حينما هبطت الأستاذة تراجي مصطفى للسودان كانت تتوقع أكثر من سيناريو من حكومة الكيزان.. لكن ابتسامة رجل المراسم عند سلم الطائرة كانت مؤشراً لدفء الاستقبال.. حينما وصلت المعارِضة الشرسة إلى صالة كبار الزوار وجدت الأمين السياسي للحزب الحاكم في انتظارها.. لم يكن حامد ممتاز وحده فقد صحبه في تلك المهمة الأستاذ كمال عمر عن الحزب الشعبي.. تلك كانت إشارات خضراء مكَّنت الناشطة ذات اللسان اللاذع من أن تلتقي بجميع رموز الدولة. ظهر الخميس سيعود الإمام الصادق المهدي لبقعة جده المهدي الكبير.. حدثٌ ليس سهلاً بعد أن غاب الإمام في المهاجر نحو ثلاثين شهراً.. منذ ترك الإمام داره في الملازمين شكَّل صداعاً مزمناً للحكومة.. عبر لقب آخر رئيس الوزراء تمكن من إعادة توحيد المعارضة عبر نداء السودان.. لم تعد المعارضة مجرد حركات عسكرية تحمل رؤية مناطق محددة بعد أن بات حفيد الإمام المهدي أحد قادتها.. أكثر من رسول حكومي حاول أن يلتقي المهدي ليعيده لأنصاره.. ولكن لم تتكلل تلك المساعي بأي نجاح يُذكر. الآن الإمام قرَّر العودة للسودان لتقديرات تتعلق بالحزب الذي يقوده.. خاطب حزب الأمة السلطات المعنية ليحتفل الأنصار بعودة زعيمهم في ميدان الخليقة عبد الله.. كان رد الحكومة أن الميدان محجوز لثلاث ليالٍ للاحتفال بمناسبة تحرير الخرطوم.. لاحقاً وافقت الحكومة على تحديد ميدان أصغر لإقامة الاحتفال الكبير.. كما رحَّب الأستاذ إبراهيم محمود بعودة الرجل للسودان. لكن ذلك ليس كافياً.. لو كنت مكان الحزب الحاكم لأعلنت على لسان رئيس الحمهورية الترحيب بعودة الإمام المهدي.. مثل ذلك الترحيب من الرئيس البشير، فوق أنه ترحيب مستحق، يرسل إشارات بأن ثمة مناخ جديد جعل رجل في قامة الإمام المهدي يختار هذا الوقت للعودة.. كان من الواجب أن يكلف عبد الرحمن المهدي مساعد رئيس الجمهورية بأن يكون على رأس مستقبلي الإمام في مطار الخرطوم.. هذا التكليف يرفع حرجاً عن نجل الإمام ويمنح درجات إضافية للحكومة في مادة التسامح السياسي.. لن يخسر الأستاذ إبراهيم محمود لو وجَّه عضوية الحزب الحاكم بالمشاركة في مراسم الاستقبال. في تقديري.. أن الحكومة تحاول دفن رأسها في الرمال إن تجاهلت رجلاً بتاريخ وشعبية الإمام المهدي.. ذات الخطأ ارتكبته حكومة مايو حينما ظنت أن طلائع مايو دكَّت حصون الأنصار.. وأن ضربات ود نوباوي والجزيرة أبا أنهت أسطورة الأحباب.. في أول استحقاق دستوري تحت الأضواء الكاشفة أحرز حزب الأمة الصدارة بأكثر من مائة نائب في برلمان ١٩٨٦. بصراحة.. الادعاء أن عودة الإمام مسألة عادية جداً هو بعض من قصر النظر السياسي.. ادعاء الفرح بعودة الإمام يُذيب الحساسية الملتهبة وينزع فتيل أي عنف محتمل.. على الحكومة أن تلغي أي منشط ضرار في ذاك اليوم.. إن لم يكن من أجل الإمام فليبرَّر الأمر بالحرص على السلامة العامة. assayha
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة