كل الدول العربية كانت تقول بان مصر تكتب ولبنان تطبع والعراق تقرأ او سوريا تقرأ أو تونس تقرأ او السودان يقرأ.. هذه المقولة التي لا تعني سوى عدم القدرة على الانتاج المعرفي تفخر بها الشعوب رغم مافيها من نقص وعدم منطقية لأن من يكتب بالضرورة يقرأ ومن يطبع بالضرورة يقرأ أيضا ناهيك عن عدم صحتها فمصر كتبت وطبعت بمطابعها ﻷن أول دولة عربية دخلتها المطبعة كانت مصر مع الحملة الفرنسية وهناك دور طباعة ونشر لها ما يقارب المائتا عام في مصر أو اكثر ... السودان لا يكتب ولا يطبع وبعد هذه الهزيمة النكراء اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وثقافيا بل وحتى رياضيا واستشراء الفقر والحرب لم يعد يقرأ..جهاز الأمن يصادر الكتب ولجنة المصنفات تمنع الباقي والعقل المجتمعي الرجعي يكبح الاقلام المتبقية . دور النشر السودانية ضعيفة جدا ولا تتجاوز نطاق العاصمة المثلثة ، نحن دولة حرب مهزومة تزيدها أوارا هزيمة عقلية لا تستطيع أن تفكر خارج صندوق المعطى الاجتماعي السائد .. العقل السوداني لا يفكر وحين يفكر يحرق سفنه كلها في قضية تافهة غير منتجة ولا مطورة ، القلة القليلة التي انتجت على حسابها الخاص نبذت وأهملت وظهرت تجاهها العداوة والبغضاء بما لا تظهره الألسن بقدر ما تظهره القلوب السوداء.. وما تكشف عنه القلوب لا تستطيع أقنعة الالسن أن تخفيه . للأسف فإن هذه المرجعية العقلية السالبة يتم توريثها للأجيال جيلا بعد جيل . وتتناقلها الجينات مضغة فعلقة ، ولا يبدو من ومضة ضوء في آخر النفق هذا إن كان للنفق آخر. إننا بحاجة إلى ثورة قيمية تنسف مسلمات أخلاقية وفكرية تكرست عبر العقود من قبل الاستعمار وحتى اليوم .. نحتاج إلى أن نعترف بالقصور الذاتي وبأننا لسنا كما نتوهم آلهة أو أنصاف آلهة.. على العقل السوداني أن يتواضع قليلا ليفهم أن العالم لا يتخذه مركزا يدور من حوله .. بل نحن على أطراف الوجود الابداعي والثقافي... عندما ننزل الى الواقع نستطيع أن نرمم النواقص والسلبيات بسهولة.. 16 يناير2016
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة