ابننا عطاف عبدالوهاب موفد (الصيحة) النشط إلى أديس أبابا نقل عن القائد مني أركو مناوي أنه قال : (أنا أعلم أن الطيب مصطفى لديه مشكلة مع ياسر عرمان لكن مشكلتو معاي شنو ؟ لماذا كتب ذات يوم أنني وسخ القصر ؟). دهشت مما أورده عطاف على لسان مناوي واستبعدت أن أورد تلك العبارة التي أعلم أنها ليست من قاموس كتاباتي سيما وأنها تحمل إيحاءات ومضامين عنصرية أحذر على الدوام أن ترد في مقالاتي خاصة (وأنا ما ناقص) اتهاماً من خصوم دأبوا على رميي بها بسبب رؤيتي لحل مشكلة جنوب السودان التي قدت فيها مع آخرين المطالبة بفصل الشمال عن الجنوب أو العكس . قمت على الفور بعد قراءة اتهام مناوي لي بالاتصال بالأخ كمال عوض مدير تحرير (الانتباهة) التي قال مناوي إنني كتبت فيها تلك العبارة أيام كان الرجل كبيراً لمساعدي رئيس الجمهورية خلال الفترة الانتقالية التي سبقت استفتاء تقرير المصير . أحمد الله تعالى أن الأخ كمال عوض نقب في إرشيف (الانتباهة) وأكد لي أن تلك العبارة المسيئة لم ترد البتة على لساني أو مقالي بالرغم من أنني كنت قد كتبت مقالين هاجمت فيهما مناوي وسأذكر لكم خلفيات القصة. أقر بأنني كنت على خلاف دائم مع مناوي طوال الفترة الانتقالية التي شغل فيها ذلك المنصب الرفيع ذلك أن الرجل كان قريباً من باقان وعرمان ومتحالفاً مع الحركة الشعبية ومعارضاً للحكومة التي هو جزء منها، وكنت مندهشاً من هذا السلوك المتناقض الذي كان سائداً في تلك الأيام النحسات (الله لا أعادها) حيث كانت الحركة الشعبية وباقانها وعرمانها يقودون المعارضة من داخل مجلس الوزراء والبرلمان في أغرب نظام حكم في العالم. كانت الحركة الشعبية وحلفاؤها من قوى الإجماع وحركة مناوي يعملون من داخل مؤسسات الدولة لإسقاط الحكومة التي هم جزء منها، وكان مكتب مناوي بل ومنزله الحكومي يحتضنان اجتماعات حلفاءهم في الحركة الشعبية وقوى الإجماع، واستمر الحال هكذا إلى أن انفضت تلك الشراكة الغريبة المريبة بخروج مناوي وعودته وحركته إلى ميدان القتال. هل تذكرون قرائي الكرام طرد الحركة للام اكول من منصبه كوزير للخارجية لأنه لم يكن يسخر المنصب لمصلحة الحركة الشعبية التي كان ذلك الموقع الحكومي من نصيبها ورفض الرجل (الخلوق) ذلك السلوك مصراً على أنه أدى القسم كوزير لخارجية السودان وليس كوزير لخارجية الحركة الشعبية. بعد طرد لام أكول حل عدو الشمال دينق ألور محله كوزير للخارجية فباشر مهمة توظيف منصبه لشن الحرب على السودان وتعكير صفو علاقاته مع العالم بدلاً من أن يحدث العكس. تذكرون ما كان يفعله باقان وعرمان خلال تلك الفترة من كيد للحكومة التي كانا يشغلان مناصبها الوزارية والبرلمانية الرفيعة. ذلك ما جرته علينا كارثة نيفاشا فقد كان مناوي في تلك الأيام متحالفا مع الحركة الشعبية لتحرير السودان التي اشتق منها ، للأسف الشديد ، اسم حركته (حركة تحرير السودان) بهدف العمل من أجل إقامة (مشروع السودان الجديد) الذي ظللنا ولا نزال نعتبره خطراً داهماً لن نألوا جهداً في سبيل التصدي له ولعرمانه الذي يقود حالياً من أديس أبابا وفد التفاوض بالنيابة عن قطاع الشمال. في تلك الأيام حدثت مشادة عنيفة بين قوات مناوي التي كانت تقيم ، ويا للعجب ، بسلاحها داخل حي المهندسين بأم درمان ولعلع الرصاص وقتل عدد من أفراد الشرطة في ذلك الحي مما أثار الذعر في أم درمان وكتبت مهاجماً وجود مليشيات مسلحة في قلب العاصمة وسط المواطنين الآمنين وانتقدت مناوي بعنف - لكني لم أصفه بتلك العبارة المسيئة (وسخ القصر) - الأمر الذي جعله يقيم ندوة في أم درمان هاجمتني فيها قيادات حركته ولخصت صحيفة (أخبار اليوم) ما ورد من هجوم على شخصي في تلك الليلة. ذكرت تلك الوقائع لكي أبيّن خلفية الخلاف بيني وبين مناوي ومليشياته وحركته المسلحة، وأقولها حتى اليوم إنني ومنبر السلام العادل ما وقفنا في يوم من الأيام محايدين بين القوات المسلحة السودانية والحركات المتمردة الحاملة للسلاح، فنحن منحازون للقوات المسلحة ولن نحيد عن ذلك الموقف إن شاء الله. أقول لمناوي إننا أبناء اليوم ولكل مقام مقال ولكل حادث حديث ، فنحن نعلم أن أجندته لم تعد ذات أجندة عرمان وحركته الشعبية، ويكفي أنه انحاز لدكتور جبريل إبراهيم في خلافه مع مالك عقار حول رئاسة الجبهة الثورية الذي أسقط الحركة الشعبية في امتحان الديمقراطية التي تتشدق بأنها تعمل من أجل إقامتها في سودان المستقبل بل يكفي أن مناوي بدأ خطابه بالاستعاذة والبسملة التي يرفض عرمان أن تكون جزءاً من خطابه سيما وأن قصة الرجل معها معلومة من قديم ولن ننساها ما بقي فينا عرق ينبض، فقد خاض عرمان معركة أيام كتابة الدستور الانتقالي حين رفض إيراد البسملة في صدر ذلك الدستور عقب عودته من منفاه بعد إبرام - سيئة الذكر - اتفاقية نيفاشا. نحن في منبر السلام العادل وفي قوى المستقبل للتغيير نعوّل كثيراً على مناوي وجبريل إبراهيم وعلى الإمام الصادق المهدي في الدفع بالتفاوض إلى الأمام حتى ننهي ذلك الاحتراب البغيض، ونحقق السلام وننقل السودان إلى بر الأمان. assayha
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة