سيدي الوالي ... لهذا الصباح ... كيف ان هذه الكلمة ثقيلة على الكيبورد!!! في هذا الصباح الباكر سيدي .. وفي الوقت الذي نحضر فيه كوب قهوتنا ونجلس للكتابة اليكم ... نعرف انكم في هذه الساعة المبكرة ... تحملون كوب قهوتكم بيمينكم وهاتفكم المزعج بشمالكم لا يهدأ له بال ... وتتسائلون ( أها الامور مرتبة؟؟ ) والنمل الكثيف الذي يتخبط ويهرول تحت رجليك في هذه الساعة ...يحاول ان يجمل الواقع ... يكذب عليك وهو يرد على هاتفكم.. ( كلو تمام سعادتك .. الامور جاهزة ومرتبة ) نعرف انهم يكذبون لان بعد ساعات من الان وانت تقف على المنصة وذلك الرجل يرقص سنشرح لك كيف هم كاذبون وكيف انك تسرق منا اشياء جميلة وموروث طاهر عرفنا به .. سنشرح لك. فنحن نعرف انك اجتهدت مع مجتمع كسلا ليلتفو حولك عن قناعة في الفترة الاخيرة ... ونعرف ان هذه هي اللحظة التي تريد ان تقطف فيها ينع هذه الاجتهاد ... ولكن سيدي الوالي انهم يكذبون ... فمجتمع كسلا الواعي لا يجامل في وطنيته ... قبلها سيدي ... ان كلمة سيدي هذه لم نتعود ان نكلم بها رجال الانقاذ .. فنحن عندما نخاطبهم اما خاطبناهم باسماءهم المجردة او بعيناتهم ( كائنات – بشر ) او بمهنتهم سارقون ، كاذبون.. سيدي الوالي .... عندما وجَدَنا بعض قراءنا نردد هذه العبارة كثيرا اتهمنا بعض الطيبون منهم بأننا ندس بعض الثلج في كوبكم .. لنحتسي بواقيه ... ولكن ليعلم الجميع ...نحن نتكرع السماء مدرارا .. او كما يقول الدكتور ابكر آدم اسماعيل ( .. وعافيتي السماءُ الفاتحة ) انما نقول سيدي ... لكي نرد اليك بعض الجميل فانت ياسيدي نعتقد معك بشئ من الطمأنينة على حياة اهلنا ومستقبلهم .. نَعتقد.. ونحن سيدي .. نعتقد انك تعمل جاهدا لكسب ثقة انسان كسلا ... وانسان كسلا ... قال عنه الرجل المثقف والوزير السابق عمر الحاج موسى( لكأنهم يغسلون كلامهم قبل ان ينطقون به) فقط ... ولمثل هذا نغسل كلامنا قبل ان نطلقه اليك .. فاعذرنا سيدي .. وليعذرنا القراء فنحن نرد عنكم بعض جميل للرجل...... سيدي الوالي .. سأسألك ان كنت تعرف شجرة المسكيت .. وسنأجل الاجابة عليه لوقت لاحق في رسالتنا هذه.. واريد ان اعود بك للوراء قليلا لاعرفك من هو انسان كسلا وما الذي كان يجري معه لحقب مختلفة.. سيدي الوالي .. تقول اليونسكو ان التراث الانساني ينقسم الى نوعين ( مادي – وغير مادي ) .. لعل التقسيم واضح ولا يحتاج لشرح كثير ولكنني مضطر لشرح صغير بغية رسالتنا هذه .. التراث المادي هو كل شئ مادي انتجة الانسان على مر التاريخ فالاهرامات مثلا مادة – والمشغولات اليدوية مادة –والفخاريات والاواني المنزلية مادة - والمنحوتات مادة - وحتى بيوته التي كان يسكنها وعمارته مادة - وهكذا .. اما التراث الغير مادي هو انتاج هذا الانسان الفكري ، الثقافي والاجتماعي عاداته ، تقاليده وطقوسه.... كيلا نصيبك بالدوار في هذا الصباح المرتقب والمجهد .. عندما ابتلانا الله بالوالي السابق ( السارق ) .. لعلك تلاحظ التجريد هنا ... كان رجلاً في غاية الوقاحة وتطاول على تراث مادي جميل لكسلا كان يعطي المدينة عبق تاريخي مريح ... كثيرا ما تفاخرنا به .. سرقنا الرجل و دمر اهم بقعة بمبانيها التاريخية الجميلة وانتج لنا مايسمى ( وسط المدينة ) وهنا تجد ان الرجل مارس سرقتين مما يعيني وقاحة مزدوجة فهو سرقنا مادياً وغير مادي عندما حور حتى المسمى . ولكن سيدي .. لهذا الصباح .. انت تمارس بعض من هذا .. فانت تسرق انسان كسلا .. ارثه الثقافي .. ووجدانه الحر ..وتاريخه النضالي المشرق ، مما يعني سرقة تراث غير مادي في غاية الاهمية ... سنحدثك عن بعض المقتطفات من التراث الغير مادي لانسان كسلا .. - في العام 1865 عندما كان يرزح السودان تحت حكم تركي بغيض لاكثر من اربعة عقود انطلقت شرارة الثورة من كسلا بما عرف حينها ( بثورة الجهادية السود ) . - ونصرة المهدي بعد ذلك من عثمان دقنة وجيشه الذي عرف (بالفوزي وزي ) والذي كان اول جيش في التاريخ يكسر صندوق التكتيك البريطاني . - في العام 1902 وقبل ان تنشأ مايسمى قوة دفاع السودان او الجيش السوداني كانت كسلا نواة لجيش نظامي سمي ب( الاورطة الشرقية ) . - في الحرب العالمية الثانية عندما اعلن الحلفاء ان الشعوب المستعمرة ستنال استقلالها اذا انخرطت في القتال مع التحالف ، ماكان من الشاب محمود ابوبكر الملقب ( بالنسر ) والذي صار يعرف (بالصاغ ) لاحقا ، الا ان يضع قلمه جانبا ويتقدم للانضمام للقوات البريطانية للقتال مضحيا بذلك بوظيفته والتي يقال انها كانت كبيرة في سكك حديد عطبرة حتى يكون سبباً لينال الشعب السوداني استقلاله . وفي طريقه ينشد قصيده صه ياكنار ردا على صديقة الذي سخر من انخراطه في الجيش والتي يقول مطلعها. صَهْ يا كنارُ وضعْ يمينكَ في يـدي ودعِ المزاحَ لذي الطلاقـةِ والددِ لعلك تمايلت وانت صغيرا في طابور الصباح في احد المدارس مع اخوتك وانتم تنشدون هذه القصيدة الحماسية فى احدى بقاع السودان النائية وانت لاتدري عنها شئ .. - في العام 1964 إبان ثورة اكتوبر المجيدة حركت كسلا قطار الشرق ماسمي وقتها ( بقطار الموت) نصرة لثورة اكتوبر . - في العام 2000 وعندما كان جيشكم يتكرع الخمر... ورجاله يطاردون حرائر كسلا في الاسواق وحاميتكم تبيع كسلا الخمر... قاتل انسان كسلا دفاعاً عنكم واخرج اؤلائك المترنحون الى مخابئهم انتهي... نسرد هذا التراث الغير مادي .. لنعرفك بتاريخ كسلا المشرف مع البطولات... لم تعرف فيه الخذلان والخنوع والان .. وانت وفي هذا الصباح تتكرع قهوتك المرة ... وتسأل نملك الكاذب ( اها .. الامور جاهزة؟) انت بهذا سيدي .. ستصنف مع زمرة السراق وانت تقود انسان كسلا لمحرقته .. فالبلد شئت ام ابيت سيدي .. تجلس في مرجل ملتهب .. وشئت ام ابيت انسان السودان في هذه الايام يسجل ايقونته التاريخية .. فرجاء سيدي الوالي .. لا تسرق عرسنا هذا ... فانت سيدي غريب ترتحل بعد سنوات عنا ليتم تعريفنا بعدها باننا الشعب الذي خذل بلاده عندما لم يفعل الاخرون ... ونحن نقول لك ذلك نعرف خطة النمل الكاذب جيداً ... ونعرف نوع الحشود التي سيحشدها .. سيخرج هذا النمل من تحت رجليك مسرعا الى خارج المدينة واطرافها .. يوجد هناك اناس طيبون وبسيطون جداً سيدي .. هولاء الناس سيدي عملت فيهم حكوماتنا الممتالية قتلا وتنكيلا وتجهيلاً فنعوم تشومسكي يضع التجهيل واحدة من استراتيجياته العشرة لقيادة الجماهير وهذا مافعله معنا عرابكم الهالك ( الترابي ) بالضبط ... نعم سيدي .. ومن على المنصة وذلك الرجل الطروب يتراقص بالقرب منك وانت بوقارك الذي شهدنا عليه تنظر الى الحشود لترى اذا كان النمل قد صدقك القول ... الحظ السحنات سيدي .. الحظ ملابسهم وهيئاتهم ... دقق في وجوههم المنهكة التي امرضها هذا الذي يرقص بالقرب منك .. ستعرف حينها ان هذا النمل يكذب عليك في سبيل السكر .. اذا لم تجد تلك السحنات التي تلاقيها في بعض زيارتك التي اخذك اليها ذلك الرجل الهميم وانت تتطوف ببعض صالونات المدينة العتيقة .. فاعرف ان النمل يكذب .. اذا كانت الازياء موحدة والاكف التي تصفق صغيرة ووديعة فاعرف سيدي ان هؤلاء تلاميذ صغار لا ذنب لهم .. وانك ياسيدي ستقف امام الله وستسأل عن هذا الهدر والتسريب من يوم دراسي كان اولى به هذه الامخاخ الصغيرة .. حينها اعرف سيدي ان النمل يكذب .. واعرف انك فشلت .. واعرف انك تسرق .. واعرف سيدي انك تصفع كسلا صفعة تاريخية مميته إن نجح نملك في حشد البسطاء فالبلد لن تعذرنا ولن تنتظر الناس تبريراتنا ... وستتهم كسلا بخذلانها للسودان لهذه الفترة ..وهو ما يبكينا وهنا نعود لشجرة المسكيت .. شجرة المسكيت سيدي هذه اللئيمة نتجرعها ولا نكاد نسيغها .. فهي قد جففت معيننا من الماء .. وهي شئ يشاركنا هواءنا وتربتنا.. ومع هذا لانستطيع ان ننفك عنها ... ولكن الوالي السابق كان مثلها تجرعته كسلا ... الا انها لفظته عندما لم تسيغه ونخاف عليك سيدي ان تجفف معين الثقة الذي بدأناه معك.. حينها قد تشاركنا كسلا هواءها وتربتها ولكننا نتجرعك ولا نسيغك ..... حينها..... هذا ان كان لضيفك تاريخ بعد التاسع عشر من ديسمبر... بقيَّ.... #العصيان_المدني_السوداني_19_ديسمبر حيدر الشيخ هلال 12/12/2016
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة