في الوقت الذي تفتح فيه كل أبواب الحكومة لأولاد داوود ومو ابراهيم وابراهيم الشيخ وغيرهم لإنشاء المصانع والطائرات والسكك الحديدية، تعاني أقاليم الهامش من النهب الحكومي منذ الاستقلال. لم ينتبه أبناء الهامش لذلك إلا مؤخراً، فأبناء غرب كردفان الذين ظلت منطقتهم تنهب ثرواتها (قرابة ستة آلاف برميل نفط يوميا) بواقع ١٤ مليون دولار شهرياً، قاموا بإغلاق حقول البترول هذه، لأنهم يعيشون حياة لا تقبل أن تحياها الكلاب. تصور أخي الكريم وأنت من يدعي عدم وجود تهميش، أن حقل بامبو ينتج شهريا ١٤ مليون دولار، في وقت يعاني فيه أبناء الإقليم من عدم وجود صحة ولا تعليم ولا غذاء ولا ماء شرب نظيف. فلو أن الحكومة قامت بتوزيع ذلك الدخل كما وزع سيدنا صالح شرب البئر (لهم شرب شهر وللحكومة شرب شهر) لكانت ولاية غرب كردفان لا تقل حداثة وتطوراً عن دبي أو الشارقة. حتى الآن يماطل المركز في منح الأقاليم سلطات تطوير نفسها، ويربط ميزانياتها وتفاعلاتها الإقتصادية بالمركز عبر مؤسسات داعمة للسيطرة كالبنك المركزي ووزارة المالية وقوانين تسجيل الشركات والقروض الدولية...الخ مما يحجم تلك الأقاليم من التحرك بحرية لتطوير نفسها، ويجعلها محكومة برضى المركز عنها. في ظل منع دسترة وتقنين الحكم الفدرالي للأقاليم، فإن تلك الأقاليم ستشاهد ثرواتها تنهب أمام عينيها ولن تستطيع الاعتراض، وسيكون كل تصرف من أهالي تلك المناطق غير مشروع، مما يشرعن للمركز استخدام القوة والعنف والدم لحماية مصالح نخبة اولاد داوود وابراهيم الشيخ ومو إبراهيم وغيرهم من تماسيح المركز. لذلك على أبناء تلك الأقاليم الانتفاض والتظاهر مطالبين بدساتير وقوانين لولاياتهم تمنحهم الوصاية الكاملة على ثروات مناطقهم. وانا شخصياً على استعداد للمشاركة والمساهمة (بدون مقابل) في صياغة تلك الدساتير والقوانين بأحدث ما توصلت إليه الأنظمة القانونية العالمية وبما يكفل بناءً إدارياً محكماً وقوياً يمنع الفساد ويسهل في نفس الوقت من استفادة تلك الأقاليم من ثرواتها. فالنظم الدستورية والقانونية تطورت تطوراً مذهلاً، خاصة بعد نهاية الحرب الباردة في التسعينات، وسيادة النظام الليبرالي، الذي يفتح المجال للابتكار والابداع والريادة. هناك العديد من الاحتياجات لتلك المناطق لتتمكن من تطوير قدراتها والاستفادة من ثرواتها (الزراعية والحيوانية والمعدنية..الخ)، وأهم الاحتياجات هي وضع دساتير تكفل السلام الاجتماعي، وقوانين تكفل العدالة الاجتماعية وتكفل كذلك تماسك المؤسسات الحكومية للأقاليم. كما أن التقدم التكنولوجي سهل كثيراً من بناء شبكات تنسيق وربط بين المؤسسات، وستحتاج تلك الأقاليم إلى تطوير بنيتها التكنولوجية أولاً، وهذا ما سيستدعي أن تستقل تلك الأقاليم عن المركز ومعرقلاته وتماسيحه.
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق September, 22 2022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة