أفق بعيد صديقنا عادل الباز في عموده اليومي بالزميلة "اليوم التالي" علق على قرار إلغاء قائمة أسعار الأدوية أن الحكومة تستحق على ذلك تصفيقة وصفعتين، ولعادل صلة رحم ونسب قديم مع الحكومة- ربما- تسمح له بالقيام بالصفعات التي تمر دون عقاب، ولسنا كذلك- على كل حال- لذلك نكتفي بتأييده في ذلك، ثم أن نقول ما نريده كلاما مكتوبا، لكن قبل ذلك نقول شهادة في حق عادل الباز، فهو والدكتور خالد التجاني أفضل من يكتب في الاقتصاد بالمعلومات والأرقام والإحصائيات، ولا يطلقان آراءهما دون الاستناد إلى المعلومات. ثم نقول إن كثيرا من الصحف أخطأت في قراءة قرار إلغاء قائمة أسعار الأدوية التي أعلنها مجلس الأدوية والسموم، وعدَّته عودة إلى الأسعار القديمة، مع أن القرار ينص على تكوين للجنة للنظر في الأسعار، ولا يمكن الحكم قبل أن تقدم اللجنة قائمتها الجديدة، لكن هناك مؤشرات لا بد من النظر فيها، ووضعها في الاعتبار. لم ينص القرار على أن بنك السودان سيقدم تمويلا لاستيراد الأدوية بالسعر الرسمي القديم "6.5"، بالتالي لا تراجع- حتى الآن- عن قرار تخفيض قيمة الجنيه أمام الدولار ليصبح السعر الرسمي "15.9"، وهناك أدوية يتم استيرادها بالسعر الحر الذي قارب العشرين جنيهاً، أيضا يجب الوضع في الاعتبار أن أي قرار مثل هذا هو من اختصاص صناع السياسة الاقتصادية، وهم- هنا- وزير المالية، ومحافظ بنك السودان، وليس لوزارة الصحة، ولا مجلس الأدوية والسموم يد في هذا. إذن ماذا يمكن أن تفعل اللجنة الجديدة، والأمين العام الجديد للمجلس الدكتور الزين فحل؟، هل قضي الأمر وليس في يدهم ما يمكن فعله؟، صحيح أن المجلس ليس لديه القدرة على تعديل القرار، أو تقديم عملة صعبة بأسعار أقل لشركات الأدوية، لكن هناك مساحة ممكنة للعمل، وإعادة تسعير بعض الأدوية؛ بناء على ما رشح من معلومات خلال التراشق الذي حدث بين جهات كثيرة خلال الفترة الماضية. ثبت خلال التداول حول الأزمة الحالية أن هناك تلاعبا كبيرا في أسعار الأدوية، وأن نسبة ما كانت تغطيه الأسعار الرسمية القديمة للجنيه ليست كبيرة، بالتالي هناك كميات كبيرة من الأدوية كان يتم استيرادها بالتمويل الذاتي للشركات- أي بالشراء من السوق الحر، أو الأسود، هذه المجموعات من الأدوية يمكن أن يزيد سعرها بنسبة زيادة الدولار في السوق الأسود، وهي لا تتجاوز 20% إلى 30%، لكن شركات ومستوردي الأدوية، وساعدهم في ذلك المجلس قاموا بتسعير الأدوية وكأنها كلها كانت تستورد بسعر الدولار 6.5 جنيه، وعدّوا أن سعرها تضاعف ثلاث مرات، هذا غش، وتلاعب بحياة الناس، وليس مجرد رفع للأسعار، أو غش تجاري عادي. في هذا الجانب تستطيع اللجنة والأمين العام الجديد بما لهم من خبرة في المجال إعادة تحديد الأسعار بناء على المعلومات، والأرقام المتوفرة، بالتالي وضع قائمة جديدة تنخفض فيها الأسعار إلى قيمتها الحقيقية، وتحقق من خلالها الشركات الربح المعقول دون خسائر مدعاة، لكن الأهم من كل ذلك أن هناك ملفات ينبغي أن تخضع إلى التحقيق الجنائي، فالتلاعب الذي حدث أكبر من أن يتم السكوت عليه، وارجعوا إلى معلومات وصيحات الزميل الطاهر ساتي، والدكتور ياسر ميرغني الأمين العام لجمعية حماية المستهلك، التي ظلا يرددانها أكثر من ثلاث سنوات دون جدوى.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة