قبل أسابيع قليلة.. كتبت ألتمس من القراء الأكارم المساهمة– مالياً- في تفريج كربة أحد الشباب من أشقائنا المصريين.. قضى خلف جدران سجن الهدى بأم درمان 9 سنوات تحت لائحة (يبقى إلى حين السداد).. عاجزاً عن دفع (120) ألف جنيه. الشعب السوداني الكريم النبيل لم يتردد لحظة.. انهالت التبرعات كل على حسب وسعه.. البعض تبرع بـ (30) ألف جنيه كاملة.. وآخرون شاركوا بجهد المقل.. جنيهان.. ثلاثة جنيهات.. خمسة.. إلى ألف جنيه.. ورغم أننا ما بلغنا المبلغ المطلوب إلا أن الدائنين الكرام تنازلوا عن طيب خاطر عن نحو نصف المبلغ (رغم تنازلهم سابقاً عن مبالغ أخرى). الحمد لله الآن خرج السجين المصري للمرة الأولى منذ 9 سنوات لينتسم عبير الحرية.. ويضمه حضن أسرته الصغيرة.. ليلتقي زوجته وطفليه اللذين تركهما في عمر سنتين وأربع سنوات.. والآن بلغت البنت (11) عاماً... والولد (13) عاماً لم يريا خلالها والدهما قط. الذين أنعم الله عليهم بسعة الحال ساهموا بصورة حاسمة في إنهاء كربة هذا الشاب.. لكن في المقابل.. والله العظيم تأثرت كثيراً بالذين حولوا رصيدا بما استطاعوا إليه سبيلا... بكل يقين من دفع جنيهين.. أو ثلاثة أو خمسة ربما هي نصف ثروته.. يدفعها وهو في أمس الحاجة إليها.. هنا تتجلى أعز معانى النبل، والكرم السوداني الأصيل.. نحن شعب كبير رغم الإحن التي تُصغرنا في أعين العالم.. (وربما في أعين ساستنا أيضا).. نحن شعب أكبر من واقعنا المفروض علينا. ومع هذا تلقيت اتصالاً من سيدة فاضلة تحمل درجة الدكتوراة.. ثم أتبعت الاتصال برسالة إلكترونية طويلة.. تحتج فيها بشدة.. وتسألني (هل نسيت حلايب؟ لو كان هذا الشاب سودانياً في سجون مصر.. هل تتحرك صحيفة واحدة لتحمل عبء إنقاذه من السجن؟). بصراحة.. عندما يختلط الإحسان بالبطاقة.. مهما كان لونها أو شكلها.. يتحول إلى مجرد حسابات أخرى لا علاقة لها بالإنسانية المحضة.. صنائع المعروف لا يجب أن تكتب في (كراسة حساب).. بل في ورق أبيض ناصع لا ينظر ولا يحدق في اللون ولا العرق ولا الجنسية ولا الدين.. الإنسان من حيث هو الإنسان أهل لكل كرم، وعون، وغوث. الحمد لله.. خرج السجين المصري، وانتهت محنته.. ومن هنا يجب أن تبدأ مسيرة أخرى للتعامل مع أصل المشكلة.. لائحة (يبقى إلى حين السداد) التي تخلد المعسر في عذاب السجن بلا أمد ولا حول وهو مكبل بالقيود. سنتبنى حملة صحفية لمخاطبة هذا الملف الذي بسببه تكتظ السجون بالآلاف.. جنباً إلى جنب حملة أخرى لإنقاذ ما تيسر من الذين- ربما- يكون في الوسع مساعدتهم لتجاوز عتبة السجن. شكراً لكل من تبرع بنبل وكرم.. وتقبل الله منكم جميعاً.. ومنا. altayar
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة