mailto:[email protected]@consultant.com الإخوان المسلمون قوضوا أمل الشعب السوداني في حياة هنية. يصارع الناس منذ الصباح بحثاً عن لقمة العيش الكريمة، وهي في الغالب لا تتعدي وجبة واحدة للأسرة. ورسميا تقر الحكومة بنسبة فقر تبلغ 46.5٪ من السكان، حسبما ينشره الجهاز المركزي للإحصاء على موقعه على الإنترنت. وهذه نسبة مطبوخة طبخاً يغازل شهية الحكام، ولا تعبر عن الواقع كما يعلم الجميع. المهم أن المناطق المهمشة، والتي تغيب فيها الخدمات الرئيسية ويتضاءل الأمن، مثل دارفور، فتبلغ نسبة الفقر 98٪ من السكان، حسبما أوردت حريات في 13 مارس 2013م. بذلك وضع السودان بثبات في ذيل الشعوب من ناحية مؤشرات أداء الدول في شتى المجالات. وعلى سبيل المثال لا الحصر، ووفقاً لمؤشر التنمية البشرية الصادر عن الأمم المتحدة لسنة 2015م، والذي جاءت في صدارته كل من النرويج واستراليا وسويسرا والدنمارك وهولندا، فقد قبع السودان في المركز 167 تليه جيبوتي وجنوب السودان وأفغانستان وموزمبيق وبورندي وتشاد، ويا لها من رفقة سعيدة!! علماً بأن هذا المؤشر يقيس أداء الدول على أساس ثلاثة معايير رئيسية هي التعليم والصحة والدخل. وبدون هذه المعايير الثلاثة، فإن الحديث عن مشروع حضاري تستهدفه الإنقاذ يصبح لعلعة منبرية ومزايدة بالشعارات لا تجوز في حق شعب أبي كريم مثقف ذي تاريخ كالشعب السوداني. نحن ندرك تماماً أن الإنقاذ لا تهتم بالواقع، إنما تستحسن الغيبيات جداً، وتزايد عليها كثيراً. ففي حربها المقدسة ضد جنوب البلاد كانت تنظر بأم عينها إلى الملائكة تقاتل في صفوفها، وتعود لتزف قتلاها إلى جنات الخلد في مراسم زواج وهمية بالحور العين. ثم ترضخ أخيراً لأحكام الواقع وتستسلم لخيار الانفصال. وفي هذا الإطار يخرج علينا رئيس هيئة علماء السودان، البروفيسور محمد عثمان صالح بتصريحه قبل يومين، مؤكدا أن موجة الغلاء التي تضرب السودان حالياً مردها إلى بلاء من الله، مستشهداً بالآية الكريمة: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ). فنسأل فضيلته، هل معنى ذلك أن الإنقاذ لم تكن مؤمنة ولا تقية طيلة هذه السنوات العجاف من حكمها؟ فالناس على دين ملوكها. أم أن الأمر مجرد رفع حرج عن الحكومة ووضعه على رقاب العباد؟ وهل هي موجة واحدة ووقتية من موجات غلاء أم أنها بحر ذاخر من الغلاء امتد منذ أن أطلت الإنقاذ على الشعب السوداني، وقضت على تعليمه وصحته وحياته الاجتماعية، وشردت أبناءه في كل صقع من الأرض؟ وماذا كان قول فضيلته، ومن شاكله من علماء السلطان، عن الغلاء الذي حدث في مطالع 1989 قبل إنقلاب الإنقاذ المشؤوم؟ هل كان ذلك رأيهم، أم أنهم وقتها وضعوا اللوم على الحكومة الديمقراطية؟ هذه تساؤلات لا ننتظر أن نجد إجابات عنها سواء من هذه الهيئة أو من الإنقاذ عموماً. فهم جميعاً يلتحفون رداء فقه التحلل، ويتخذون التمكين استراتيجية مثلى للبقاء في الحكم؛ وهم بذلك يقتفون خطى الترابي، وهو كبيرهم الذي علمهم السحر، والذي نضرع إلى الله أن يحشره في الدرك الأسفل من الجحيم، هو ومن وقف معه ومن فاصله ومن يقف بين هؤلاء وأولئك حائراً.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة