ما يمكن أن يكون (بادرة) لحدوث (ظاهرة) يجب علينا كدولة ومجتمع أن ننتبه إليه جيداً قبل الإستفحال و الغوص بنا في متاهات أكثر عمقاً لإيجاد الحلول والمعالجة ، وإنطلاقاً من هذا المبدأ فإن ما يُثار عبر وسائط النشر الإلكتروني وثرثرات البعض في مناسبات إجتماعية شتى بخصوص حالة إندماج وتواصل إخواننا السوريين في مجتمعنا السوداني تدفعني لأن أُلفت الإنتباه إلى أنها تبدو كبؤرة أولية لنشر وإشاعة ما يمكن أن نسميه بغضاً فطرياً للوجود الأجنبي في السودان ، وكما نعلم أن شعب السودان بأعراقه وثقافاته المتعدده له باع كبير وتجارب ثرة وساطعة في مجال التعامل مع الأجنبي عبر ما سطره التاريخ من أخبار ومساجلات متعلقة بهجرات متعددة خصوصاً من الجزيرة العربية وشمال غرب إفريقيا وأواسطها وأماكن أخرى عديده ، والشاهد على ذلك الإندماج وفطرية الأمة السودانية على تقبل الآخر ما شهدته الثقافات والعقائد والمصالح والمساجلات السياسية في ذلك الزمان الغابر من خصائص واضحة لمبدأ التأثير والتأثر والذي لم تزل شواهده ماثلة حتى يومنا هذا ، غير أن التطور المعاصر للحالة الإنتمائية التي بات يتمتع بها الشعب السوداني تجاه الوطن وما تفرضه عواطف ومستحقات المواطنة والإنتماء للأرض والأمة والموروثات الثقافية والعرف الإجتماعي تفرض على مجتمعنا الحالي إنزال الكثير من الشروط حتى يمكن أن يصبح إندماج الأجانب في السودان سلساً وطبيعياً ومقبولاً ، من هذه الشروط أن يواكب الأجانب على المستوى الشكلي حالة الموروثات التي طالما قدسها السودانيون ، وأن يكونوا ضمنياً على دراية لا تقبل الشك بمجموعة القيَّم و الأخلاقيات المزروعة في عمق الشخصية السودانية على وجه الحقيقة المحضة ، والفرق بيننا وبين الكثير من الشعوب أنهم لا يعتبرون تلك القيَّم و السلوكيات (أصلاً) في مجمل أنواع التعامل بقدر ما يعتبرونها (شكلاً) خارجياً أو مظهرياً يفيد المجاملة ومجرد تزيين الذات ، وهنا تكمن المشكلة إذ يُعتبر ذلك تبايناً واسع المجال و تضاداً عالي التأثير في موازين الثقة المتبادلة بين الطرفين ، كثير من الجاليات الأجنبية التي إستوطنت السودان من الأقباط المصريين والهنود وغيرهم إستطاعوا أن يفهموا هذه المعادلة ونجحوا في تطبيقها على واقع معاملاتهم المتعلقة بالتواجد في الأوساط السودانية فأفادوا وإستفادوا وأصبحو مظهراً ومضموناً جزءاً لا يتجزأ من التركيبة الإجتماعية في سائر المدن السودانية ، أما إخوتنا السوريين فحسب رأيي هم محتاجون بدايةً إلى كيان جامع يعمل على تعريفهم بمحتويات الشخصية السودانية ومؤشرات تحفيزها إيجابياً وسلبياً ، الكثيرون في وسائط النشر الإلكتروني يشتكون من إنجراف بعض الشباب من سوريا الشقيقة في إستعراض علاقاتهم (المبهمة) مع فتيات سودانيات ، ثم إنتشار كبير لصور وفيديوهات لا تتناسب مواصفاتها الأخلاقية و الثقافية مع اللوائح والنظم والأعراف المجتمعية التي يمكن أن يتقبل بها السوداني التواصل الذي يمكن أن يربط أجنبياً بسودانية ، يجب أن نقر أن العلاقات التفاعلية بين الأجانب والفتاة السودانية كان وإلى وقتٍ قريب أمراً نادراً وغير معتاد عليه كما هو الحال في كثير من البلدان الأخرى ، وقد يشوب الأمر نوعٌ من الحساسية المفرطة تجاه الكثير من القيِّم المحلية السابق ذكرها ، إلا أن السماح لهذه الظاهرة بالإستمرار دون توقف ولا تأمل من شأنه أن يؤدي لعواقب في رأيي ستكون وخيمة .. الدعوة موجهة لأولياء أمور فتياتنا في البيوت ثم إلى وزارة الشئون الإجتماعية ووزارة الداخلية ومنظمات العمل الطوعي الإجتماعي لطرح الموضوع في طاولة البحث والتقصي وإقتراح الحلول.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة