يتغذى العنصري المعقد عبد الغني بريش على بعض تنظيرات الجمهوريين البائسة وأقوالهم الخائسة في تشويه وجه الإسلام. ومن المعلوم أن الفكر الجمهوري يسعى دائما لدمغ الشريعة الإسلامية بصفة الرجعية والقصور عن مواكبة التطورات الإنسانية. وأن لزعيمهم محمود محمد طه في ذلك كتابا مشؤوما مشهورا بعنوان (الإسلام برسالته الأولى لا يصلح لإنسانية القرن العشرين)! وخلاصة ما في هذا الكتاب أن هنالك إسلامان؛ إسلام الرسالة الأولى وإسلام الرسالة الثانية. وأما إسلام الرسالة الأولى فهو الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم وهو الإسلام المعروف. وأما إسلام الرسالة الثانية فهو الذي اهتدى إليه بتأمله وزيغه الضال المضل محمود محمد طه! وقد زعم الزعيم الهالك أن إسلام الرسالة الأولى عجز عن تحقيق ما ابتغى وأراد من وجوه الاصلاح العقدي والاجتماعي، وأخفق في الارتقاء بالناس صعدا، فتراخى وانكمش وتقلص طموحه في أن يماشي الإنسانية المتخلفة في ذلك الأوان؛ أي انسانية الجيل الفريد من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم رضوان الله عليهم أجمعين. ولذلك عجز إسلام الرسالة الأولى - فيما عجز عن تحقيقه في زعم هذا الزاعم - عن تحريم تجارة الرق وتحرير من وقعوا في أسرها. وقد انطلت هذه الشبهة الواهية على بريشٍ فانبرش لها حتى استوعبها وتسمم بها ثم نهض يقول:" فعندما جاء الإسلام حاول مساواة جميع الناس، إلا أن هذه الدعوة لم تنجح؛ لأن الإقتصاد (يقصد الاقتصاد!) والتجارة والحروبات (يقصد الحروب!) الداخلية والخارجية كانت تعتمد على الرق والعبيد (تكرار لا داعي له!) كما أن سادة قريش الذين كانوا لهم (يقصد كانت لهم!) الكلمة العليا، رأوا في مساواتهم بالعبيد لا تمس العدالة بشئ (الكلام الأخير لا يفهمه إلا قائله بريش!)". ثم انطلق القائل من هذا التمهيد الذي استرقه من الجمهوريين ليقول:" من خلال ما ذُكر في الأعلى، يبدو أن المسلمين الأوائل وما بعدهم كانوا مشغولين بجمع العبيد والرقيق للمصالح العامة والخاصة، وهذا هو السبب الذي قادهم إلى أفريقيا وبلاد النوبة، وليس صحيحا أنهم ذهبوا هناك لنشر الإسلام". وما ذكره بريش في الأعلى هو احصاءات مكذوبة عن الرقيق الذي كان يمتلكه المسلمون. وهي احصاءات مكذوبة كمثل نسبته إلى سيدنا عثمان رضي الله تعالى عنه أنه امتلك ألف رقيق. وقد بينا كذبه الأبلق في هذه الناحية في المقال الماضي، حيث لم نجد لقولته هذه ذكرا في المصدر الذي عزاها إليه، وهو كتاب (مروج الذهب في أخبار من ذهب). وبرغم أن المسعودي صاحب الكتاب المذكور رجل معروف بكذبه؛ لأنه من الرافضة الذين يستحلون الكذب، إلا أنه عصم نفسه من أن يتورط في كذبة بلقاء مثل هذه لا يصدقه فيها أحد. ومما ذُكر أعلاه من الاحصاءات الكاذبة التي جاء بها بريش أن الخليفة العباسي المتوكل على الله كان له أربعة آلاف رقيق. وقد تقصينا مصدر هذه المعلومة المستقاة من كتب الرافضة، أعداء الصحابة والخلفاء جميعا، فرأينا في نصها ما يقتضي تكذيبها. فإن المصدر الذي جاء بها لا يقول أربعة آلاف رقيق كما زعم بريش المغرم بفتح موضوع الرقيق لغرض في نفسه ونفوس شريحته العنصرية ذات الطبع المرَضي. وإنما قال المصدر إن للمتوكل أربعة آلاف جارية. وأما قرينة تكذيب الخبر فهي ما جاء في ذيله من أن المتوكل واقع هؤلاء الجواري جميعا ولم يبق على منهن واحدة لم يباشرها. فمن أين للراوي إن لم يكن كاذبا سفيها متمخرقا يكذب ويتحرى الكذب ويبالغ فيه أن يعلم أن المتوكل قد ضاجع جواريه جميعا؟! فهل كان معه في قصره فرأى ما يقول؟! أم أنه استفتى الجواري فأفدنه جميعا بأن المتوكل قد فعل بهن ما فعل؟!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة