قضية استهداف حرية الفكر والعلم والعلماء من قبل الذين تربوا على الفهم الخاطئ للدين ونصبوا أنفسهم علماء له، وأشعلوا حرباً ضد العلماء ظلت متقدة في كل الأزمان والتاريخ محتقن بتراجيديا معارك العلماء مع بعض رجال الدين, وبعض العلماء ضحى بالروح في سبيل الفكر ، وفي تاريخ السودان قدم الشهيد محمود محمد طه نموذجاً للتضحية من أجل فكره..العلماء الذين حاربتهم عقول التطرف الديني الآن هم مصدر فخر الأمة وأسماؤهم تزين بأبواب الفصول الدراسية في المدارس والجامعات، وبيوت العلم ، وأمكنة المعرفة، أمثال الفارابي ، والرازي ، والهيثم، والخوارزمي، والكندي وابن سينا، ،ابن رشد، والسهروردي وابن حيان والطبري وابن المقفع ، والغزالي ، الكواكبي والمتنبي وبشار بن برد ولسان الدين الخطيب وابن الفارض ورابعة العدوية والجاحظ والمجريطي والمعري وابن طفيل والطوسي وابن بطوطة وابن ماجد وابن خلدون وثابت بن قرة والتوحيدي، وهؤلاء العلماء كفروا ووصفوا بالضلال، لأن عقولهم تجاوزت في الفهم مدى فهم عقول المتطرفين من رجال الدين، إذاً المعركة بين المتطرفين الذين يمارسون الإرهاب الفكري مستمرة لإغلاق منابر الاستنارة وتكريس الجهل ومنع إزدهار الإبداع والأفكار ومن ثم العودة إلى عصور الإنكفاء. هذه الحرب القديمة المتجددة في استهداف الزميلة شمائل النور وصحيفة( التيار) من قبل المتطرفين أمثال الطيب مصطفى ومحمد الجزولي وعبد الحي وغيرهم معاركها ليست محصورة في الإطار الشخصي بل معركة مقصودة تتطلب الطرق عليها كقضية رأي عام لفضح الاستهداف الذي يشكل بالون اختبار لمدى قدرة الصحافة وأهل الفكر على الصمود ومواجهة المتطرفين الذين يريدون أن يحولوا هذا البلد إلى دولة دواعش ومرتع اللا وعي، ولكن هيهات فالوسط الصحفي والصفوة المستنيرة والمجتمع الواعي ليسو على استعداد لأن يتركوا أصحاب الهوس الديني للعبث بحرية الفكر والتعبير في وطن يسعى الكثيرون فيه لإعادة التوازن والاعتدال وحمايته من الغُلو في الدين الذي يورد إلى الهلاك كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم (فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين) .. لسنا أمة تسعى بنفسها إلى الهلاك، إذاً وأد الإرهاب الفكري والتطرف والغُلو في الدين الذي يعني ببساطة الانعزال عن المجتمع . نعم الحماية من المتطرفين مسؤولية الجميع. الحملة التضامنية مع الزميلة شمائل لابد أن تسبر غور خطورة الإرهاب الفكري الوليد الشرعي للتطرف الذي يتدرج ككرة الثلج لا أحد يدري أين تنتهي في بلد متعدد الثقافات والديانات لأن المتطرفين لا يملكون القدرة على البصيرة واستبصار الواقع ومعطياته فهم منغلقون ومنكفئون في دوامة الجمود والتصلب العقلي والوجداني ، ومصابون العجز عن التسامح مع الآراء المخالفة بسبب توترهم النفسي الذي يقودهم لسلوك العنف كتعبير عن وجهة النظر الشخصية أو الجماعة التي تملك السيطرة عليه. السودان وطن لدين التسامح ومجتمعه لن يكون ضحية للإرهاب الفكري ولن تدفع الصحافة فاتورة المصابين بمرض الاغتراب وعدم الانتماء للمجتمع ، لذا علينا مواجهة تخبطهم في الظلامية باسم الدين وسوء فهمه، بالتركيز على المظهر الديني وتجاهل جوهر الإسلام الذي يقوم على التسامح والمحبة،واحترام الفكر والعلم . التيار
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة