رغم عدم اهتمام الإعلام الإسرائيلي بمؤتمر باريس، إلا أن مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية أبدى ارتياحه لنتائج المؤتمر، وقال: هذا يوم تاريخي لصناع القرار في تل أبيب، واعتبر نتائج المؤتمر نجاحاً للدبلوماسية الإسرائيلية، أو نجاحاً للمناورة الإسرائيلية في الحرد، والغياب المتعمد عن جلسات المؤتمر، مع الاحتفاظ بقوة الحضور المؤثر على الدول العظمى التي حرصت على استرضاء الطرف الغائب، من خلال البيان الختامي، الذي انصبت بنوده في صالح الأطماع الإسرائيلية، ومكاسبها السياسية في أكثر من مجال، ومنها: 1- جاء في البيان الختامي للمؤتمر: أن حدود 67 هي حدود لا تتغير، ما عدا تلك التي يتفق عليها الطرفان. فكيف لا تتغير حدود 67، طالما سيتم تغييرها بموافقة الطرفين؟ ولما كانت إسرائيل هي الطرف الأقوى، فمعنى ذلك أن حدود 67 ستتغير وفق التوسع الاستيطاني القائم، ووفق تقدير المخابرات الإسرائيلية للأبعاد الأمنية. 2- وجاء في البيان الختامي: في الوقت الذي يقدر فيه المؤتمر تطلعات الشعبين المشروعة، إلا أنه يؤكد على أهمية احتياجات إسرائيل الأمنية. فمن يعرف أي تقف حدود الاحتياجات الإسرائيلية الأمنية؟ هل تكتفي بالطرق الالتفافية وضم غور الأردن، والسيطرة على التلال المرتفعة، أم تتجاوزها إلى تفتيش البيوت عن سكاكين المطبخ، والتفتيش العاري على الحواجز الأمنية؟. 3- آتى البيان الختامي على ذكر قرارات مجلس الأمن التي تخص القضية الفلسطينية بما فيها القرار 2334، ولكن البيان الختامي تجاهل القرارات التي تخص قضية اللاجئين الفلسطينيين، بما في ذلك القرار التاريخي 194، وهذا نكوص عما سبق. 4- أكد المؤتمر على ضرورة العودة إلى المفاوضات المباشرة بين الطرفين. وهذا هو بيت القصيد، وهذا ما يسعى له السيد محمود عباس من مؤتمر باريس، وهذا ما ترفضه إسرائيل حتى هذه اللحظة، وهي نتنظر رئيساً أمريكياً جديداً مؤيداً لها. 5- ربط المؤتمر بين التحريض وأعمال العنف من جهة، وبين استمرار التوسع الاستيطاني، هذا الربط فيه من التجني على المقاومة الفلسطينية ما يفسد الحقائق التاريخية، وفيه من التغطية على الاستيطان ما يؤكد أن الإدانة قد جاءت لاستمرار التوسع الاستيطاني، ولم تأت الإدانة للتوسع الاستيطاني نفسه، وهنالك فرق كبير بين المعنيين. 6- حرص المؤتمر على تشجيع الفلسطينيين على مواصلة الانخراط في العملية التفاوضية، مقابل حصولهم على المزيد من الدعم المالي الموعود، مع الإسهام في تطوير مؤسسات الدولة الفلسطينية، على أمل قيامها في يوم من الأيام. ولعل الأهم من كل ما سبق هو تجاهل الشعب الفلسطيني لمؤتمر باريس، وعدم متابعة جلساته، وعدم التدقيق في بيانه الختامي، وعدم انتظار أي بارقة أمل من مثل هكذا مؤتمرات تعود عليها الشعب الفلسطيني، وهو يبتدع في كل مرحلة وسائل ثباته فوق تراب وطنه.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة