|
Re: عيال السمسار امبيكي و العميل الصادق يبيع� (Re: Mustafa Mahmoud)
|
كتب ا البروف محمد جلال هاشم...
خدعة مفاوضات أديس أبابا الجارية: هل هي إنتاج جديد أم إعادة إنتاج للأزمة؟ محمد جلال أحمد هاشم السؤال الذي ينبغي أن يشغل بال القوى المنادية بالديموقراطية هو إلى أي مدى سوف تنجح هذه المفاوضات في تفكيك نظام الإنقاذ بغية تحقيق التحول الديموقراطي الفعلي وليس على الورق كما فعلت نيفاشا. بمعنى آخر، هل ما يحدث الآن مجرد إعادة إنتاج لاتفاقية نيفاشا، أم أنها تحمل لنا جديداً يتعلق بالتحول الديموقراطي الفعلي؟ هذا هو السؤال السياسي الملح الآن. إلا أن المشكلة الماثلة ليست متعلقة بالسؤال المعرفي الإيبستمولوجي لأهداف التفاوض، بل حقيقةً المسألة لا تزال متعلقة بفنيات التفاوض. هذا السؤال التقني المتعلق بفنيات التفاوض هو هل في مقدور أي طرف من أطراف المفاوضات (بما في ذلك الوسيط ــ هذا إذا كان فعلاً وسيطاً) أن يرسم لنا مخططاً بيانياً لهذه المفاوضات التي تتم تعميتها بلفظة "مباحثات" أو "حوار" وخلافه؟ ففي علم التفاوض وفض النزاعات لا يجوز جمع أطراف الصراع وإجراء أي جولة من جولات التفاوض قبل أن تتحقق آلية التفاوض mechanism of negotiation التي تقوم في عمودها الفقري على رسم المخطط التفاوض البياني Negotiation Graph. هذا المخطط تقوم أولاً برسمه أطراف الصراع كلٌّ على حدة حيث تقوم فيه بتبيان البنود التي سوف تتمسك بها بلا تنازل مقابل تلك التي يمكن أن تتنازل عنها. يتكون معدل التمسك والتنازل من 10 درجات تقف عمودياً على الجانب الشمالي مقابل قائمة البنود التي تقف أفقياً أسفل المخطط. ويتلخص دور الوسيط ابتداءً في أن يقوم بمضاهاة المخطط البياني لطرفي الصراع فإذا لم يشكلان صليباً متقاطعاً، عندها وجب عليه أن يكثف من اجتماعاته بطرفي الصراع، كلٍّ على حدة، إلى أن يقوم بتحقيق تنازلات جوهرية ها هنا وها هناك من شأنها أن تعطيه تقاطعاً بين المعدلين، إن لم يكن حاداً، فعلى الأقل يكون بصورةٍ من شأنها تقريب الشقة بين طرفي الصراع، أو أطرافه.
دور الوسيط في علم التفاوض أخطر ما في هذا حقيقة بسيطة، ألا وهي أن الوسيط هنا لا يأتي باقتراحات من عنده peace brokering، من شأنها أن تفضي بالمشكلة إلى الحل. فالحلول ينبغي أن تنبثق من داخل بنية الصراع بافتراض أن المصلحة العامة لأطراف الصراع سوف تطغى في النهاية، الأمر الذي من شأنه أن يقرّب الشقّة بين المتصارعين. وهذا، معرفياً، أي إبيستمولوجياً، يعني أنه لا بد في البدء من التأكد من توافر توافقية وطنية National Consensus بين أطراف الصراع، وإلا فالموضوع يعني ببساطة أن ما يقوم به الوسيط ليس سوى اصطياد في الماء العكر، مثلاً كسعيه لتعميق شقّة الخلاف بين الأطراف بغية تقسيم البلد المعن، وهو ما رأيناه في نيفاشا ولا نزال نعيش آثاره المدمرة. وفي أفضل الأحوال يعني أنّ الوسيط ليس وسيطاً بل قوة لا اعتبار وتريد أن تفرض حلاًّ بعينه، ذلك عبر لي أيدي الأطراف المتصارعة، أو لي يد أحدها بدعمها لطرف ضد آخر. بالعودة إلى موضوع مخطط التفاوض البياني، تكمن المشكلة، فيما أعلمه جيداً عن أطرف الصراع (بما فيها الوسيط وومجمل الفريق العامل غير المؤهل فنياً و/أو أخلاقياً)، أنهم جميعاً لا يعلمون بمسألة المخطط البياني للتفاوض. هذا الحكم، على قسوته، يمكن تفنيده ببساطة، ذلك بأن يقوم أحد أطراف الصراع بتمليكنا مخطط تفاوضه البياني إن كان لديه شيء كهذا. والسؤال الفني (لاحظوا أننا لا نزال في دائرة الإشكالات الفنية) لماذا إجراء كل هذه المفاوضات وجمع الفرقاء والتبشير بانفراج قريب للأزمة إذا كنا لم نستوفِ بعد أشراط الحوار الفنية؟ هل يمكن أن تكون كل هذه المنظمات الدولية ضالعة في مفاوضات لا تزال خديجة، لم يكتمل نضجها بعد؟ هذا بالطبع سؤال كبير وخطير. إلا أنني لا يهمني هنا، كمراقب وكأكاديمي درّس ببعض الجامعات آليات تحقيق السلام وفض المنازعات والتفاوض، خطورة السؤال بقدر ما يهمني توافر الشروط. في هذا الصدد أقول وبملء فمي إن هذه المفاوضات تفتقر إلى أبسط مقومات التفاوض، وبالتالي هي ليست مفاوضات من ناحية علمية بحتة. فماذا يمكن أن نسميها؟ وماذا يفيدنا علم آليات السلام وفض النزاعات والتفاوض في تفسير ما يجري الآن في أديس أبابا؟
الأمم والمفاوضات بين الاستقلاية والتبعية كما قلنا، لا ينبغي أن يأتي الوسيط وهو يحمل في جعبته، ليس فقط المقترحات، بل ما يسمونه بخارطة الطريق. ذلك أنه لا يمكن لأمة تأتيها الحلول من الخارج أن يستقيم لها أمر بين الأمم. فهذه تدلّ على درجة من الإعالة dependency تتناقض ودرجة الاستقلالية Independency الواجب توفرها في الأمم، ذلك لأنه لا يمكن أن تكون هناك أمة بالفهم العلمي للكلمة دون أن يكون هناك مؤشر حضاري وثقافي واجتماعي يُشير بوضوح لما تتجه نحوه. لقد أدرك الإسلاميون منذ نشأتهم الأولى أن هذه هي مشكلة الشعب السوداني، لا بذكائهم الفكري، بل بمحض معارضتهم للتوجه غير الديني للمجتمع بصورة عامة، ذلك فيما عرفناه من علمانية زائفة رادتها طبقة الأفندية تقوم على تجاهل الدين، بينما العلمانية الحقة تقوم على معرفة عميقة بالدين وبحدوده. ولهذا ركزوا منذ أن استولوا على الحكم على مسائل بعينها مثل التوجه الحضاري وتشكيل المجتمع بصورة بعينها بحيث يكون مظهره العام عربياً إسلامياً ولو كان ذلك على مستوى القشور. في هذا تفوقوا على باقي القوى السياسية فاقدة الرؤية دون أن يكون للإسلاميين بدورهم أي رؤية عملية لتحقيق هذا التوجه أو إعادة تشكيل المجتمع بخلاف الأرصدة الجاهزة في الإسلام التي تتلخص في العقوبات الجزائية إذ نظروا إلي الإسلام بمنظور أيديولوجي وليس منظوراً فكرياً حراً× كما يقوم فهمهم على الأيديولوجيا العروبية حيث استندوا في ذلك على أرضية جاهزة قوامها العنجهية العروبية وإزرائها لكل ما هو أسود من قبل الإسلام إلى ما بعده. فإذا كان هؤلاء هم أذكياؤنا، وكان واقع حالنا الراهن هو ما أفضى إليه ذكاؤهم المزعوم من تفكيكٍ للبلاد وانغماسٍ في الفساد الزاخم، فلنا أن نتصو درجة الغباء الفكري والأيديولوجي في بقية القوى السياسية التي تنادت من كل فجٍّ عميق وتلاقت في أديس أبابا أملاً في حوار، أو تفاوض (أو سمِّه ما شئت) يقوم فيه الوسيط بابتدار الحلول. لقد أثبتت القوى السياسية المناهضة لنظام الإنقاذ درجة إعالتها البالغة منذ أول وهلة عند مجيء حكم الإنقاذ في عام 1989م. فقد نظرت إلى الغرب تنشد فيه العون والمظاهرة على نظام الإنقاذ الذي يتعارض تماماً وقيم الغرب، مستجديةً الغرب في ذلك برشوة بائسة ما كان للغرب أن ينخدع بها طالما هو نفسه ذلك الغرب المتوحش الذي اجترح تجربة الرق والاستعمار، ثم الاستعمار الحديث فيما بعد ذلك. ثم كان أن هربت عناصر هذه التنظيمات إلى دول الغرب بأوروبا وأمريكا ثم أستراليا بعد ذلك إلى نيوزيلاندا وربما أبعد من ذلك مما لا نعرف له قرار في خارطة هذا العالم. ساحوا في شتاتهم الغربي هذا دون أن تظفر ولو دولة أفريقية واحدة بمنفاهم الاختياري هذا إلا من رحم ربي وهم قليلُ قليل؛ فعلوا هذا وهم يأملون عند أقصى أحلامهم العصفورية في الحصول على جواز سفر غربي به يستقوون على دولة الإنقاذ التي باشرتهم بالجلد والضرب والسجون والتعذيب (كأن لم يحكمهم الصادق المهدي في ظل الديموقراطية بنفس قوانين سبتمبر 1983م سيئة الصيت والتصدير والتصوير). إذن، الاعتماد على القوى الخارجية (الغربية منها ذات الأجندة المضادة للوطنية السودانية منها بوجهٍ خاص) لتحقيق التغيير المنشود ليس سوى إرث سياسي للمعارضة السودانية بوجهٍ عام. وبالطبع، الآن وبعد ربع قرنٍ من الزمان، لم تفرخ لنا هذه الخيبة (الوطنية) شيئاً سوى دواعش انطلقت من تلقاء الأسر السودانية بالغرب ممن صدر أول أمرهم بوصفهم معارضين للإنقاذ وسوءات أيديولوجيتها الإسلاموعروبية. وبالطبع، لا تلد الخيباتُ إلا المزيد من الخيبات! إ إذن، ماذا يمكن أن نسمي ما يجري الآن في أديس أبابا؟
المفاوضات الزائفة كوسيلة للضغط بغية الهيمنة كما سلف منا القول، عندما يأتي الوسيط وهو يحمل في جعبته تصوراً لما ينبغي أن تنتهي إليه المفاوضات، فهذا يقع في خانة الضغوط الممارسة إما على طرف دون الآخر، أو على كلا الطرفين. وأيضاً، عندما يأتي الوسيط بتصور لما ينبغي أن يكون عليه الحل، فهو يفعل ذلك انطلاقاً من مصلحة بعينها لا يمكن لها أن تكون مصلحة أطراف الصراع، بل مصلحة طرف ثالث لا علاقة له بالصراع بخلاف رغبته في استثمار هذا اصلراع لتمكين هيمنته على الواقع الذي يجري فيه هذا الصراع. ولكن ما هي مصلحة إمبيكي في صراع الهيمنة هذا؟ في البدء، من هو إمبيكي هذا؟ نعم، جميعنا يعلم أنه الرئيس السابق لجنوب أفريقيا. لكن لماذا هو الآن الرئيس السابق لجنوب أفريقيا؟ ببساطة لتورطه في الفساد السياسي والاقتصادي معاً! من هم معاونوه؟ إنهم جميعاً إما أناس يعملون لصالح السي آي إيه وبصورة لا لبس فيها أو غموض (مثل أبدول ــ وباعتراف مسئولين في دولته)، أو أناس حامت حولهم تهم قوية بأنهم يتلقون الرواتب من نظام الخرطوم (مثل أليكس دوي وال بموجب التسريبات الأمنية لكتاب الخندق لفتحي الضو)، أو أناس سذج، أغرار من السودانيين وما أكثرهم، إذ تراهم وهم في غاية الانبساط بوصفهم أفندية كبار لا يقلون عن جميع أفنديتنا السياسيين الذين يملؤهم البطر والزهو الطفولي بأنهم مشاركون في مفاوضات ترعاها هيئات دولية وأنهم ينزلون بفنادق 5 و 7 نجوم إلخ مما أدمنه سياسيو نضال الهامش وكل هذه الترهات مما سنفيض فيه إذا ما وجدنا إلى ذلك سبيلا. هذا هو إمبيكي وفريقه، ألا بئس الفريق! وهذا يشبه ما ناله توني بلير إثر إرغامه على التنحي جراء تورطه في حرب العراق التي قامت على جملة من الأكاذيب البلقاء. فقد تم تعيينه موفداً أوروبياً لمشكلة الشرق الأوسط. ولا يخفى على فطمة القارئ الفائدة المجنية من توظيف شخصية عامة محترقة بسجلها الفاشل. هذا هو إمبيكي وباقي فريقه إذ لا يهمه في كل هذا غير ما ينوبه من مرتبات ومكافآت، فضلاً فرص العودة إلى واجهة الحياة السياسية بعد أن حكمت عليه أفعاله بالموت السريري. إمبيكي وتوني بلير، وغيرهما كثرٌ، ليسوا سوى أدوات في يد القوى الحقيقية التي تسيّرهم كيفما تشاء، وفي هذا نظر وتأمل.
من المستفيد من هذه المفاوضات؟ ليس لنا أن نجمح في تحليلاتنا بخصوص الإجابة على هذا السؤال؛ إذ ينبغي لنا أن ننتظر ما ستتمخض عنه هذه الضغوطات الدولية التي تحمل مسمى "المفاوضات". إلاّ أن التجارب تُشير إلى أن مثل هذه العمليات الضغوطية التي يخطط لها بعناية كيما تستمر طويلاً، طويلا، من المرجح أن تستفيد منها الأطراف القوية. ما هي الأطراف القوية؟ إنها بالطبع أمريكا كرمز للطغيان العالمي للغرب على دول العالم المستضعفة. ثم بعد هذا نظام الإنقاذ الذي بيده السلطة ثم المال ثم السلاح، فضلاً عن استعداد فكري وفطري وغريزي لبيع ورهن مقدرات الدولة الوطنية لمن هبّ ودبّ طالما كان ذلك سيبقيهم في كراسي السلطة. جاء في أنباء الفيسبوك (وهي أنباء يصعب التأكد منها كونها لا تخضع لمحرك البحث قوقل لدى تفتيشها) أن الباشمهندس عمر الدقير (رئيس حزب المؤتمر السوداني ورئيس وفد الحزب المشارك في مفاوضات/ مباحثات/ الضغوطات/ حوارات أديس أبابا الجارية) التزامه عبر صفحته في الفيسبوك بإطلاع الرأي العام بما يستجد خلال سير المفاوضات. لكم كان بودي أن أسأله عن مخطط المفاوضات البياني، هل لديه علم به؟ فإذا كان هذا كهذا، هل قام حزبُه برسمه؟ وهل تجاوب إمبيكي ذو العماد مع هذا المخطط؟ هذا ما كان بودي، ولكن لا تُنال المطالب بالتمني. أتيت بسيرة هذا الحزب الشاب لأن لوفده السياسي تجربة فريدة مع المسئولة السياسية بالسفارة الأمريكية بالخرطوم، ذلك عندما التقوا بها في سياق الدعوة للحوار الوطني التي أطلقها الرئيس عمر البشير فلم تتعامل معها أي جهة سياسية بجدية (بما في ذلك الرئيس عمر البشير نفسه) بخلاف الدول الغربية التي وجدت في تلك الدعوة ضالتها لحمل المعارضة للدخول في تسوية مع نظام الإنقاذ تكون على حساب التحول الديموقراطي الحقيقي. في هذا السياق قام وفد حزب المؤتمر السوداني قبل حوالي 3 أعوام بمقابلة المسئولة السياسية في السفارة الأمريكية بالخرطوم. لم يكن يهم الأمريكان شيء بخلاف دخول المعارضة السودانية في صيغة تساومية مع نظام الإنقاذ شبيهة باتفاقية نسفاشا التي لم تفعل شيئاً برغم نصاعة النصوص غير فصل جنوب السودان. في المقابل، جاء وفد حزب المؤتمر السوداني وهو ممتلئٌ زهواً كالطاووس، ولم لا؟ فقد بدأت أخيراً بعض السفارات الغربية بالانتباه إلى وجوده وهو الذي ظلّ مغموراً منذ لحظة تأسيسه في عام 1986م للدرجة التي قام فيها تنظيم الجبهة الإسلامية لدى استلامه للسلطة عبر انقلاب الإنقاذ بالسطو على اسم هذا الحزب الخديج دون أن ينتبه لذلك الشارع السوداني. جاء وفد الحزب وهو في غرّته تلك يحلم بأن يأتي بما لم تستطع به الأوائل: إقناع المسئولة السياسية الأمريكية ومن بعدها السفارة الأمريكية وبعدهما دولة أمريكا بحالها بضرورة توحيد جهودها مع القوى الديموقراطية في السودان للتخلص من حكم الإنقاذ. فعلوا هذا في الوقت الذي كانت المسئولة السياسية بالسفارة الأمريكية تحلم بدورها في أن تقنع هؤلاء السياسيين السذج الأغرار بالفوايد الجمة التي يمكن أن يجنوها لو انخرطوا في الخط الأمريكي للمسألة السودانية، وهو خط قائم على ضرورة الإبقاء على نظام الإنقاذ في حالته الضعيفة والمستضعفة ريثما يقوموا بتفكيك الدولة السودانية إلى عدة دويلات صغيرة وبالتالي تفكيك مؤسسة الدولة الوطنية التي تأسست عام 1648م وقامت عليها دولنا في مرحلة ما بعد الاستعمار ومن ثم إبدالها بنظام الدولة المشيخية على غرار الخليج العربي والسعودية. أي نظام ما قبل الدولة الوطنية حيث المواطنة وحقوقها إلخ، مقابل نظام مشيخي فيه يملك الشيخ/الملك كل شيء في الدولة، الأرض والمال والشعب. والمتأمل في سيرة قادة الإنقاذ يمكن أن يلاحظ ببساطة أن هذا هو الدافع الحقيقي لظاهرة بطرهم بالسلطة. فهم يريدون أن يحملوا الشعب على قبولهم كشيوخ للبلاد. ولكن هذه البلاد أكبر من أن تدار بطريقة مشيخية؟ إذن فليتم تفكيكها إلى دويلات مشيخية صغيرة! وبالطبع، هذان خطابان متناقضان ولا يمكن أن يلتقيا. لهذا طفق وفد حزب المؤتمر السوداني يتحدث بحمية متصاعدة وخطابة رنانة بينما كانت المسئولة الأمريكية تتململ في مقعدها ضيقاً وتبرماً في نفاد صبرٍ واضح. ولكن عندما بلغ بها الكيل مبلغه (وهي طبعاً لم تكن تحمل أي احترام ندي لوفد حزب المؤتمر السوداني ولا لغيره من قبيل أي أحزاب أو قوى بالعالم الثالث)، قاطعتهم وأرادت أن تأتي "بالزيت" (كما يقول شبابُنا الآن ــ أي بالخلاصة) قائلةً: "لماذا لا تنضمّوا إليهم (تقصد حزب المؤتمر الحاكم)؟ فهم يملكون المال والسلطة ثم يتمتعون بالدعم الدولي"!
منظمات المجتمع المدني كظاهرة إعالة للشباب هذا ما سأكتب عنه في مقبلات أيامنا القريبة إذا ما المولى قيّض لنا في ذلك سببا. فهذا الجانب سوف يكشف عن قناعتنا في أن هذه المبادرة (أولاً) ليست سوى تجسيد لعقلية الجلابي النيلي الشمالي الذي لا يرى في الآخرين القادمين من مناطق الهامش غير المستعرب سوى مشروع رقيق ليس إلا؛ ثم (ثانياً) يكشف عن قناعتنا كيف أن منظمات المجتمع المدني الدولية المموِّلة لأنشطة منظمات المجتمع المدني السودانية (بالداخل وبالخارج) بطريقة لا حسيب ولا رقيب ليست سوى إحدى وسائل العيمنة الغربية التي تتساوق سياساتُها مع ذات السياسات التي تتبعها المسئولة السياسية الأمريكية بالخرطوم، وطبعاً جميع المسئولين السياسيين بالسفارات الغربية. وبالتالي تقع هذه المنظمات (وبوعي تام منها طبعاً) في خانة المنظمات المناهضة لشعوب العالم الثالث ودولها؛ ثالثاً، يكشف ملخص مرافعتنا التالية عن قناعتنا بأن أغلب هذه المنظمات السودانية التي تتلقى مثل هذه الإعانات (أيضاً بطريقة لا حسيب ولا رقيب) وبوعي أغلبها الأعم بكل أسف أنها تخدم أجندة الإنقاذ وحلفائها الدوليين في مشروع تفكيك السودان. في هذا الإطار سوف نناقش كيف يمكن لقضايا الهامش أن تُباع من قبل أبناء الهامش ببدرةٍ رخيصة من المال. في هذا سوف نضرب مثلاً بجملة من منظمات المجتمع المدني التي برزت للشأن العام بوصفها تعمل من أجل دارفور عندما كانت قضية دارفور تستأثر بالاهتمام العالمي بموجب أجندة لا دخل لدارفور بها، ثم كيف تحولت منظمات المجتمع المدنية العاملة في الشأن الدارفوري وغير الشأن الدارفوري (مثل عشرات المراكز الثقافية وغير الثقافية بما في ذلك طيب الذكر مركز الخاتم عدلان وغيره) إلى مكاسب شخصية لعدد محدود ممن زينت لهم المنظمات الدولية الداعمة ورخّصت لهم أن يتحول مؤسسو المنظمات إلى موظفين سمان يتعيشون مما تدفعه لهم تلك المنظمات الدولية، وبهذا تحول العمل الطوعي بتخطيط تام من قبل قوى دولية إلى مصيدة للأجيال التي برزت للعمل العام بوصفها مناوئة للإنقاذ فإذا بها تنتهي بتنفيذ أجندة دولية من ضمنها يعمل نظام الإنقاذ بوصفه مجرد تروس في ماكينة ضخمة. فالاستعمار الناعم في مرحلة ما بعد الحداثة يقوم على عاملين: (1) الأمم المتحدة لإكساب الهيمنة شرعيةً دوليةً؛ (2) منظمات المجتمع المدني، ذلك لأنها تقوم باختطاف العناصر الشبابية التي يُعوّل عليها ليس فقط في مشروع الاستنارة بل في تحقيق التحول الديموقراطي. فلتبحثوا معنا أين اختفت الحركات الشبابية، مثل "قرفنا" وغيرها؟ أين اختفت ههذ الحركة بالتحديد بعد وجدت دعماً صاخباً من المنظمات الدولية والسفارات الغربية التي قامت بتصويرها بأن خلاص السودان يتوقف عليها؟ ثم فلتتأملوا معنا كم من الشباب الذين نعرفهم بطريقة شخصية ممن كان يكدح لنيل قوت يومه، فإذا به ومجموعة من أصدقائهم يؤسسون منظمة طوعية فتتلقى الدعم من منظمات دولية. ولكن تكمن المشكلة في أن المتطوعين لا ينبغي أن يستفيدوا شخصياً من الدعم الذي تتلقاه منظمتهم، هذا إذا أرادوا تحصين أنفسهم من الاستغلال الدولي. فأي دعم مالي يتلقوه ينبغي أن يكون مرهوناً بمشروع بعينه. هنا ينبغي على مجلس الأمناء المتطوعين أن يقومعبر شركة استخدام بتعيين موظفين يتلقون الرواتب لأجل مسمى يتحدد بمدة انتهاء المشروع وتكون مهمتهم تنفيذ المشروع المعني تحت رقابة المتطوعين. ولكن عندما يتحول المتطوعون أنفسهم إلى الموظفين الذين يتلقون الرواتب، فهذا ليس سوى استعداد نفسي كبير للإدلاج في سرى الهيمنة الدولية. كيف؟ ذلك الشاب الذي كان يكابد يومه في سبيل توفير الرزق الحلال لنفسه ولأسرته سوف يجد نفسه بين عشيةٍ وضحاها قد أصبح يتمتع بدخل كبير قياساً بالأجور في بلد منهار مثل السودان. وهكذا يتدرج في سلم الالتزامات المادية التي يُتيحُها له دخلُه الكبير، فيشتري العربة بالأقساط، ثم يشتري الأرض، ثم يفكر في بناء البيت، ثم إيجار منزل لأسرته التي ربما كانت تسكن في "ضهاري" المدن، ثم الزواج ... إلخ. ولكن ماذا يفعل عندما ينتهي المشروع ويتوقف تدفق المال؟ آه! لا بد من التفكير في مشروع آخر من شأنه أن يضمن تدفق السيولة، وإلا فإن المكانة المائزة التي أصبح يحتلها في المجتمع وبين أقرانه ثم داخل أسرته سوف تتبدد وينتهي الأمر إلى ما هو أسوأ: السجن إذا ما عجز عن تسديد الأقساط ... إلخ. وهكذا، بدلاً من التفكير في المشاريع التي يحتاج إليها بلدُه، سوف يفكر في المشاريع التي يمكن أن يقبل بها الممولون، وهنا مربط الفرس، وهو ما ينتظره الممولون وبوعي تام وبصبر يشبه صبر الثعبان لدو تركيز عينيه على طائر غرّير أعلى الشجرة منتظراً فرصة ربما لا تأتي أبداً يقوم فيها الطائر الغرير بصورة عابرة بتركيز عينيه في عيني الثعبان حيث لن يستطيع إبعادها إلى أن يتم تنويمه مغناطيسياً فيقع من أعلى الشجرة ليلتهمه الثعبان. هذه المنظمات الدولية التي في الواقع تخدم سفارات دولها كيما تخدمها بدورها دولُها تتمتع بصبر يفوق صبر هذا الثعبان. وهكذا، بدلاً من أن يتمتع شبابُنا بدرجة عالية من الاستقلالية Independencyالتي من شأنها أن تمكنهم من صنع التنمية في بلادهم، يتحولون بفضل ذراع الاستعمار الناعم (منظمات المدجتمع المدني) إلى حالة من الإعالة Dependency لا يمكن معها أن يصبحوا مفيدين بالمرة. وهي حالة إعالة واتكال على الغرب. هذه هي العبودية الجديدة. ولينظر كل واحد فينا ويتأمل في قائمة الأشخاص الذين يدخلون خانة الأصدقاء المقربين والأقارب، كم فقدنا منهم خلال العشر سنوات الماضية؟ شباب كانوا ملء السمع والبصر، تم اصطيادهم واسترقاقهم (على عينك يا تاجر) كما كان يتم اصطياد أجدادنا في حملات الرقيق قبل قرون. ليس من المهم أن تكون هولندا أو بريطانيا أو أمريكا ... إلخ، كما ليس من المهم أن يكون الضحايا من السودان أو من نيجيريا، أو من ناميبيا ... إلخ. ألا ما أصدق قول القائل: Different asses, but the same ####!. أخطر ما في هذا عندما تكون المنظمة المعنية تستهدف في ممارستها لنشاطها مناطق النزاعات، مثل دارفور تحديداً. تُرى لماذا اتخذنا من منظمات المجتمع العاملة في الشأن الدارفوري كمثال أعلاه؟ فعلنا ذلك لتوحشها في سعيها المحموم للاسترزاق بقضية أهلهم ولو كان ذلك على حساب قضية دارفور. فدارفور لم يتم بيعها في المزاد العالمي فحسب، بل تم بيعها أولاً في المزاد الوطني لمكاسب شخصية، ولا غرو فهذا زمن الإنقاذ! وهكذا رأينا كيف اتفقت كلمة أغلب العاملين بهذه المنظمات من أبناء دارفور على حصر قضية دارفور في أبناء وبنات، رجال ونساء دارفور، حتى بلغوا في ذلك شأواً كبيراً أصبحوا معه يذبّون عن حوض قضيتهم وهم ينظرون شذراً لكل من سقترب من قضيتهم. لم يكن ذلك حباً في دارفور، بل حصراً لمنافع كارثة دارفور في أشخاصهم. فالأموال كانت تتدفق وبكثرة وبطريقة لا حسيب ولا رقيب على هذه المنظمات، وكان هناك السفر وامتيازات السفر. وليس أعطش وأجوع لمثل هذه الترهات من أولئك الذين يصدرون من التهميش في بعديه التنموي والثقافي، دع عنك كارثة الإبادة التي تعرضت لها دارفور. في هذا لم يقبلوا بأي منظمة يقودها سودانيون من خارج دارفور إلا إذا اشتموا رائحة السيولة العفنة. وكما تكون أخطر الأمراض معدية، كانت هذه الظاهرة معدية أيضاً رأينا نُذرها في المنظمات التي نسبت نفسها لجبال النوبة والنيل الأزرق .. ثم حتى في الشمال. ألا ما أشبه هذه المنظمات ومنظموها بالصقور الجارحة التي تترصد بالعطشى الجوعى الذين يترنحون في صحراء الحياة! ولكن، الآن تم تجفيف التدفق المالي لهذه المنظمات بتخطيط من نفس الجهات الدولية التي كانت تغدق لهم في الصرف بطريقة لا حسيب ولا رقيب. فماذا يفعلون؟
مبادرة منظمات المجتمع المدني ونداء السودان ثم الآن مفاوضات أديس أبابا بدعم من منظمة المجتمعات المفتوحة Open Society تم تأسيس ما يعرف بمنظمة "الديموقراطية أولاً" للتحكم في الحراك المجتمعي في مرحلة ما بعد التجفيف التمويلي للعديد من القضايا وعلى رأسها قضية دارفور. وقد استهدفت منظمة المجتمعات المفتوحة قطاعاً بعينه تم رصده بعيني صقر حادتين، ألا وهو متمرّدو Rebels الحزب الشيوعي السوداني. هؤلاء مجموعة في غالبها الأعم من الشباب الذين انخرطوا في الحزب الشيوعي بحماسة لا تعرف نظيراً إلا حماسة الإسلاميين السلفيين. ولكنهم لجملة أسباب خارجة عن نطاق مقالنا هذا أصيبوا بخيبة أمل في الحزب. في هذا انقسموا إلى ثلاثة أقسام: (1) مجموعة حافظت على بقائها داخل أسوار الحزب العتيد بينما تتململ وتتبرم باستمرار وتحاول دائماً أن تثبت قدرتها لقيادة الحزب المتكلسة عبر تثوير نشاطها خارج أسوار المؤسسة (المنظمات الشبابية)؛ (2) مجموعة جرى تسميتها بالمبتعدين، أي أنهم أعضاء وليسوا أعضاء، حملوا أنفسهم على الانسحاب من جميع الأنشطة الفكرية والسياسية وصاروا يعيشون في حالة "دبرسة" طاغية، بينما يتشوّفون صباح كل يوم عسى ولعل يستعيد الحزب عافيته إلى أن أُتيحت لهم فرصة تثوير نشاطهم خارج أسوار المؤسسة كسابقتها (المنظمات الشبابية)؛ (3) مجموعة أعلنت خروجها عن الحزب وسعت منذ لحظتئذٍ إلى تأسيس ما يمكن أن يكون بديلاً تنظيمياً، ذلك لعميق قناعتها بأن لها طاقة تنظيمية وقدرات تحريكية ضخمة (المنظمات الشبابية). الحزب في الأصل ليس مؤسسة شُغْل، بل مؤسسة تشغيل. ماذا يعني هذا؟ إنه يعني أن الحزب كحزب لا يمكن أن يقوم بتشغيل جميع منسوبيه عبر مكاتبه وإلا انفرط عقده وتناثر من شدة قوة الطرد المركزية الناجمة عن تصارع جميع أعضاء الحزب داخل صحن الحزب الإداري. فالحزب مثلُه كمثل الدولة عليه تنظيم صراع السلطة داخله وإلا انفجر. إذن ماذا يفعل الحزب؟ إنه يقوم بتكوين مؤسسات قمرية Satellite Bodies حوله، عبرها يمكن استقطاب وتجريب الكوادر وبناء قدراتهم، ثم التنفيس عن مجمل أنشطتهم المجتمعية عبر هذه الأجسام تالقمرية. ويعرف عن الحزب الشيوعي "شطارته" في هذا المجال. وكذلك الحركات الدينية. انظروا، مثلاً، إلى منظمة فريدريش إيبرت، فهي تتبع لحزب سياسي ألماني، وصاحب الاسم نفسه كان رئيساً لألمانيا من قبل. أي أن هذا الجسم القمري لذلك الحزب الألماني قد أوفى بواجباته التنظيمية للدرجة التي أصبح معها يتمدد خارج الحدود. وكذلك فلننظر في مجمل المنظمات التابعة للإخوان المسلمين. فمثلاً مستشفى مكة للعيون ربما ليس سوى جسم قمري لحركة إسلامية بعينها؛ وربما كذلك فندق الساحة ... إلخ، إذ يمكن ضرب عشرات الأمثلة. استهدفت منظمة المجتمعات المفتوحة Open Society (الأب) قطاع متمردي الشيوعيين وعبر موظف لديها هو نفسه أحد هؤلاء المتمردين الشيوعيين، بالإضافة إلى متمردين مدبرسين من حركات سياسية أخرى، وليس أكثر من المدبرسين سياسياً هذه الأيام. وهكذا تم تأسيس منظمة "الديموقراطية أولاً" Democracy First (الابن)، وهكذا تدفقت عليها الأموال وملأت مجاري هذه المنظمة. لماذا؟ للسيطرة على مجمل الحراك الشبابي في منظمات المجتمع المدني بعد اكتمال خطة الإغداق ثم التعطيش المالي. قام الوليد بتنفيذ مخططات الأب بكل إخلاص، حيث تمخض عن ذلك ما يعرف بمبادرة المجتمع المدني التي قامت بإجهاض أضخم عمل لمنظمات المجتمع المدني العاملة في الشأن السوداني حيث ظلت تعمل بلا كلل ولعدة سنوات في سبيل تغيير دفة اتجاه الدول الأفريقية إزاء ما يجري في السودان وإزاء نظام الإنقاذ. وبالطبع، بتنسيق مع عناصر ما يعرف بنداء السودان، تم استضافة ما يعرف "بمبادرة المجتمع المدني" في تلك المفاوضات/ الضغوطات/ المحاورات/ ... إلخ. حدث هذا دون أن يكون أيٌّ من الذين شاركوا بالتوقيع على نداء السودان (وجميعهم من متمردي rebels الشيوعيين ومتمردين آخرين أو مدبرسين ــ كيفما راق لكم الأمر) بوصفهم ممثلين لمبادرة المجتمع المدني. كما كانوا جميعاً ينتمون للوسط الشمالي النيلي. وهكذا برز هؤلاء المتمردون المدبرسون الذين كانوا في واقع الأمر يسعون بما ملكوا لمعالجة خيباتهم الفكرية والتنظيمية عبر اختطاف منظمات المجتمع المدني دون أن يملك الواحد منهم أي صفة تمثيلية بخلاف الصفة الشخصية (مثل أمين مكي مدني، بابكر محمد الحسن .. إلخ القائمة). لقد قاموا بالتوقيع على نداء السودان عبر هذه الصفة. ثم بعد عامٍ ونصف من ممارستهم تمثيلهم المغشوش لقوى المجتمع المدني السودانية وتحت ضغوط من باقي قوى المجتمع المدني الوطنية التي كانت تعمل في سبيل أن يكون لها مقعد تفاوضي فيما كان إمبيكي يحاوله (أو يلعبه). قامت تلك المجموعة وبتمويل من "منظمة الديموقراطية أولاً" التي تقوم منظمة "المجتمعات المفتوحة" بتمويلها بسخاء، قامت بإجراء جمعيتها العمومية التأسيسية بدار حزب الأمة بأمدرمان بتاريخ 15 فبراير 2016م حيث لم تجد ما تحشد به اجتماعها غير منظمات المجتمع المدني التي تم تعطيشها مالياً وأغلبها كان من المنظمات العاملة في الشأن الدارفوري التي تم عن قصد تعطيشها مالياً للدرجة التي ربما خربت بها بيوت وتشردت أسر جرائها. جاءت هذه المنظمات والسُّعار، سُعار المال السهل قد تمكن من لعابها حتى سال. جاءت هذه المنظمات في أغلبها من دارفور وبعضها من جبال النوبة ومناطق أخرى كثيرة لا يحدوها شيء خلاف فرص التمويل، ثم الاستفادة الشخصية، ثم السفر والسفر إلى عواصم وتقمص شخصية المسئولين ذوي الأهمية الدولية البالغة. ولكن الموضوع في حقيقته لا يعدو كونه سوقاً للنخاسة لم يسبق لها مثيل يعود فيها (في زمن الإنقاذ هذا) النخاس الشمالي النيلي، جالب الرقيق (الجلابي) إلى سَوْق قطيعه من العبيد المجلوبين من جبال النوبة ودارفور والنيل الأزرق (محظوظ الجنوب لانفصاله إذ نجا من هذه النخاسة السياسية بينما وقع في سوء حظه باختيار الانفصال، فتأمل!). هذا غيضٌ من فيض، وهو ما سنكتب فيه بإفاضة في مقبل الأيام، ولا خير فينا إن لم نقلها!
ولكن، ماذا عن مفاوضات/ضغوطات أديس أبابا؟ إنها في أفضل حالاتها إعادة إنتاج لاتفاقية نيفاشا برغم أنها لن تألو ذلك الشأو، فتأمل في خسراننا المبين؟ وفي الحقِّ، لو لم تكن أحزابُنا بهذا البؤس المريع لما تجرأ قادة الجبهة الإسلامية بتدبير انقلاب الإنقاذ. حتى عندما دبروه، لما استمروا كل هذه الأعوام لو أن لنا أحزاباً سياسية راشدة وجديرة بالقيادة. هذا من جانب، ثم على هذا فقِس على منظمات المجتمع المدني التي لم تعْنِ لصفوتنا الخيبانة شيئاً بخلاف كونها "مرزقة" باستعمال ألفاظ المرحوم محمد إبراهيم نقد الذي كان يؤذيه بشدة المدخل الذي كان يتبناه بعض منسوبي الحزب الشيوعي من المتمردين وغيرهم في مجال منظمات المجتمع المدني بوصف ذلك "مرزقة" يندر أن يجود بها الزمان. لا غرو في ذلك! كما لا يمكن أن نلوم متمردي الحزب الشيوعي أو منسوبيه في هذا. فهذا بالضبط ما فعله جميع منسوبي القوى السياسية (وغيرهم ممن يصنفون أنفسهم بأنهم غير سياسيين ولكنهم وجدوا في فرص اللجوء السياسي سانحة للتخلص من بؤس شعوبهم وبلادهم، ولكن ما دروا بأنهم في الحقيقة سياسيون حتى النخاع لكن بفارق واحد أنهم أحط السياسيين وأدناهم درجة في الدنيا والآخرة)، ذلك عندما استثمروا معاناة شعبهم الذي جثم على صدره حكم الإنقاذ باتخاذ ذلك تعلةً ووسيلةً لنيل جوازات الدول الغربية، دون الأفريقية أو غيرها، فبئس المبتغى!
عودٌ على بدء؛ ماذا يمكن أن يستفيد الشعب السوداني من مفاوضات أديس أبابا الجارية؟ لا شيء غير تكريس حكم الإنقاذ! الآن رشحت الأخبار المسربة من داخل قاعات التفاوض/الضغوطات بأن قوى المعارضة قد بدأت في إجراء اتصالات جانبية من وراء ظهور بعضها البعض ـــ مع من تصوروا؟ مع وفد المؤتمر الوطني، ذلك لتحقيق أكبر قدر من المناصب.
ختاماً! ثم لا أختم إلا بقولي: مبروك للحزب الشيوعي السوداني الذي نأى بنفسه من هذه المهزلة ولم يرفض الذهاب إلى أديس أبابا فحسب، بل دعا إلى الامتناع عن المشاركة؛ فقد انتصر بوعيه لنفسه وللوطن وللحقّ وللتاريخ، فمرحى!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عيال السمسار امبيكي و العميل الصادق يبيع� (Re: Mustafa Mahmoud)
|
كتب سيد محجوب
الصادق في تهتدون وتفلحون (( الثانية ))) الصادق المهدي خرج في تهتدون إلى القاهرة وشتتت التجمع الديمقراطي المعارض وعاد في تفلحون وشتت المعارضة الداخلية ، وها هو يكرر نفس السيناريو في خروجه إلى فرنسا (( في تهتدون الثانية )) وتشتيت المعارض المسلحة والمدنية (نداء السودان )) ويرجع في تفلحون الثانية لينقذ لصوص الإنقاذ من مأذقهم !!! ولكن اللوم على بقية الحركات المسلحة / عقار / جبريل / مناوي / حيث أنهم يعرفون الاعيب الصادق جيداً ومع ذلك ينخدعون ويسلمون أمرهم للصادق ويوقعون على خارطة الذل والإهانة !!!! بعد 27 سنة يأتي الصادق مع الثلاثي المذكورين أعلاه ليساوي بين الكيزان والشعب السوداني !!!!!! وهل يعقل أن تكون الإنقاذ جزءاً من الحل !!!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عيال السمسار امبيكي و العميل الصادق يبيع� (Re: Mustafa Mahmoud)
|
إنسحاب الوفد الحكومي من التفاوض مع الحركة الشعبية بعد رفضه الإتفاق الإطارئ شهد اليوم الثاني للمفاوضات بين الحركة الشعبية لتحرير السودان والحكومة السودانية، إستمرار محاولات تراجع الوفد الحكومي الذي يترأسه الفريق أول عماد عدوي بدلاً من إبراهيم محمود، عن كل ما تم الإتفاق عليه خلال السنوات الثلاثة الماضية والمضمن في الإتفاق الإطارئ، وكذلك محاولات إرجاع التفاوض الي نقطة الصفر، وحينما لم يتمكن الفريق أول عماد عدوي من تحقيق هدفه، وقابله تمسك الحركة الشعبية بالإتفاق الإطارئ والذي أكدته خارطة الطريق الموقعة قبل يومين، قائلة في الفقرة (1.2) بإنها المرجعية الرئيسية للتفاوض، قرر الفريق أول عماد عدوي إصدار أوامره للوفد الحكومي بالإنسحاب، مما تسبب في إنهيارالمفاوضات الآن، وتحاول الآلية الرفيعة إرجاعها مرة آخرى الي مسارها الصحيح. من جانبنا في الحركة الشعبية نحمل الحكومة السودانية ووفدها هذا السلوك غير المسئول والذي أدى من قبل حينما قامت الحكومة السودانية بإلغاء إتفاقية 28 يوليو 2011م المعروفة بإتفاقية (عقار – نافع)، ونقل الحرب الي النيل الأزرق وتوسيعها في جبال النوبة/ جنوب كردفان، وهي مسئولة عن كل الأوراح التي أزهقت ومعاناة المدنيين والدمار الذي لحق بالموارد البشرية والإنسانية والمادية للسودانيين، ها هي تمارس نفس مسلكها مرة آخرى. إن الحكومة التي كانت تتغنى بخارطة الطريق إتضح بأنها ليس لديها ما تقدمه من سلام أو طعام أو حوار متكافئ لشعبنا، وهذا مالزم توضيحه. مبارك أردول الناطق الرسمي بإسم ملف السلام الحركة الشعبية لتحرير السودان أديس أبابا 11 أغسطس 2016م
| |
|
|
|
|
|
|
|