كنت قد ختمت مقال الأمس بالدور الذي يمكن لشياطين الإنس داخل السودان وخارجه (دول وبشر) أن يلعبوه لإجهاض قرار رفع العقوبات الأمريكية على السودان من خلال استفزاز الحكومة لدفعها لفعل ما يضطر الإدارة الأمريكية الجديدة لإعادة النظر في القرار بعد مضي فترة الأشهر الستة القادمة. إن من يتمرد على سلطان الدولة منصباً نفسه صاحب حق إلهي يجيز له أن يشعل الحرب ويقتل ويخرب ويدمر ويشرد بدون تفويض من الذين يتحدث باسمهم لن يفهم أن الحصار الأمريكي الممتد لعقدين من الزمان لا يقع عبؤه على الحكومة إنما على المواطن (الغلبان) الذي لطالما عانى من تلك العقوبات في حياته ومعاشه تماماً كما عانى الوطن من الأزمات الاقتصادية التي عطلت مسيرته وكبلت انطلاقه جراء تلك العقوبات ولذلك لا غرو أن يبلغ الحزن منتهاه بأولئك الذين ظلوا يؤلبون قوى الضغط المتحكمة في القرار السياسي في أمريكا حتى يبقوا سيف العقوبات مسلطاً على عنق الوطن والمواطن. لذلك فإن الناقمين على قرار رفع العقوبات خاصة من دول الجوار التي اتخذت من السودان عدواً ستفعل خلال الستة أشهر القادمة كل ما من شأنه إجهاض قرار الرئيس أوباما من خلال دعم الحركات المتمردة بالسلاح سواء قطاع الشمال أو حركتي جبريل ومناوي مما يدفع السودان إلى الرد ولذلك على لجنة الحوار مع الإدارة الأمريكية المكونة من وزارة الخارجية والأمن والدفاع والمالية وبنك السودان والتي عملت في تناغم تام خلال الفترة الماضية أن ترصد بعيون استخبارية مبصرة أي عمل عدائي يأتي من تلقاء أي من دول الجوار وتسجله بغية تبرير ردود الفعل التي قد تضطر إليها. وقد سرني كثيراً خبر يفيد بأن حدودنا الغربية مع كل من ليبيا ومصر محروسة بقوات الدعم السريع خشية تدفق السلاح من حفتر وغيره سيما وأن تهريب وتجارة البشر إلى أوروبا له ارتباط وثيق بملف الإرهاب الذي أصبح الشغل الشاغل والعامل الأكبر والأكثر تأثيراً في توجيه السياسة الخارجية الأمريكية بل وربما السياسة الخارجية الأوربية سيما وأن أوروبا قد عانت كثيراً خلال السنوات الأخيرة من التفجيرات الإرهابية. أقول ذلك مسترجعاً الحيثيات التي اعتمدتها الإدارة الأمريكية لإصدار قرارها فقد بدأ أحد مسؤولي الإدارة الأمريكية تبريره للقرار الأمريكي برفع العقوبات بالتأكيد على أن الحكومة السودانية أوقفت هجماتها على (دارفور والمنطقتين) خلال فصل الجفاف الذي يبدأ في العادة في ديسمبر ثم تحدث عن خطوات كبيرة قامت بها الحكومة لتقليل العوائق أمام وصول المساعدات الإنسانية وتحسين بيئة عمل المنظمات الإنسانية وكذلك وقف تقديم السلاح للجماعات المسلحة في جنوب السودان وكذلك عمل السودان مع أمريكا للقضاء على جيش الرب. صحيح أن أحد خيارات الحركات المتمردة أن تعمل على إجهاض قرارات رفع العقوبات، لكن في ظني أن ذلك سيكون صعباً بالنظر إلى حالة الضعف التي تعاني منها بعد الهزائم التي حاقت بها، ولذلك فإن على الحكومة أن تستعد للخيارين.. خيار البحث عن السلام خاصة مع الحركات الدارفورية المسلحة التي لا تتبنى أجندة أيديولوجية كالتي يرفعها قطاع الشمال الذي لن يتخلى وحليفه (الحزب الشيوعي) بسهولة عن مشروع السودان الجديد سيما وأن حركتي مناوي وجبريل ستضيفان الكثير للحوار الوطني ولمسار السلام.. وكذلك خيار الحرب إن وجدت الحركات المتمردة من يدعمها بالسلاح لتعويق قرارات أوباما وفي هذه الحالة لا مفر من المواجهة بما لا يؤثر سلباً على القرار الأمريكي. لقد أثلج صدورنا أن إدارة الرئيس الجديد ترمب على علم وتأييد للقرار الذي اتخذه أوباما على عكس ما بثته أسافير المعارضة التي تكاد تموت كمداً وغيظاً مما فوجئت به من قرارات أفقدتها وعيها ورشدها وحطمت معنوياتها. على اللجنة المعنية بالحوار أن (ترمي قدام) ولا تكتفي بما تحقق فالإرادة السياسية التي ساندتها جديرة بأن تخطو بقوة نحو إزالة اسم السودان من قائمة الإرهاب مما يتيح للسودان تطبيع العلاقات تماما مع إعفاء لديون مهلكة تجاوزت أربعين مليار دولار . تحتاج الدبلوماسية السودانية إلى حملة علاقات عامة داخل أمريكا فهناك للأسف لوبيات من بعض العنصريين مثل منظمة (انقذوا دارفور) والذين لطالما شوهوا سمعة السودان في شتى عواصم العالم.. هؤلاء بلاء على وطنهم ومواطنيهم ويجب أن يواجهوا بحملات جريئة لا تهادنهم إنما تتصدى لهم بكل الوسائل السلمية كما أن على وزارة الخارجية رفد السفارة السودانية بواشنطون وكذلك نيويورك خلال الأشهر الستة القادمة بكوادر مثقفة ومؤثرة ولا أرى مبرراً لأن يبقى السفير خالد موسى وأمثاله من نجباء الدبلوماسية السودانية في الخرطوم بدلاً من أن يبتعثوا لفترة مؤقتة حتى يسكتوا اللوبي المعادي للسودان بمن فيهم جون بريندر قاست وجورج كلوني واريك ريفز وروجر وينتر وليت الخارجية ترصد مبلغاً معتبراً لغزو القنوات والصحف الأمريكية الكبرى مثل نيويورك تايمز وواشنطون بوست وذلك لتحسين صورة السودان والتصدي للحملات التي تستهدفه. assayha
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة