حينما تعالت سحب الدخان في مصنع الشفاء بالخرطوم بحري تعالت معها الأسئلة.. محور السؤال انحصر هل الأدلة التي استندت عليها إدارة كلنتون كانت كافية لضرب السودان.. لاحقاً اتضح أن المعلومات لم تكن صلبة رغم ذلك اتخذ كلنتون القرار الصعب.. بعض الاجتهادات مضت إلى أن الضربة كانت مجرد سحابة دخان تمكن الرئيس المحاصر آنذاك من تجاوز أزمة الآنسة ليونسكي.. خطف الأنظار من المحقق شديد المراس كنث ستار كان يتطلب فعلاً ضخماً يشد الأنظار إلى اتجاه بعيد عن نواحي غرفة نوم الرئيس كلنتون. بدون سابق إنذار اندلعت أزمة الواقي الذكري وزواج التراضي في السودان.. الزميلة شمائل النور عندما ذكرت حكاية الواقي الذكري في صلب زاويتها الراتبة لم تكن تنشد تأييد فكرة نشر ال################ة ولا حتى الدفاع عن حق الناس في استخدام تلك الوسيلة.. أرادت في باب التعريض بخصومها من الإسلاميين أنهم يركزون على أشياء تتعلق بالسلوك الشخصي فيما يهملون القضايا الأساسية المتعلقة بسائر المجتمع.. التراث الإسلامي يحفل بحكايات من سألوا سيدنا عبد الله بن عمر عن حرمة دم الذباب فيما كان رفاة الشهيد الحسين سِبْط رسول الله طريّاً. من ناحية بعيدة ارتفعت أصوات تتحدث عن زواج التراضي باعتباره أحد مرتكزات مخرجات الحوار الوطني.. هنالك من رد هذه المقترحات إلى الشيخ الراحل حسن الترابي.. أصول الفكرة عند شيخ حسن رددها أكثر من مرة كانت تدور حول غمط حقوق النساء أثناء مراسم الزواج.. بل إن بعض الفقهاء كانوا يرددون عبارة مجبرتي أثناء مراسم عقود الزواج.. الفكرة تكمن في تمكين المرأة من اتخاذ أصعب قرار في حياتها.. لم يرم الشيخ إلى تجريد ولاية ولي الأمر التي تسقط أحياناً حينما يكون رفضه تزويج وكليته غير مبرر.. هنا تتحول الولاية إلى القاضي الذي ينوب عن الإمام.. مجمل القول إن المناداة بضرورة رضاء الزوجين في عقود الزواج موجودة أصلاً غير أنها تحتاج إلى تفعيل. المسألة الأخرى أين كان مشرعو الحزب الحاكم حينما خرجت التوصيات من قاعة الصداقة؟.. أين المستشارون القانونيون حينما وصلت المخرجات إلى ردهات القصر الرئاسي؟.. المهم جداً في هذه الحالة أن لا يفتح باب تعديل هذه المخرجات مهما كان عوارها.. فتح الباب يؤدي إلى سابقة قد تنسف الحوار الوطني عبر إجراء تعديلات أخرى على الدستور تناقض روح الحوار الوطني وتصادم مخرجاته. في تقديري.. أن هنالك جهة تحاول الاستثمار في هذه الأجواء.. ليس بالضرورة أن هذه الجهة صنعت المسرح واستعانت بالممثلين.. لكن وجدت هذه الجهة أو الجهات الأجواء مواتية لصرف الناس عن الإصلاح الحقيقي.. مخرجات الحوار الوطني رغم عدم إجماع كل القوى السياسية عليها كانت تهدف إلى إعادة تهيئة الملعب السياسي.. تأسيس دولة القانون وإشاعة الديمقراطية والتنافس الحر كانت تلك مرامي الذين اتخذوا من القاعة مجلساً. بصراحة.. الآن انصرفت أنظار السودانيين إلى قضايا ليست ذات أهمية.. فيما قضايا الحريات والتداول السلمي غطاها غبار الاهتمام بحكاية الواقي الجنسي.. في هذه الأجواء يكسب أعداء التحول الديمقراطي.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة