرب اليمن..لكن الثمرات الاقتصادية للعلاقة بين البلدين لم تتضح بشكل مباشر أمام أعين المواطنين..حتى على مستوى الزيارات الودية كانت العلاقة قاصرة على فتح الأجواء السعودية للقيادات السودانية..أهمية الرياض أنها الراعي الرسمي للعلاقة بين واشنطن والخرطوم..في هذا التوقيت لا تحتمل العلاقة أي مخاطرة . أبوظبي والقاهرة يشغلهما شاغل واحد هو الإسلام السياسي..لذلك ظلت العلاقة مع الخرطوم تواجه مطبات كثيرة.. بل إن وجهات النظر تكاد تتصادم في ليبيا..رغم ذلك ظلت أبوظبي تنظر إلى السودان على أمل انحسار النفوذ الإخواني فيما كانت القاهرة أكثر تشككاً..محطة الدوحة أعادت الدور المصري في الخليج..لكن القاهرة لن تكون متحمسة لاستيعاب الخرطوم في المرحلة المقبلة وربما تستغل هذه الأزمة للوقيعة بين الخرطوم وعواصم الخليج الثائرة. في تقديري أن على الخرطوم ألا تتعجل في تقديم تنازلات كما حدث في العلاقة مع إيران..الوجود السوداني في اليمن يجعل للخرطوم مكانة خاصة في الأمن الخليجي ..لا أحد يمكن أن يسد الفرقة على الأرض وقد سبق لمصر أن اعتذرت من القيام بمهام شرطي الجبال..قطر تحت الضغط الجديد ستكون أكثر وفاءً للأصدقاء ..ليس أمام الخرطوم إلا سياسة شراء الوقت والتنسيق مع دول بحكمة سلطنة عمان والكويت . بصراحة..علينا حساب مصلحة السودان بدقة وعدم الانجراف الى سراب لم نصله يوما..ما يحدث في الخليج يستحق التأني والدراسة . assayha
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة