في أحدي الندوات التي حضرتها و كانت تتكلم عن قضايا المرأة السودانية يحضرني خطاب السيدة زينب الضاي إحدى عضوات الحركة الشعبية و المنحدره من جبال النوبة التي أرادت من خلال خطابها تسليط الضوء بعض الشيء علي معاناة المرأة في مناطق النزاعات و أستشهدت بحادث لبنى و البنطال و قالت : أن الشعب السوداني أقام الأرض و اقعدها في حادثة لبنى و البنطال و منهم من خرج في مظاهرات و احتجاجات بينما لم يرمش لهم رمش وهم يرون نساء الهامش يعانين من الحروب و القتال و الاغتصاب و قالت : أن حجم معاناة النساء الأخريات بالمقارنة بنساء الهامش هي عبارة عن رفاهية و حاولت ضرب المثل بالايسكريم فقالت : عندما يكون هناك من يموت جوعا و يأتي شخص آخر متضجر لأنه بعد أن شبع و تناول وجبته لم يحصل على الايسكريم للتحليه فهذا يدل علي أن هنالك عدم عدالة اجتماعية لأن فئات الهامش غير قادرة على الحصول على أساسيات الحياة و هنالك من يتضرج لعدم الحصول على الثانويات و أنا كنت قد فهمت قصدها من خلاك تعبيرها البسيط و لكن شعرت به حقيقة و عشته و أنا انغمص أكثر فأكثر في وسط أبناء النوبة بحثاً عن حقائق خفية و لكن هذا البحث أتاح لي الفرصة أن أعيش معهم يومياتهم المليئة بالمعاناة و حياتهم التي هي عبارة عن معاناة و ثورة و نضال فعرفت أن هؤلاء الناس لا يعرفون معنى الرفاهية و لا الراحة و لا حتى الحلم و المؤسف في الأمر أني في الصباح الباكر بعد أن خرجت من قروب أبناء جبال النوبة و توجهت إلى قروبات أخرى وجدت بعض الرجال الشماليين و لن أقول جميعهم حتى لا أظلم الآخرين يتضجرون و يبكون و يستغيثون بالبشير ناشرين بوستات يطالبون فيها من البشير طرد الجنوبيين لأنهم وسخوا البلد و صار الحال غير مطاق و ان الجنوبيين هم أسباب الوسخ و الكوليرا التي عمت البلاد و يقولون ان الجنوبيين صاروا يضايقونهم في عيشهم و مسكنهم و هنا تساءلت : هل الكوليرا هي مرض جديد علي السودان لم يشهده إلا عند نزوح الجنوبيين؟ و ما هي الأشياء التي صار الجنوبيين يضايقون فيها السودانيين ؟ هل يا ترى هي المخيمات الموجودة في أطراف الخرطوم في أقذر المناطق المهجورة ام ماذا؟ و لم تكتمل صدمتي بعد فإذا بي انصدم بيوميات حواء السودان التي تصب في كريمات تبيض اللون و سلخه ولكن أفظع ما في الموضوع هذه المرة كان منشور بعنوان : كيف تنجلخي و أنت حامل؟ والله العظيم أصبت بالاشمئزاز و القرف اولا من الألفاظ السوقية (كيف تنجلخي) و من المفردة المستخدمة نتوصل إلى المعنى المقصود اي أن حواء السودانية لم يعد هدفها تبيض لونها فقط بل تطور هدفها و صار هو أن تسلخ جلدتها سلخا كاملاً لذلك تجدهن يتكلمن عن الفسخ و الجلخ هذه الألفاظ السوقية التي تدل علي مدي الانحطاط الفكري و عدم الشغله و لكن أغرب ما في الموضوع ان حواء السودانية صارت غير قادرة على تقبل ذاتها و تريد أن تنجلخ حتى في فترة الحمل و نرى ذلك في منشوراتهن : ( كيف تنجلخي في فترة الحمل) و عند قرأتي لهذا المنشور دار في رأسي سؤال هو: ماذا عن المولود عندما يولد سيتم جلخه بالكريم المبيض أيضاً؟ أم تظل المرأة المنجلخه بيضاء و إبنها أسود؟ والأخطر من ذلك هو أن حواء السودانية ذهبت إلى أبعد من ذلك و باتت تستخدم منتجات صينية لجلخ لون الشفاه حتى تتحول الشفاه من اللون الداكن إلى اللون الوردي و عزيزي القارئ لم يتوقف الأمر عند ذلك فقط بل صرن يروجن لمنتجات صينية و أمريكية لتغير لون حلمة الصدر و العجيب في الأمر أيضاً عندما يقلن لبعضهن : من أجل المحافظة على النتيجة التي سوف تتحصلين عليها من عقاقير و حقن التسمين و تكبير المؤخرة يجب عدم المشي لمسافات طويلة للحصول على نتيجة جيدة يعني من ركشة لي ركشة و من أمجاد لي أمجاد عشان ما ترهقي نفسك و تحافظي على النتيجة المذهلة السحرية ، و استغفر الله العظيم اللهم لا شماتة و لكن لا أدري عن أي نتيجة يتحدثن و النتيجة هي عبارة عن تراكم شحوم و دهون قاتلة و ضارة بالصحة حتى صرن متشابهات في الخلقنة الجسمانية التي أصابتهن بسمنة متمثلة في حلقوم متدلي و كروش و ضرعات ملاكمين اللهم لا شماتة و لن أكمل و أقول اللهم لا شماتة في حكمك لأن هذا ليس حكم الله هذا اختيارهن و نتيجة ما اقترفت أيديهن إذن عزيزي القارئ هذه هي اهتمامات حواء السودان التي هي نصف المجتمع و هي التي تعطي الحياة و هي مخرجة و مربية الأجيال، هذه هي حواء التي نعتمد عليها في أحداث تغيير إجتماعي و سياسي و نعول عليها في أحداث ثورة فكرية من أجل تغيير المجتمع إلى الأفضل، و هكذا تتباين الصورة أمامي عندما امكث قليلاً في قروبات أبناء جبال النوبة و الجنوبيين و أرى اهتماماتهم ثم أعود لهؤلاء وأجد الرجال يبكون من تواجد الجنوبيين و النساء يرددن الألفاظ السوقية المتمركزة في جلختي و جلختكي و فسختي و فسختكي و هكذا فهمت بصورة أكبر ما كانت تعنيه زينب الضاي في خطابها و الرسالة التي كانت تريد أن ترسلها للمواطن السوداني عن تباين معاناة أبناء مناطق النزاعات بمعاناة السودانيين الآخرين و لكن حتى نكون عادلين هنالك جزء حتى ولو قليل من أفراد الشعب واعي لما يحدث في بلده و مهتم بقضايا وطنه.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة