في الأسبوع الماضي كنت أسير برفقة صديق صحفي يعرف دهاليز المدينة.. أشار الزميل إلى بناية متعددة الطوابق في شرق الخرطوم .. أخبرني الصديق أن البناية تعود ملكيتها للزعيم الأهلي موسى هلال شيخ قبيلة المحاميد ..استطرد الزميل مؤكداً توقف أعمال البناء منذ سنوات.. سألت نفسي ولكن أين بريق ذهب جبل عامر.. تذكرت وقتها تقريرا صحفياً بريطانياً كان يشير إلى أن الزعيم هلال اكتنز ثروة ضخمة جراء تنظيمه عمليات التعدين في جبل عامر الذي تسكنه عشيرته من قبائل الرزيقات الأبالة بجانب قبيلة البني حسين. فوجئت قبل أيام بحديث الفريق عصمت عبد الرحمن وزير الداخلية حول التعدين بمنطقة جبل عامر بدارفور..الوزير أكد أن مليشيات أجنبية تسيطر على الجبل المكتنز بالثروة.. الفريق عصمت الذي شغل من قبل منصب رئيس هيئة الأركان استنجد بالقوات المسلحة للسيطرة على المنطقة التي تعجز الشرطة عن استتباب الأمن فيها بسبب قوة تسليح المليشيات. قبل أن يجف مداد تصريحات وزير الداخلية جاءت تصريحات مضادة ..الزعيم موسى هلال والذي زار المنطقة من قبل في إطار رتق النسيج الاجتماعي كان أول من استجاب لتصريحات وزير الداخلية.. بيان باسم مجلس الصحوة الذي يسيطر عليه هلال نفى وجود أجانب بالجبل المحاط بمحليتين بمعنى أن منطقة الجبل ليست حدودية حتى يتسلل إليها الأجانب .. البيان طلب التمهّل في دراسة الأمر قبل اتخاذ خطوات غير محسوبة .. ولفت البيان إلى أن جبل عامر يعمل فيه معدنون من كافة أنحاء السودان .. ولم يجزم البيان بعدم وجود أجانب في المنطقة.. في نطاق مغاير نفي المقدم آدم صالح الناطق باسم قوات الدعم السريع وجود أي أجنبي في منطقة جبل عامر . الواضح أن كل طرف ينظر إلى جبل عامر من زاوية جغرافية محكومة بعوامل محددة.. الشرطة تنظر بحذر للوجود الأجنبي في المنطقة الثرية وتعده مهددًا أمنياً واقتصادياً.. فيما الشيخ موسى هلال يحاول مراعاة أحوال عشيرته من الرزيقات الأبالة الذين يتحركون في مسارات تتجاوز مساحة السودان.. قوات الدعم السريع لا ترغب في فتح جبهة عسكرية جديدة قد لا تتمكن من التوغل فيها نظراً لبعض الحساسيات الجغرافية والاجتماعية. في تقديري .. أن أخطر ما أفرزته أزمة جبل عامر هو اضطراب الرؤية السياسية للحكومة.. حينما تختلف جهات عسكرية لها القدرة للحصول على المعلومات من مصادرها الميدانية ترتفع وتيرة قلق المواطن العادي مع اختلاف التقديرات .. لكن حينما تصل الأمور مرحلة التصريحات المتبادلة على مسرح الصحافة يتحوّل القلق إلى خوف يستوجب إطلاق صافرات الإنذار في المدينة .. مثل هذه الاختلافات في التقديرات يجب أن تُحسم في الغرف المغلقة جداً. بصراحة.. على الحكومة أن تتعامل بحذر شديد مع ملف الأحداث في جبل عامر ..لدى إحساس أن هنالك فاصلاً مثيراً سيحدث في هذه القصة إن لم تكن الحكمة حاضرة من كل الأطراف.. ليس من المستغرب أن يكون هنالك أجانب في هذه البقعة.. حلم الذهب جعل المنقبين السودانيين يتجاوزون حدود السودان إلى مصر والنيجر والجزائر.. علينا القبول بمعادلة الذهب مقابل السلام إن كانت تحقق الاستقرار والسلام في تلك النواحي .. كل ذلك حتى لا يتكرر حريق دارفور بقوة دفع جديدة. assayha
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة