* إذا جاز لنا أن نضع أُسساً (للتخوين) السياسي الذي بات هو العلامة الشائعة والفارقة التي تمُيِّز (يوميات) الشراكة بين العسكر والمدنيين في الحكم الإنتقالي الحالي ، لابُد أن نلتفت إلى (الدوافع) التي إنطلق منها الشعب السوداني مُمثلاً في أغلبيته الثائرة في ديسمبر المجيدة ، والتي بدأت بإعتبار أعضاء المكوِّن العسكري في مجلس السيادة إمتداد راسخ للَّجنة أمن المخلوع البشير ، حيث كان معظمهم يتمتَّعون بصلاحيات واسعة ومناصب نافذة حتى اللحظات الأخيرة لسقوط النظام البائد ، ولما كان الجميع يعلم مستوى (التداخُل) أو بالأحرى (الإحلال والإدماج) الذي حدث في شكل ومضمون سطوتي الدولة والتنظيم السياسي الحاكم في البلاد آنذاك ، بات من الطبيعي أن يتوطَّد (التشكيك) في نوايا وإنتماءات كل صاحب نفوذ وصلاحيات واسعة في ذلك الزمان البغيض ، ورغم أن اللَّجنة الأمنية العسكرية حينها قد إنحازت للثورة وأسهمت على الأقل (بالكف عن الأذى) وسفك الدماء ، إلا أن السؤال (الموجِع) يظل مطروحاً بلا (لف ولا دوران) ولا مواراة (ماذا إذا كان إنحياز اللَّجنة الأمنية لنظام الإنقاذ البائد صُّورياً ويُمثِّل تكتيكاً أقرَّهُ ذات النظام كمخرج من الأزمة ؟!) ، أما (الأُسس) الأخرى التى ساهمت أيضاً في دفع الديسمبريون إلى المزيد من الشطَّط في تخوين المكوِّن العسكري داخل مجلس السيادة فتتمثَّل في تداعيات الشواهد والوقائع والدلائل التي واكبت مجذرة القيادة بما حوت من مآسي وأحزان ومواجع وجراحات لا أظنها ستندمل دون القصاص ، بالإضافة إلى ما كان يعكسهُ المكوِّن العسكري داخل الحكومة الإنتقالية من مواقف جميعها تشير إلى دفع المكوِّن المدني للفشل في أداء مهمة الإنتقال ، وأقلها تأثيراً كان الإمتناع في أحوال كثيرة عن المساهمة ومد يد العون للحد من الأزمات التي ناوشت الحكم الإنتقالي ومنها الأزمة المُتعلِّقة بموجبات الإصلاح الإقتصادي وخضوع المؤسسات الإستثمارية العسكرية لولاية المكوِّن المدني ، ومنها أيضاً الإنفلات الأمني العام والمُهدّدات الوطنية الإستراتيجية خصوصاً فيما يحدث الآن من تطوَّات للأحداث في شرق السودان ، ثم ختاماً ردة الفعل (العكسية) التي عبَّر عنها رئيس ونائب رئيس مجلس السيادة الإنتقالي عقب إنقلاب سبتمبر الأخير والذي سددا فيه كُتلة من الغضب واللوم قاما بتوجيهها نحو المكوِّن المدني بدلاً عن القائمين بالإنقلاب.
* التفاني في الزود عن ما نؤمن به من قضايا ، يستلزم بالضرورة النضال من عمق لُجاج البحر الهائج ، وليس الهُتاف من (الشواطيء) الآمنة والقصية ، ذلك يؤهِّل (المُتفانين) للعب الدور الإستراتيجي والأهم فيما يجب أن يكون عليه حال السودان الآن ، وما يجب أن يكون عليه بعد إكتمال مُخطَّطات وبرامج التحوُّل الديموقراطي المدني ، خصوصاً إذا كان هؤلاء من المشهود لهم بالنزاهة والصدق في نواياهم وإنحيازهم غير المشكوك فيه للثورة وأهدافها ومراميها ، وكما أطلق عليهم أستاذنا الصحفي الدكتور / زهير السرَّاج في تعليق إسفيري (الناس الكويسين) مُتحسِّراً على إستقالة الأستاذة / رشا عوض عضو المجلس القيادي والمُتحدِّث الرسمي لمبادرة رئيس الوزراء لتوحيد قوى الثورة والمُضي إلى الأمام ، ومُشيراً إلى أن خروج الحزب الشيوعي السوداني من قوى الحرية والتغيير أفسح المجال للمُتربصين وأخلى المقاعد لغير المؤهلَّين ، وأضُم صوتي إلى صوت الأستاذ زهير في إشارته إلى أن خروج (الناس الكويسين) يُفسح المجال ويفتح الأبواب مُشرعة لدخول أصحاب القُدرات المتواضعة والإنتهازيين وأحياناً الفلول والمُتآمرين.
<هيثم الفضل.jpg> <النَّاس الكويسين.docx> عناوين الاخبار بسودانيزاونلاين SudaneseOnline اليوم الموافق 10/11/2021
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة