نحن فى ( سبتمبر) وهو ذكرى عزيزة على أهل السودان، وبخاصة أهل الضحايا، الذين قدّموا أرواحهم الغالية، فى ((أحداث سبتمبر 2013))، وهم يمارسون حقّهم الطبيعى والمشروع فى (( الإحتجاج السلمى))، المكفول وفق المواثيق الدولية، و التى أصبح السودان طرفاً فيها، منذ وقت طويل، وللأسف، مازال التوثيق العلمى الدقيق، يأتى ضعيفاُ، ليقف ( الإنصاف) عاجزاً، بين إحصاءات بعض منظمات المجتمع المدنى " أكثر من 200 شهيد "، والرقم الحكومى ( التبخيسى ) " 80 قتيل " !، مُضافاً إلى ذلك، أرقام " الجرحى" ، وهى كذلك - للأسف- ليست دقيقة، بل، و تكاد تكون منسية فى كثير من التقارير، وبين هذا وذاك، تضيع الحقيقة، و تقل إحتمالات البحث عن المساءلة ، وهذا ، وذاك، ما يحتاج إلى أكثر من وقفة ، !. فإن فهمنا القصد من " التقليل " الحكومى، فبماذا نُعلّل " التقصير" و " الضعف " فى المسعى الحقوق إنسانى ؟. فى الذكرى الثالثة، لأحداث سبتمبر 2013، و فى اليومين الأخيرين من الشهرالجارى – 29/ 30 سبتمبر 2016 - يُقرّر مجلس حقوق الإنسان، فى دورته الـ(33 ) بجنيف، بشأن أوضاع حقوق الإنسان فى السودان، وأمامه هذه المرّة - كما فى مرّات سابقة - مشروعى قرارين، الأوّل أمريكى يدعو لوضع السودان تحت (البند الثانى )، بشروط (( مُغلّظة )) " بعض الشىء"، بحيث يحمل القرار، " ملامح " ((البند الرابع))، ليضمن القرار- المطلوب - صلاحيات أقوى فى الرقابة، تُمكّن (( الخبير المُستقل)) من ممارسة (( ولايته ))....ألخ، أمّا المشروع الثانى المقدّم من حكومة " جنوب أفريقيا " عن المجموعة الأفريقية، فهو يدعو للإفلات من الرقابة الأُممية، ويسعى للخروج بالسودان، من بند الرقابة المُباشرة، والتى ظلّت لسنوات طويلة، تحت البند الرابع ( 1993- 2009)، تتم عبر سلطة ((المقرّر الخاص))، بولاية كاملة، تلتها فترة - إنتقالية- وضعت السودان فى ((البند العاشر))، تحت مُسمّى " الدعم الفنى "، و" بناء القدرات "، مع ولاية ((الخبيرالمستقل ))، والتى تمنحه الحق فى (( الرقابة))، ويتحقّق ذلك، عبر " التقييم" و " التحقُّق " و " كتابة التقارير"، وهو ما ترفضه الحكومة السودانية، وقد بدأت تُلوّح وتُهدّد بـ(عدم التعاون) مع الخبير المُستقل، وهذه مسألة ستنقل الملف إلى مرحلة أُخرى من السابق لأوانه الدخول فى مآلاتها.... !. ما يحدث فى أروقة مجلس حقوق الإنسان بجنيف، ومايدورمن تجاذبات ومُشاورات، بين العواصم المختلفة، إفريقياً، وعربياً، وعاليماً، يستحق المتابعة والتأمُّل والتدبّر، فهناك منهج يدعو لتطبيق سياسة (( الجزرة والعصا ))، وهناك أساليب معروفة بـ( الشراء والبيع)، وهناك جماعات " الوساطات " وإدّعاء " التوسط " بين الأطراف المختلفة، وجميعها تتم وفق " ميزان الضعف " الحالى، وهذا ما يجعل بعض نشطاء وناشطات المجتمع المدنى، فى حيرة من أمرهم/ن، بل وصل البعض إلى مرحلة الوقوع فى الممنوع، أى بئر " الإحباط" وفقدان الثقة والأمل، فى المناصرة ، وهذا - فى تقديرى- هو الخطر الحقيقى، على ملف تحسين أوضاع حقوق الإنسان فى السودان، إذ المطلوب - دوماً - من المجتمع المدنى، مواصلة جهود المناصرة، وفى كل الإتجاهات، وفى كل الظروف، وفق خطّة مدروسة وطويلة المدى، بعيداً عن " اليأس " و" الإحباط " ، وهذا ما يُسمّى فى الأدبيات بـ(( النضال الجسور و الصبور والدءووب ))، وهو- بلا شك -سيُحقّق الهدف المنشود، وهو تحسين أوضاع حقوق الإنسان فى السودان. ...ومع إستمرار سياسة إنتهاكات حقوق الإنسان، ومواصلة تدابير الإفلات من المساءلة والعقاب، فإنّ ما تقوم به الحكومة السودانية، من " تهديد " و " إبتزاز " و عمليات " شراء وبيع" ليس سوى " فرفرة مذبوح "، و هروب خائب من مصيرٍ محتوم، وإن أتى ببعض المكاسب الآنية، فإنّه على المدى البعيد، ليس سوى تأجيل وتعطيل للعدالة والإنصاف... وتبقى الحقيقة الناصعة، لا بُدّ من الإنتصار لقضايا حقوق الإنسان، وإن طال السفر!.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة