الأحاجي هي القصص الخيالية التي يؤلفها الذهن الشعبي للأطفال لاغراض تربوية وتعليمية وترفيهية ، والحجا في اللغة هو الكلام . والاقتصاد علم له نظرياته وقوانينه ، وعادة المشكلات الاقتصادية التي تحدث في كل بلاد العالم تتم معالجتها وفقا لهذه القوانين والنظريات ، لكن الأمر عندنا مختلف . المجموعة الاقتصادية في بلدنا إبتدعت لها منهج آخر للتعامل مع المشكلات الاقتصادية المزمنة التي يعاني منها اقتصاد البلاد ، فقد وجدوا في أسلوب الأحاجي أوالحكايات الشعبية الخيالي التي تُحكى للأطفال قبل النوم لتنويمهم ، الحل للتعاطي مع الأزمة الاقتصادية الحالية ، لننظر ما قاله وزير الإستثمار في المنبر الأسبوعي لوزارة الإعلام " إن عائدات الإستثمار الأجنبي في السودان سترتفع بنهاية البرنامج الاقتصادي الخماسي 15 -2019 إلي ( 86 ) مليار دولار ! – لاحظ " مليار " وليس مليون ، ( المجهر24 / 11 / 2016 ) طبعاً هذه العائدات ستوفرها منتوجات هذه الإستثمارات بعد تصديرها ، طيب ، أين هذه الإستثمارات ؟ هل هي مشروعات زراعية ؟ أم مصانع ؟ أم مطاعم ؟ فإذا كانت مشاريع زراعية ، وهذه سريعة الإنتاج فلماذا لم يظهر أثرها في تحسن الإقتصاد ، وإذا كانت مشاريع صناعية فأين منتوجاتها ؟ ولماذا لم تظهر هذه المشاريع في خطط وزارة الرزاعة والصناعة ؟ ونسأل السيد الوزير وقد مضى نصف الفترة الزمنية من الخطة إلا قليلاً فكم كانت العائدات في هذه الفترة ؟ فإذا كان الرقم الذي ذكرته حقيقياً أليس هذا كافيا لحل بعض مشكلات النقد الأجنبي ؟ وليجعل سعر الدولار مستقرا ؟ وهل حديثك هذا عن رؤؤس أموال أم عائدات كما ذكرت ؟ . في نفس الصحيفة يصرح وزير النفظ " إن الصناعة النفطية سيسطر لها التاريخ مرحلة جديدة ونقلة نوعية كبيرة عبر إمتلاك السودان مربع ( ب 2 ) بنسبة ( 100 % ) " وهذا المربع الذي قال السيد الوزير أنه سيسطرمرحلة جديدة لصناعة النفط لم يستأجره السودان من دولة أخرى ، بل هو جزء من أرضه المتبقيه، وإذا كان هذا المربع بهذه الأهمية فلماذا منحته وزارة النفط للشركات الصينية والماليزية والهندية ؟ ثم أن السيد الوزير لم يخبرنا عن الكميات التي يسهم بها في الاقتصاد حتى نشاركه هذا الإبتهاج . نأتي لأحاجي لوزارة السياحة التي التي جاء في الخبر الذي أوردته صحيفة المجهر ( 25 / 11 / 2016 ) بأنها تتوقع إزدياد عائدات السياحة إلي مليار دولار هذا العام ، مرتفعة عن العام الماضي حيث بلغت ( 930 ) مليون دولار ، فإذا كان الأمر كذلك فلماذا يستكثر السيد وزير المالية مبلغ مائتي مليون دولارقيمة فاتورة الأدوية لمرضى هذا الشعب الذي تعتبر المواقع السياحية ملكا حرا له سواءا كانت آثارأً أو حظائر للحيوانات البرية أو مواقع سياحية على البحر التي جاءت من ورائها هذه العائدات ، ثم أين هؤلاء السياح الذين لم نر لهم أثرا في شوارع العاصمة وحواري الأحياء والأسواق الشعبية ، هل يلبسون طواقي إخفاء ؟ فوزارة السياحة قدرت أعدادهم في النصف الأول من هذا العام بحوالي 376 ألف سائح ( التيار / الصيحة – 2 / 9 / 2016 ) ، هل من المعقول أن كل هذا العددلا يبارح الفنادق ؟ السيد وزير النقل في مقابلة له بصحيفة المجهر بتاريخ 24 / 11 /2016 خص السكة حديد بفقرة صغيرة في المقابلة ، وتركز حديثه عن خفض حمولة الشاحنات والطرق الداخلية في حين أن الإستثمار أو السياحة أو البترول والذهب وكل الأشياء الأخرى من إنتاج زراعي وثروة حيوانية أو منتجات صناعية كلها تحتاج لوسيلة نقل رخيصة وهي لا توجد إلا في السكة حديد ، التي من المفترض أن تكون لها الأولوية على كل المشروعات ، لأنها تسهم في خفض تكاليف الإنتاج وأسعار السلع كجزء من خطة حل مشكلة غلاء الأسعار ، ولأن كل القطاعات الاقتصادية تعتمد عليها ، والغريب أن كل الوزراء الذين تعاقبوا على وزارة النقل يتحدثون عن تأهيل السكة حديد ، لكن ما ظلوا يكرروه من أحاديث كان " أحاجي " فمعظم الخطوط لا زالت معطلة ، قطار بورسودان ، كسلا ، الأبيض ، نيالا ، واو فأين هذا التأهيل والقروض التي تؤخذ لهذا الغرض أين ذهبت ؟ . نعود ونقول إن هذه الأرقام المعممة للعائدات من الإستثمار أو السياحة أو الذهب الذي لا يمر يوم من دون تصريح للسيد وزير المعادن عن الأطنان المصدرة والتي ستنتج ، هي مجرد " أحاجي " ، لا شيء ملموس ، كما أن الحديث عنها لا تصحبه تفاصيل توضح مصداقيتها . الاقتصاد يتحدث بلغة الأرقام وليس الخيال ، والإجراء الصحيح أن يتحدث وزير الإستثمار أو السياحة أو المعادن وغيرهم من وزراء القطاع الاقتصادي - وهم يتحدثون عن موضوعات اقتصادية هامة كهذه أن يكون حديثهم مدعماً بالأرقام ، كم من المصانع التي ستقام وما نوعها وفي أي مكان ، وكم من المشاريع الزراعية وماذا تنتج وعائدها المقدر ، ونوع الإستثمارات الأخرى ...إلخ .... من الواضح أن السادة الوزراء يعملون في جزر معزولة وأن خطط كل وزارة لا تتكامل مع خطط الوزارات الأخرى وهذه أحدى العقبات التي تقعد بالاقتصاد في بلادنا .أيها السادة أسلوب الأحاجي الخيالي لن يحل مشكلاتنا الاقتصادية .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة