"الخليج" تستعرض تقريراً أعدته 17 وكالة استخبارات وشارك فيه 2500 خبير ترامب .. هل يتسبب في انهاء زعامة أمريكا للعالم ؟ تاريخ النشر: 11/01/2017 استمع
إعداد: عمار عوض رسم تقرير للمخابرات الأمريكية واقعاً كئيباً ومظلماً للسنوات الأربع المقبلة، وهي فترة ستشهد تراجع القوة الأمريكية، في الوقت الذي ستتشجع فيه روسيا والصين لمواجهة نفوذ الولايات المتحدة. كما حذر تقرير الاتجاهات العالمية الجديدة، الصادر عن مجلس الاستخبارات الوطنية الذي يضم 17 وكالة استخبارية، من أن نمو وسائل الإعلام الاجتماعية أحدث كثيراً من الصدمات مثل «الربيع العربي»، والأزمة المالية العالمية عام 2008، والارتفاع العالمي لمد «الشعبوية - اليمين المتطرف» وأن منطقة الشرق الأوسط تتجه إلى المزيد من التشظي والتفجر بسبب الصراعات الدولية وتراجع الاقتصاد وتردي بنية الدولة ومؤسساتها، وأن التنظيمات المتطرفة باتت في حال صعود دائم، وتحاول أن تحل محل الدول، في حين قد يتجه المزيد من دول المنطقة العربية، نحو التحالف مع موسكو. يسلط التقرير الذي جرى استخلاصه من لقاءات مع أكثر من 2500 شخص في 35 بلداً، بما في ذلك أشخاص موجودون في الحكومة وقطاع الأعمال والأوساط الأكاديمية، والذي يُجرى إعداده كل 4 سنوات، ويتم تسليمه للرئيس الأمريكي الجديد، قبل دخوله البيت الأبيض. وتركز هذا العام على الاقتصاد والطاقة ومؤشرات الحرب والتغير المناخي. وحذر من أن إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترامب ستواجهها مصاعب جبارة من خطر تزايد النزاعات الدولية وتراجع قيم الديمقراطية الغربية الليبرالية بشكل غير مسبوق لعقود طويلة. وأكد التقرير أن «السنوات الخمس المقبلة ستمثل اختباراً لمرونة الولايات المتحدة، وأن المشهد العالمي الناشئ يقترب من نهاية عصر الهيمنة الأمريكية بعد الحرب الباردة». وأشار التقرير إلى أن «النظام الدولي القائم على قواعد» هو أيضاً عرضة للخطر، الأمر الذي سيجعل من الصعب التعاون الدولي، وهذا بدوره يخلق فرصة للبلدان الأخرى والجهات الفاعلة غير الحكومية لتحقيق مصالحها متأثرة بـ«عدم اليقين بشأن الولايات المتحدة، والغرب سيقود لتآكل قواعد منع الصراعات وسيشجع الصين وروسيا لكبح نفوذ الولايات المتحدة في مجال حقوق الإنسان»، حسبما ذكر التقرير الذي قال إن «العدوان ومختلف أشكال الاضطراب ستبقى تحت عتبة الحرب الساخنة، ويمكن أن تجلب مخاطر عميقة من سوء التقدير لها». وفصل التقرير بالقول «وسيكون التعاون على الصعيد الدولي صعباً جداً.. دول الفيتو ستهدد بمنع التعاون في كل منعطف، وسيعزز ذلك بعدد لا يحصى من الحقائق المتنافسة، وتقويض تفاهمات مشتركة في الأحداث العالمية». وتنبأ التقرير بأن «السنوات الخمس المقبلة ستشهد مواصلة القيادة الروسية لجهودها لاستعادة مكانتها قوة عظمى من خلال التحديث العسكري والتعاقدات الخارجية التي تسعى لبسط النفوذ الروسي والحد من النفوذ الغربي، وسنشهد قعقعة السلاح النووي وزيادة المد القومي»، وحسبما ذكر التقرير «لا تزال موسكو تشعر بعدم الأمان، وسوف تتحرك عندما تعتقد أنها بحاجة إلى حماية المصالح الوطنية لروسيا». وبجهة الاقتصاد، يقول التقرير ويتنبأ بأن الاقتصاد العالمي سيستمر في التعثر والنضال في السنوات الخمس المقبلة، إذ إن «معظم أكبر الاقتصادات في العالم من المرجح على الأقل في المدى القريب، أن يكون أداؤها دون المستوى وفقاً للمعايير التاريخية». وفي الوقت نفسه، فإن «الشعبوية» ستزايد على اليمين واليسار وبقية الطيف السياسي، «وتهدد قيم الديمقراطية الليبرالية». وتشمل التهديدات الأخرى المذكورة ارتفاع الإرهاب والمنافسات الإقليمية، مثل «الحروب بالوكالة الجارية» في الشرق الأوسط، والتي ستغذي الطائفية، وهو وضع يرى التقرير أنه من المرجح أن يزداد سوءاً على المدى القصير، وقد لا يتوقف بحلول عام 2035. وبحسب فقرات التقرير المتعلقة بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فإن المنطقة برمتها تتجه «باتجاه خاطئ» مع تزايد العنف وغياب الإصلاحات السياسية والاقتصادية. ويلفت التقرير إلى أن أسعار النفط لن تعود على الأرجح إلى مستويات الطفرة النفطية السابقة، ما سيدفع الحكومات أكثر فأكثر إلى الحد من الإنفاق ومن سياسات الدعم. وشدد التقرير على التحذير من ثورة المعلومات المتمثلة في وسائل التواصل الاجتماعي وتأثيرها على المشهد الدولي والصدمات التي خلفتها، إن كان ذلك عبر ما يمسى الربيع العربي، الذي خلف كوارث. وقال «نحن نعيش مفارقة: إنجازات العصور الصناعية والمعلومات باتت تشكل عالماً أكثر خطورة من أي وقت مضى، وتشكل خطراً على الخيارات للبشرية، وستحدث تغييراً جذرياً في المشهد العالمي». ويضيف التقرير أن وسائل التواصل الاجتماعي باتت منصة رئيسية وجديدة لإظهار الإحباط في حين بدأت منظمات دينية مثل جماعة «الإخوان المسلمين» والمقربين منها، وكذلك التنظيمات الطائفية الشيعية والحركات القومية مثل القوى الكردية، تظهر على أنها البديل الرئيسي للحكومات الفاشلة في المنطقة، لافتاً إلى أن تلك التنظيمات تعتمد على توفير الخدمات الاجتماعية للناس بطريقة أفضل من الحكومة، كما أن سياستها المحافظة تتلاءم مع توجهات الجمهور. وحدد التقرير 3 محددات ستتعرض لها دول العالم بشكل عام والشرق الأوسط بشكل خاص، وتتمثل في الإجهاد الاقتصادي الذي جاء عنه «عدم اليقين الاقتصادي العالمي سيكون مؤثراً خلال السنوات الخمس المقبلة وسيؤثر على نمو الصين... من خلال الركود، كما أن العديد من الحكومات ستواجه بزيادة الضغط الشعبي من أجل الإصلاحات التي تعزز فرص العمل والنمو الشامل، والتغيرات التي قد تهدد سيطرتهم والقدرة على توفير فوائد لأنصارها السياسيين». وأن المحدد الثاني والمتمثل في الإجهاد السياسي سيكون تأثيره من خلال عدد قليل من الحكومات مستعدة لتقديم إصلاحات سياسية واقتصادية، وأن العديد من الدول ببساطة تفتقر إلى القدرة على التصدي للتحديات التي يواجهونها. وأن المحدد الثالث الذي اعتبره التقرير أكثر خطورة يتمثل في الإجهاد المجتمعي: «المواجهة المجتمعية والاستقطاب ـ في كثير من الأحيان متجذرة في الدين والثقافة التقليدية، أو المعارضة للعولمة - سوف تصبح أكثر وضوحاً في العالم من خلال التكنولوجيا الجديدة التي من المرجح أن تستمر في تأجيج الاستقطاب السياسي وزيادة نفوذ الجماعات المتطرفة أو الهامشية عن طريق تحسين وجودها والوصول لمتابعيها». وحذر التقرير أيضاً من أن التوجهات الحالية للأمور في الشرق الأوسط بحال استمرارها تهدد بالمزيد من التفتت في المنطقة، مشيراً إلى أن تأثير المتطرفين سيتزايد بمقابل تراجع التسامح مع الأقليات الدينية، بما يفتح الباب أمام موجات هجرات جديدة لها. ويرى التقرير أن عواصم الشرق الأوسط فقدت ثقتها بقوة التأثير الأمريكي وباتت ترى في واشنطن شريكاً لا يمكن الاعتماد عليه، ما فتح الباب أمام دخول روسيا وربما الصين على مسرح الأحداث. أما أسباب تراجع الثقة بواشنطن، وفقاً للتقرير، فترتبط بعدم فرضها لخطوطها الحمراء في سوريا وتخليها عن نظام الرئيس المصري الأسبق، حسني مبارك، وتقاربها المزعوم مع إيران، بعيداً عن الحلفاء التقليديين. ويتوقع التقرير تزايداً في قوة «إسرائيل» وإيران وتركيا، على حساب دول أخرى في المنطقة، على أن يظل التنافر قائماً بين الأطراف الثلاثة. كما يرى أن تراجع الرخاء الاقتصادي سيترتب عليه المزيد من التوترات بسبب ضغط المؤسسات. ويعرب التقرير عن خشيته من تحديات أمنية تواجه دولاً عدة بما يفتح الباب لتدخلات أكثر من الصين وروسيا وأمريكا. ويرى التقرير أن التراجع في أسعار النفط وتردي الخدمات وفرص العمل سيكون له على مستوى الشرق الأوسط، تأثيرات سلبية، قد تضعف الدولة المركزية لصالح إعادة ظهور أدوار أكبر للأفراد، وكذلك للقبائل على شكل تنسيقيات وهيئات للإدارة المحلية، كما حصل في سوريا وليبيا.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة