السوريون من ضمن من زارونا وسكنوا في السودان بعد الأزمة الأخيرة .. وقد سعدت شخصيا بوجودهم رغم أنني مندهش لماذا اختاروا السودان وأمامهم تركيا باجوائها الرائعة واقتصادها المنتعش واستقرارها السياسي وانفتاحها الثقافي .. وهم على خلاف الجاليات الاخرى كالاثيوبيين والارتريين فالسوريون لم يأتوا خالي الوفاض بل جاءوا بمبالغ مالية هائلة جدا وخبرات مهنية عالية خاصة في المهن الحرفية .. نشأت محلات سورية ضخمة جدا كالبيت الشامي في اركويت .. وكمقهى الشهباء وله فروع مختلفة ومحلات حلويات ضخمة ..وفطائر وبيتزا ومحلات أثاث وستائر مستوردة .. ومهن أخرى كثيرة جديدة.. في الواقع تسبب هذا الوجود السوري في ارتفاع اسعار العقارات .. كنت اجلس مع سمسار عقارات وأنا ابحث عن محل صغير بمبلغ معقول وشقة للايجار..جاءت مجموعات شبابية سورية واستأجروا محلات بمبالغ كبيرة ولم يحاولوا التفاوض مع السمسار حول قيمة الايجار .. للأسف الاثيوبيون والارتريون لم يأتوا بأي أموال وبالتالي لم يحدث اي تأثير لوجودهم..فأغلبهم جاء الى السودان كترانزيت تمهيدا للهجرة الى اوروبا وامريكا هجرة شرعية وغير شرعية ومع ذلك فهناك مناطق محددة انتشروا فيها واستأجروا منازل ومحلات للتجارة ..لكن الفرق ان الاثيوبيين والارترين يستأجرون منزل ويسكن فيه من عشرين الى ثلاثين شخصا ويدفع كل واحد منهم قيمة النوم والدخول الى الحمام وبالتالي يكون نصيب كل فرد زهيدا .. وهم يعملون في قيادة الركشات على الغالب.. في المقابل .. كان السوريون ينفقون الاف الدولارات ويتعاملوا مع السودان كدولة مستقر لا دولة ملجأ أو ترانزيت ... وموقف السوريين هذا ذكرني بأجدادي الذين قدموا من المغرب ومن تركيا واستقروا منذ قرون في السودان وانتموا اليه .. وهذا يثير لدي تساؤل دائم لماذا اختاروا السودان دون دول العالم الأخرى الأكثر رقة في مناخها والأكثر ثراء اقتصاديا والأكثر استقرارا سياسيا .. وهذا التساؤل مستمر ليس فقط لأن السوريين جاءوا ليستقروا في هذا البلد البائس وانما لأن هناك اوروبيون أيضا وخاصة من ألمانيا يتبعون الطرق الصوفية لا سيما الطريقة البرهانية ويأتوا الى السودان ويستقروا فيه ... استقرت جاليات كثيرة في السودان منذ قرون وتشبعت بالعادات والثقافة السودانية كالجالية الهندية التي انتشرت في شرق السودان تحديدا كسلا وبورتسودان والجالية اليونانية والأقباط وغيرهم... إن رواية شوق الدرويش لم تطرح وجهة نظر هؤلاء في اختيار هذه الأرض للاستقرار فيها خاصة أنهم كانوا تجارا لا مزارعين ولا رعاة ... هناك شيء ما ..سر ما لا أعرفه .. حول اختيار هذا البلد للاستقرار فيه رغم ما ينوء ظهره به من مشاكل وفقر وجهل ومرض ... ما هو سر السودان لتلجأ اليه كل هذه الشعوب... انه لشيء عجاب حقا..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة