حديث المدينة الأحد 15 يناير 2017 عندما كُنّا نلعب الكرة في عهد الطفولة.. لم تكن للمباراة نهاية إلاّ بانحسار ضوء الشمس مع تسلُّل شفق الأصيل.. ونسمِّيها (المغربية).. وكنا نفرح كثيراً بآخر هدف يُحرز قبل مغيب الشمس ونُسمِّيه (قوون المغربية).. فنهتف له بحماس (قوون المغربية.. أحلى من مية).. أي أحلى من مائة هدف. الآن الحكومة السودانية أحرزت (قوون المغربية) مع آخر خُيوط الضوء قبل مغيب إدارة الرئيس أوباما.. فحصلت على إعفاء (جزئي ومشروط) من العُقُوبات التي ضُربت على السودان قبل عشرين عاماً بالكمال. فرح الحكومة السودانية بالقرار صار أشبه بـ (الشماتة) في المعارضة.. فرح بـ (ترح) المعارضة.. بل ومدد بعض القيادات حالة الأنا بحصر الفرح في دائرة دون أخرى حتى داخل الحزب الحاكم. مثل هذا المسلك نذير خطر عظيم، فهو يعني أن (الشروط!) الأمريكية التي يجب أن تستوفى خلال الستة أشهر القادمة في محك واختبار كبير.. فذات الروح التي جلبت العُقُوبات قبل عشرين عاماً لا تزال تهيمن بذات الأنانية والإقصاء والاحتكار. إزالة العُقُوبات الأمريكية في مصلحة كل الوطن.. حُكومةً ومُعارضةً.. لكن بشرط أن يدرك الطرفان أنّ القرار في مصلحتهما.. ومن جهل شيئاً عاداه.. فبالنسبة للمُعارضة.. هي فُرصة ذَهبية لن تتكرّر.. هناك فترة (ضمان) لستة أشهر قادمات.. تختبر فيها أمريكا رَغبة وقُدرة الحكومة السُّودانية على صيانة حُقوق الإنسان.. فُرصة للمُعارضة أن تُمارس أقصى درجات الحُرية.. توسيع مساحة الملعب السِّياسي بأكبر ما تيسّر.. فإذا كانت الحكومة السُّودانية جَادّةً في ما التزمت به لأمريكا فتستفيد من ذلك المُعارضة بفسحة ملعب الحُريات والحركة السياسية خلال فترة الستة أشهر.. أما إذا أصَرّت الحكومة على مُمارسة شُح نفسها.. وكبت الحُريات.. فالنتيجة أنها ستسقط في اختبار (حُسن السير والسلوك) بعد ستة أشهر. نصيحتي للمُعارضة أن لا تضيع يوماً واحداً.. فهي فُرصة لتوسيع فضاء الحُريات وحُقوق الإنسان.. لكن بشرط، أن تُمارسها بكل مسؤولية.. لتثبت أن الحُرية لمصلحة الجميع.. للحاكمين والمُعارضين معاً. تطهير الخطاب السياسي عند الحكومة والمُعارضة معاً من ألغام الغبن والتنابذ والتشهير.. سيكون الخطوة الأولى نحو مُمارسة سياسية راشدة تنهي أزمة الوطن.. لكن إذا أصَرّت الحكومة أنّها صاحبة اليد الطُولى.. ومارست حكم القوي على الضعيف... صَدِّقوني لن يفيد الحكومة إلغاء كل العُقُوبات وقرارات مجلس الأمن.. فالتاريخ الإنساني سجّل سوابق كثيرة لحكومات حَكَّمت قوتها لا عدلها.. فذهبت مع الريح غير مأسوفٍ عليها. في تقديري؛ فترة الستة أشهر امتحانٌ حقيقيٌّ للجانبين.. حُكومةً ومُعارضةً.. فيا أهل المُعارضة احرجوا الحكومة بمُمارسة مُعارضة راشدة حصيفة.. تبدأ أولى خطواتها بوقف الحرب.. إلغاء البند الأول الذي تبرر به الحكومة كبتها للحُريات السياسية. لا تنتظروا تعديل الدستور.. فالحُقُوق مكفولة في الدستور الحالي.. مارسوا حُقوقكم.. بأوسع ما تَيَسّر..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة