لم يكن من (الترف) و (البزخ) إهتمام حكوماتنا السابقة عبر وزارة التربية و التعليم و وزارة الصحة و مؤسسات رعاية الطفولة الرسمية و الطوعية بالبناء الجسدي والروحي و النفسي للطفل بالقدر الذي يؤهله للقيام بدوره التنموي الطليعي لصالح الوطن والأمة ، وفي عصرالإنقاذ التي باتت منشغلة بقضايا كثيرة شائكة وعاجلة و (إستراتيجية) أكثرمن بناء الإنسان نفسه والذي لايختلف إثنان في كونه اللبنة الأساسية لحركة التطور والنماء وهو أيضاً المُستهدف بكافة ثمرات التنمية وما تكفله من رفاهية وحلول لمشكلاته الحياتية ، أما جيلنا فقد لحق بآخر إشراقات الأداء الحكومي في بداية الثمانينات في هذا المجال ، فقد شهدنا بأم أعيننا (إدارة التغذية المدرسية) بوزارة التربية تقوم بإيصال و توزيع أنواع شتى من الأغذية المُعلبه وغير المُعلبه إلى المدارس العادية و الداخلية في شتى المراحل (إبتدائي – متوسط – ثانوي) ، فضلاً عن الحملات الصحية التي كانت تقوم بها فرعيات وزارة الصحة للمدارس مستهدفة التطعيم ضد الأمراض المعدية وكذلك التأكد من توفرالإشتراطات الصحية المتعلقة بالبيئة المدرسية الصحية المُثلى ، و للذين لا يعلمون حينها لم تكن المدارس الخاصة (ذات فضيلة) كما هو سائد الآن بل الغلبة و التفوق كانت للمدرسة الحكومية و التي كان لا يدخلها إلا المتفوقون ، من جميع طبقات الشعب السوداني و كافة سحناتهم و قبائلهم ، وفي هذا نوع من (التدريب النفسي) والدفع القومي تجاه قضية قبول الآخر و تلاقح الثقافات و تلاحم طبقات المجتمع بكافة مستوياتها المادية والفكرية والإجتماعية ، والآن بعدما أصبح الإنسان في ذيل قائمة إهتمامات الحكومة ، لأنها منهمكة في معركة التكتيك و التخطيط و القتال والإستماته للبقاء في السلطة ، ولأنها لا تريد أن تعترف بالآخر إلا عبر ناظيرها المصلحية ومُخططاتها الإقصائية التي لا تضمن إلا إستمرارية إستحوازهم على كل مفاصل القرار ولتوجيه والموارد في سودان الحاضر والغد المجهول ، لكل ذلك يمُرمرور الكرام تصريح صرّح به وزير الصحة الإتحادي قبل عام من الآن (إبان إنداحت في وزارة الصحة ثورة من الشفافية تم إسدال ستارها حيناً من الدهر) .. مفاد التصريح أن حوالي 82 % من أطفال السودان يعانون من سوء التغذية و فقراً في الدم (أنيميا) ، وبناءاً على الرقم المذكور يبدو أن معاناة أطفال السودان من سوءاتنا حكومةً ومهتمين قد تجاوزت فئة الأطفال الذين يعانون من ويلات الحرب المندلعة في أقاليمهم إلى عموم أطفال السودان في كافة المدن و العواصم و القرى ، هذه المرة الحرب من نوع آخر إنها حرب الإفقار و التجويع بسبب رفع الدعم عن الوقود و غاز الطعام و الدواء و جزئياً عن الكهرباء ، للضائقة المعيشية التي فاقت التوقعات تأثيرات جمة ومنظورة على قضية غذاء الطفل وحقوقه الأخرى ، من مِنا معشر البسطاء ينظر أو يأبه إلى الجودة النوعية والصحية في ما يتغذى به أطفاله ، بكم صار سعر اللحم والبيض والحليب و الفواكه ؟ .. أطفالنا بُناة الغد و حُماة المستقبل .. أمام أعيننا يتم هدم بِنيتهم البدنية و النفسية بمعاول الجشع والأنانية والفساد .. مَن لأطفالنا المصابين بالسرطان والفشل الكلوي و داء السكري وغيرها من المآسي بسبب تفشي الفساد وإستباحة المال العام .. ملايين الدولارات الخارجة عن حزينة (عفواً) خزينة الدولة داخل السودان وخارجه كفيلة بإنقاذ أطفال السودان ومن ثم السودان نفسه في مستقبل قادم .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة