سباء جعفر....................... مشروع كاتب متمكن سنرى لها العديد من الاعمال التي ستثري المكتبة السودانية. لم اكن أعرف قبل اسبوع واحد ان لدينا كاتبة بهذا الحجم, كاتبة تعرف ماذا تريد وكيف تسطر ما تريد. كاتبة جريئة، متمكنة طرقت ما كنا جميعا نعرفه ولكننا نعتبره خطوطا حمراء لايمكن العبور من خلالها كمجتمع شرقي. سبرت اعماق الخبايا التي نعرفها جميعا ونظن اننا لن نغوص في بحارها. قرأت للكاتبة الرواية العميقة "حوش بنات ود العمدة" بحثت عن السيرة الذاتية للكاتبة لأجدني امام اديب عملاق، ومشروع أدب سوداني سيقودنا حتما للعالمية كما قادنا اليها من قبل "الطيب صالح" لم اكن اظن ان بعد الطيب صالح باعماله العملاقة ان يكون لدينا أدباء قامات كالاستاذة سناء جعفر. كان ذلك حافزا لي لكي ارى بقية اعمالها فقادتني رجلاي لرواية "إغتيال فضيلة" واقتنعت تماما انني امام قامة من قامات بلادي. لكَ الله يا سناء وحفظك الله لنرى اعمالا رائعة في سمو قامتك المديدة. نحن قطعا امام جيل جديد من الادباء الذين بلا شك سنرى اعمالهم تتقدم نحو العالمية. رواية "حوش بنات ود العمدة":- انا لست ناقدا ولم امارس الكتابة ولا النقد في حياتي ولكنني اعترف انني قارئ من الطراز الاول. أقرأ للعديد من الكتاب وأحاول دائما أن اقرأ ما بين السطور بالقدر الذي لا يفقدني متعة متابعة الرواية والعيش وسط شخوصها ..... هذه الرواية شدتني واسعدتني ايما إسعاد لعدة اسباب: 1- تناقش الرواية عادات وتقاليد المجتمع السوداني والاسرار التي لم نجرؤ علي تخطيها والتي يصفها البعض بأنها خادشة للحياء. بالنسبة لي لم تكن كذلك وهي دائما ما تطرق بالي على اساس انها جزء لا يتجزأ من حياتنا فلماذا لا نناقشها بجرأة حتى يمكن ان نصحح بنقاشها مفاهيم كثيرة مغلوطة عند ابنائنا وبناتنا. لماذا نهرب منها ونصفها بالعيب؟ كل فرد منا في المجتمع السوداني خاصة والمجتمع الشرقي عامة يعرف هذه المفاهيم وحتي الممارسات الخاطئة ولكنه يتهرب من نقاشها مخافة "العيب". وأي عيب اكبر من دفن رِؤوسنا في في الرمل؟ . الرواية ناقشت بكل شجاعة العادات السائدة في مجتمعنا مثل زواج بنت العم، ختان البنات، العنصرية، المثلية والتحرش الجنسي، الزواج العرفي، القبلية و العنصرية، قضية الدين، تعليم البنات، الخمر والمخدرات. 2- قصدت الكاتبة ان تناقش كل هذه المحاور في قالب درامي شيق وشجاع حيث انها تخطت الخطوط الحمراء التي فرضها علينا المجتمع رغم علمه بأنها معروفة لدى كل افراده، ولكن الطريقة التي تناولتها بها الكاتبة كانت جريئة وواضحة، فأنا شخصيا لم اتوقع ان ياتي نقاش مثل هذه المواضيع من أنثى وبهذه الصراحة ( اكبر فيها هذه الصراحة والوضوح). 3- حينما قرأت في الموقع الذي حصلت فيه على الرواية " ممنوع من النشر" شدني ذلك بقوة لأعرف اسباب المنع. لم اجد ما يمنع النشر سوى الجرأة في مناقشة مواضيع نحن في أمسْ الحاجة لإيضاحها ومعالجتها وجعلها في عداد "المقبول" والعادي. 4- أسلوب الكاتبة في استخدام عنصر المفاجأة قي الدخول والتحول من موقف لآخر لا يقل روعة من اسلوب "مارقريت ميتشل" في رواية "ذهب مع الريح". مما اعطى الرواية عنصر التشويق وشد إنتباه القارئ للمتابعة. 5- عنصر الزمن – تواريخ الأحداث – اعمار الشخوص وظفتها الكاتبة بأسلوب رائع يبين اختلاف ثقافات الاجيال المختلفة دون ان يخل بمحتوى الرواية. 6- إشراك اكثر من اربعة أجيال من أشخاص الرواية يدل على سعة ثقافة الكاتبة ومعرفتها بمتطلبات كل جيل ومزج هذه الاجيال من غير ان يؤثر ذلك علي حبكة الرواية. عموما الرواية إضافة كبيرة للمكتبة السودانية، وانا اتوقع للكاتبة ان تتحف المكتبة السودانية بعمل اكبر من "حوش بنات ود العمدة" يدخلها في مصاف الكتاب العالميين. واتمنى من رقابتنا إخراجنا من هذا النفق الضيق. مثل هذه الاعمال ستنال نصيبها من النشر كما حدث من قبل مع الطيب صالح في رواية "موسم الهجرة للشمال" وكما سيحدث مع عبد العزيز بركة ساكن في رواية "امرأة من كمبو كديس".
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة