يروي الراوي أن نفراً من السياسيين الجنوبيين مضوا إلى بيت الرئيس سلفاكير في ديسمبر ٢٠١٣.. كان ذلك قبل أيام من اجتماع مجلس التحرير الذي يمثل مخزن اتخاذ القرار في الحركة الشعبية.. طرح الوفد الزائر على الرئيس سلفا أهمية طرح وحسم ترشحه للانتخابات الرئاسية مبكراً.. تبسم الرئيس من هذه الفكرة المجربة في بلاد أخر.. والخطة المقترحة ستبعد بالضربة القاضية كلاً من تحدثه نفسه بوراثة العرش.. ذات الرجال وصلوا لاحقاً إلى بيت مشار الذي يتمدد في عدد من الأفدنة ..حاول مشار أن يقنعهم أن الوقت مبكّر لحسم الأمر وأن هنالك أجندة كثيرة تستحق البحث.. حينما حاصره السماسرة قال لهم أنا لست معكم في الأمر.. عاد الرجال بكلمة السر للجنرال سلفا..بعد (٤٨) ساعة كانت سحب الحريق تغطي جوبا..بعد ذلك فشل الوسطاء في صنع مصافحة بروتكولية مع كل اتفاق سلام ينتج من الضغط الدولي. بالأمس تنفس السودانيون الصعداء مع توقيع أطراف الصراع على خارطة الطريق التي أعدتها الوساطة الأفريقية.. حتى الذين صنعوا الحرب أمثال الجنرال مالك عقار ذرفوا بالأمس الدمع الثخين على ضحايا الحرب الأهلية ..الحكومة التي تتكيء على ما تنتقيه من توصيات الحوار الوطني لم تخفِ سعادتها بتوقيع الغرماء على ذات العرض الذي رفضوه قبل خمسة أشهر.. حتى في اللحظات الأخيرة لاح شبح الفشل لولا مجهودات خارقة من الرئيس أمبيكي المسنود بالقوى الدولية ونفوذها المتعاظم. هل نحن على مقربة من السلام الشامل ؟.. سؤال الإجابة عليه ليست يسيرة ..خارطة الطريق التي اتفق عليها بصعوبة ليست سوى أجندة عامة تعقبها تفاصيل معقدة.. في أفضل السيناريوهات ستكون الخارطة هدنة طويلة توقف إطلاق النار إلى حين تغير الظروف المحيطة.. تتحدث الخارطة عن وقف العدائيات والسماح بانسياب المساعدات الإنسانية للمتضررين من الحرب بجانب تهيئة المناخ السياسي المفضي إلى حوار شامل.. هنا تكمن الكثير من العوائق المفضية إلى الفشل. . قبيل التوقيع على الخارطة الأفريقية كانت الخرطوم تنهي إلى مسامع العالم أنها بصدد إعداد دستور جديد يجب الذي صنعته التسوية السابقة في العام ٢٠٠٥.. كما حددت الحكومة السودانية ستين يوماً لطي صحائف الحوار الوطني... البارحة أبدى الدكتور إسماعيل الحاج موسى القيادي البارز بالمؤتمر الوطني تحفظه على مقترح رئيس وزراء منتخب من البرلمان.. كل النقاط السابقة بجانب أخرى سترد لاحقاً ستولد خلافات بين الحكومة وخصومها في قوى نداء السودان. المعارضة حتى هذه اللحظة لم تجتمع على قلب إمام واحد.. اليسار اختلف فيما بينه..رئيس تحالف قوى الإجماع الوطني الشيخ فاروق أبوعيسى الذي قدم منذ سنوات طلباً للعودة للحزب الشيوعي أكد في تصريحات صحفية أن خارطة الطريق ليست في مصلحة الشعب السوداني .. الحزب الشيوعي وبعض من فصائل البعثيين والناصريين عارضوا الاتفاق الجديد من منازلهم بالخرطوم.. حتى القوى الرئيسة في نداء السودان والتي وقعت أمس الأول فعلت ذلك بسبب تكاثر الضغوط وضعف السند العسكري من دول بعيدة وقريبة. بصراحة ..بإمكان السودانيين أن يصنعوا المستحيل إن تحلوا ببعد النظر وغلَّبوا المصلحة الوطنية على ما سواها ..التسوية السلمية ممكنة إن قدم قادتنا التضحيات الشخصية وبذلوا التنازلات الكبرى .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة