قبل عدة أشهر استأذن الضيف الأمريكي إدارة أحد الفنادق الفخمة في أن يتحدث إلى عدد من زواره من طاقم السفارة الأمريكية بالخرطوم في غرفة الاجتماعات الصغيرة الملحقة بصالة الاستقبال ..وبما أن أمر التعامل مع هذه العينة الضيوف لا يحتاج إلا إلى القرار السريع والبديهة الحاضرة استجابت رئيسة الوردية للطلب اللطيف ..لكن بعد دقائق كانت ساحة الفندق تشهد نقاشا محتدما بين أفراد التأمين والموظفة المسكينة..واحدة من الاقتراحات كانت إخراج الضيوف بلطف غير دبلوماسي..لكن حينما أحتكم المتجادلون لرؤسائهم كانت الإجابة ليست هنالك مشكلة في أن يتناجى الأمريكان بعيداً عن ضجيج الاستقبال..لكن هداكم الله انظروا الى مظهرنا وصورتنا ان لم يكن صوت الحكمة حاضراً . قبل يومين هاتفني منتصف الليل ومن صالة كبار الزوار بمطار الخرطوم رجل أعمال سوداني كان في زيارة عمل لواشنطن..رجل الأعمال الذي لديه شراكات اقتصادية في أمريكا كان في غاية الانزعاج من التطورات السالبة في مدى الرؤية العادية بين واشنطن والخرطوم ..الرؤية القاتمة ليست مبنية على فراغ..هجمة السلطات المحلية على بعض الكنائس الطرفية التي لم تشيد وفقاً لمطلوبات التخطيط الهندسي وجدت من يعيد صياغتها ..بعض من أعداء الحكومة صوروا تحركات (البلدوزرات) بأنها حرب على حرية العبادة في السودان ..بل هنال من دبلج بعض المشاهد ليظهر أن من يقود آليات الهدم ليس سوى أحد المعتمدين..حينما تضيف الى ذاك المشهد قرار وزارة التربية بالخرطوم بمنع عطلة الأحد في المدارس المسيحية تكتمل الصورة. دارفور منذ شهور تعيش في أمن وسلام.. لكن تصريحات معالي نائب الرئيس قد تعيد اشتعال النار في توقيت حساس ..الأستاذ حسبو لوح بمحاكم إيجازية وتلك في العرف القانوني تعني تجاوز مقاصد القانون بالقانون..حتى الحركة السريعة في تنظيف دارفور من السلاح قد تؤدي إلى كارثة تتمثل في صدام بين من في يدهم السلاح ..أي ارتفاع لوتيرة العنف في دارفور قد يعيق رفع العقوبات الامريكية في أكتوبر المقبل..لهذا من الأفضل التعايش مع مظاهر الفوضى داخل البيت السوداني ولو إلى حين. كانت وزارة الخارجية موفقة تماماً في إصدار بيان في الأزمة المتصاعدة بين كوريا الشمالية والغرب..لكن من المستحسن أن يتوجه السودان بخطوات أكثر عدائية ضد كوريا الشمالية..في الحقيقة ليست هنالك مصالح متبادلة بين بيونج بيانج والخرطوم..لن تخسر الخرطوم غير مداد القطع الناشف مع دولة سيئة السمعة..من قبل قطعت الخرطوم العلاقة مع طهران التي كانت حاضرة في مسرح التعاون العسكري بين البلدين..هذا وقت جيد لترسل الخرطوم رسالة في أنها قطعت علاقاتها بذاك التاريخ القديم الذي لم نحصد منه سوى العزلة. في تقديري أن بعض متخذي القرار في السودان ليست لديهم القدرة على قياس أثر الرأي العام الأمريكي على حكومته..حسب خبراء أن إدارة ترامب تلقت حوالي ألف خمسمائة رسالة احتجاج أو قلق على مسار الحريات الدينية في السودان.. اليمين المحافظ يمنح ترامب أوكسجين البقاء في البيت الأبيض..ليس في أيدينا بطاقات ضغط كثيرة على إدارة ترامب..لهذا من الأفضل التزام الحذر في أي فعل سياسي..في أغلب الظن أن المعارضة المسلحة تدرك كيف تستفز الحكومة وتجرها إلى ميادين منازلة تجعل الخرطوم خاسرة على الدوام . بصراحة..أكثر النيران التي تحدث خسائر فادحة في ميدان المعركة هي النيران الصديقة..أكثر ما يزعجني أن هنالك جزراً معزولة في إدارة الأزمة مع واشنطن..هنا يبرز دور رئيس الوزراء لتحقيق الانسجام في كورال الحكومة السياسي.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة