في الأخبار ( الفنانة حرم النور تتسبب في تحول حفل عرس إلى كارثة بإحدى قرى نهر النيل حيث إمتلأت الدارة بدماء اللذين كانوا يضربون بعضهم البعض بالسياط .. بعض النساء أشفقن على حال الرجال والشباب وطالبن المغنية بالتوقف عن الغناء حتى يتم إسعاف بعض الشباب اللذين كانوا يجلدون حد الإغماء وسط هيستيريا الطرب وأصوات الزغاريد .. أحد الضحايا تم تحويله إلى مركز صحي القرية في حالة خطرة بين الحياة والموت )!! .. إنتهى
عدة أسئلة قفزت إلى ذهني بعد مطالعتي للخبر أعلاه لم أجد لها إجابة يتقبلها العقل والمنطق ناهيك عن الدين ! أهمها :.. ماهو السر وراء إستمرار هذه العادة القديمة حتى يومنا هذا ؟ وماهي علاقتها بالفروسية والشجاعة ؟ .. ومتى تنتهي ؟ .. تخيلوا زول ضئيل الحجم (قليلوني) فاطر بي موية فول وفاقد سوائل يقوده صوت الدلوكة إلى الحفلة تشيلو الهاشمية فيحدر طاقيتو ويدخل في حالة أشبه بحالة الجذب الصوفي فيتقدم نحو الدارة ويشرع في خلع جلبابه وعراقيهو فتبين عظامه من شدة النحافة ويبدو وسط الدارة كزرزور داقاهو المطرة .. يتقدم نحو العريس تدفعه نشوة لحظية عارمة ويطالب العريس بجلده بالسوط على ظهره النحيف العاري وسط زغاريد الحسان وتشجيع أصحابه !! .. بعد ذهاب النشوة العابرة وإنتهاء الحفل تبدا مرحلة دفع ثمن الفروسية الطائشة والعنيفة إذ يتوجب على فارسنا الإستلقاء والنوم على ظهره لأكثر من شهر وإستهلاك قرابة الخمس أرطال زيت سمسم للمسوح .. أحد الظرفاء لخص المشهد بوصفه للعريس بالسادي والضحية بأنه يمارس ( جلد الذات ) .. بحثت في قاموس العامية فلم أجد ما ينطبق على وصف هذه الحالة سوى ( العوارة ) بل بإمكاننا أن نصنفها قانونيا بالأذى الجسيم وفي بعض الحالات بالقتل الخطأ ! .. كما يمكننا تشبيه المجلود بمن يشرع في الإنتحار .. بعيدا عن تفسيرات علماء النفس والإجتماع لعادة البطان المنتشرة بين بعض القبائل في بلادنا أعتقد ومن خلال متابعتي التاريخية للعادة السالبة والأجواء المصاحبة لها أن للنساء الدور الأكبر في إستمرار هذه العادة القديمة بحرصهن على حضور المشاهد اللا إنسانية للبطان وإطلاقهن الزغاريد وإثارة الحماسة بين الرجال بالتالي يكمن الحل في التخلص من هذه العادة بتوعيتهن بخطورة ولا إنسانية ما يقمن به تجاه عادة سالبة تجاوزها الزمن وترفضها النفس السوية .. ساهم التعليم في تقليصها لكنها لم تندثر فبعض المتعلمين لا يجدون حرجا في ممارستها والتباهي بها كإرث ثقيل يصعب التخلص منه رغم وجود أكثر من وسيلة لإختبار الثبات والفروسية .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة