البعض يُصنف ويوصف السياسة بأنها ( لعبة قذرة ) .. وإنتشر هذا التوصيف داخل المجال السياسِي في كُل العالم ومُنذ قديم الزمان مع نشوء الدول والحكومات والأحزاب والأفكار السياسية .. وقد إرتبط هذا التوصيف مُباشرة بمجموعة المُمارسات والوسائل والأساليب التي تُتبع داخل المجال السياسِي في العموم .. وهنالك مدارس قديمة فلسفية ومعرفية في ماهية السُلوك الذي يُمكن إتباعه في التعاطي مع الشأن السياسِي كمناهج وفعل ومُمارسة ، وليس هذا حيز أو مجال لذكرها أو تفصيلها .. لكننا وفي سِلسلة الكتابة عن سلبيات مُمارسة العمل السياسِي في السُودان ، رأيت من المُهم في هذا الجُزء للكتابة عن سلبية هامة أخرّت كثيراً من تقدُم بلادنا في تقديري علي مستوي الأداء السياسِي أو تطُور أحزابنا والقوي السياسِية ومنظومة العمل السياسِي في المُجمل ، ألا وهي ظاهرة الأيقاع بالخصوم أو الأنداد أو المُتنافسين داخل المجال أو المنظومة السياسِية للتخلُص منهم أو إبعادهم والصعود مكانهم أو البقاء في المواقع المُختلفة خاصة القيادية منها ، و هذه الظاهرة تُعرف في لُغتنا العامية السُودانية بظاهرة ( الحْفِر ) .. و من الضروري إلقاء الضوء حولها وكشفها ، ومحاولة وضع المُعالجات لها ما أمكن ، لكي نرتقي بالفعل والمُمارسة السياسِية لدينا وليس فقط إضفاء قيّم أخلاقية للمُمارسة السياسِية ، ولكن بوضع معايير مُحدّدة يُمكن أن تُحسن من الأداء والمُمارسة السياسِية بشكل عام .. ظاهرة الحفِر هي عملية التربُص بالأشخاص والخصوم أو حتي زملاء الحزب الواحد أو مؤوسسة السُلطة ومحاولة الإيقاع بهم للتخلص منهم .. هذا الأُسلوب إبتداءً مُتفشي للأسف في المُمارسة السياسِية بشكل كبير ، و تُحركه دوافع غير أخلاقية وغير مُنضبطة و يُمكن أن تكون نتاج لغيرة أو حسد أو ضعف في الشخصية أو في الثقة في النفس لا ينتُج إلا من شخص غير سوي وغير مُتزن نفسياً وأخلاقياً .. حيث نجد هذا الشخص يقوم بأتخاذ أساليب الفتنة أو نسج وإختلاق الكذب الصريح للتقليل من خصم مُحدّد في ذهنية الآخرين ، أو تصيّد لأخطائه وعكسها للآخرين وكشفها للتقليل منه أو النيّل منه ، أو التخطيط المُمنهج والمقصود وتحين الفُرصة المُناسبة لإظهار عيب ما في الخصم بغرض التخلص منه .. هذا الأُسلوب للأسف حوّل كثير من مجالات العمل السياسِي لساحة معارك غير مُعلنة و حرب باردة ، تُهدر فيها الكثير من الطاقة الإيجابية التي تُقدم وتُطور ليتم إستبدالها بطاقات أُخري سلبية للهدم والإنتقام والتشفي .. ومع التطور التقني والتكنولوجي تطورت أساليب ظاهرة الحفِر هذه و أخذت أشكال مُتعددة مثل الفبركات والفوتشوب وتسجيل المُحادثات والتصوير وغيرها .. ، ونتيجة لإنتشار هذه الظاهرة تكون المُحصلة هي تمدد ظواهر الإقصاء و الشمولية وإنكماش مساحات الديمُقراطية الحقيقية ، وضُعف القيادة نتيجة لسيطرة العناصر المُهتزة أخلاقياً ونفسياً والضعيفة فكرياً ، وكذلك أخطر مافيها إبعاد عناصِر مُتميزة وقابلة للتطوير كان يُمكن لها في حال إستمراريتها أو ترقيها الدفع بالفعل والعمل السياسِي للأمام وعدم البقاء في محطات الفشل والتقوقع فيه والإنغماس .. من المُهم لمُعالجة هذه الظاهرة وتقديم حلول عملية لها أن نتبع الآتي: ١/ الإعتراف بوجودها داخل مجالنا وبئيتنا السياسية ٢/ التقيد باللوائح الداخلية التنظيمية التي تضبط أداء الكوادر وتُراقب مردودها من حيث الإلتزام والكفاءة ٣/ وضع معايير للترقي والإختيار مبنية علي الأداء المُستمر والمُتصاعد و المُبادرات و المسؤولية والإلتزام في أداء المطلوب والسعي لتطوير المؤوسسة أو مكان الفعل والمجال السياسِي ٤/ تعلية جوانب السلوك الشخصي للمُارسين للعمل والفعل السياسِي لمُحاصرة أي سلوك غير أخلاقي أو يُخالف اللوائح والقوانين الداخلية ٥/ التعامل بصرامة في حال إكتشاف أي سلوك مؤدي لهذه الظاهرة بعد التحقيق أو وجود شواهد وإثباتات وكشفها للعلن للمعنيين بها داخل المؤوسسات والهئيات الحزبية و هياكل السُلطة ٦/ التدريب الجيّد للجميع ونشر الوعي والمعرفة بأهمية حصر المُمارسة السياسية بالتنافس الشريف للترقي وإكتساب ثقافة المصلحة العُليا للحزب أو المؤوسسة السياسية وإعلاءها علي المصالح الشخصية أو الفردية ٧/ التقييم الجماعي من قبل هئيات مُتخصصة وبناء علي تقارير دورية لاداء المُمارسين للعمل السياسي وفق معايير الإلتزام والإنضباط والكفاءة .. هذه مجموعة من الحلول العملية التي يُمكن بها مُحاصرة هذه الظاهرة ومعالجتها داخل المجال السياسِي وصولاً لمُمارسة سياسية أكثر فاعليّة وديمُقراطية و إيجابية تُسهم في ترقية وتطوير أداءنا السياسِي العام .. نضال عبدالوهاب .. ٩ أُكتوبر ٢٠٢١ ..
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاين SudaneseOnline اليوم الموافق 10/08/2021
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة