اثراءً للنقاش الذي دار بيننا وبين بعض اخوتنا ننقل هنا بعض كلام اهل العلم في موضوع الوصية، وكل هذا نهدف من خلاله الي ان نحفز انفسنا لالتماس العلم، فهو طريق الجنة.
عن سعد قال: جاءني النبي صلى الله عليه وسلم يعودني وأنا بمكة، قلت: يا رسول الله، أوصي بمالي كله؟، قال: (لا)، قلت: فالشطر؟، قال: (لا)، قلت: فالثلث؟، قال: (الثلث، والثلث كبير، إنك أن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس) [سنن النسائي]
عن علي قال: «لأن أوصي بالخمس أحب إلي من أن أوصي بالربع، وأن أوصي بالربع أحب إلي من أن أوصي بالثلث، ومن أوصى بالثلث فلم يترك شيئا» [مصنف الصنعاني]
باب ما جاء في الضرار في الوصية عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الرجل ليعمل والمرأة بطاعة الله ستين سنة ثم يحضرهما الموت فيضاران في الوصية فتجب لهما النار، ثم قرأ علي أبو هريرة: {من بعد وصية يوصى بها أو دين غير مضار وصية من الله}، إلى قوله، {ذلك الفوز العظيم}. [سنن الترمذي]
"واعلم أن الضرار في الوصية يقع على وجوه: أحدها: أن يوصي بأكثر من الثلث. وثانيها: أن يقر بكل ماله أو ببعضه لأجنبي. وثالثها: أن يقر على نفسه بدين لا حقيقة له دفعا للميراث عن الورثة. ورابعها: أن يقر بأن الدين الذي كان له على غيره قد استوفاه ووصل إليه. وخامسها: أن يبيع شيئا بثمن بخمس أو يشتري شيئا بثمن غال، كل ذلك لغرض أن لا يصل المال إلى الورثة. وسادسها: أن يوصي بالثلث لا لوجه الله لكن لغرض تنقيص حقوق الورثة، فهذا هو وجه الإضرار في الوصية. واعلم أن العلماء قالوا: الأولى أن يوصي بأقل من الثلث، قال علي: لأن أوصي بالخمس أحب إلي من الربع. ولأن أوصي بالربع أحب إلي من أن أوصي بالثلث. وقال النخعي: قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يوص، وقبض أبو بكر فوصى، فإن أوصى الإنسان فحسن، وإن لم يوص فحسن أيضا. واعلم أن الأولى بالإنسان أن ينظر في قدر ما يخلف ومن يخلف، ثم يجعل وصيته بحسب ذلك فإن كان ماله قليلا وفي الورثة كثرة لم يوص، وإن كان في المال كثرة أوصى بحسب المال وبحسب حاجتهم بعده في القلة والكثرة والله أعلم. المسألة الرابعة: روى عكرمة عن ابن عباس أنه قال: الإضرار في الوصية من الكبائر. واعلم أنه يدل على ذلك القرآن والسنة والمعقول، أما القرآن فقوله تعالى: تلك حدود الله ومن/ يطع الله ورسوله [النساء:13] قال ابن عباس في الوصية: ومن يعص الله ورسوله [النساء: 14] قال في الوصية، وأما السنة فروى عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الإضرار في الوصية من الكبائر»... وقال عليه الصلاة والسلام: «من قطع ميراثا فرضه الله قطع الله ميراثه من الجنة» ومعلوم أن الزيادة في الوصية قطع من الميراث، وأما المعقول فهو أن مخالفة أمر الله عند القرب من الموت يدل على جراءة شديدة على الله تعالى، وتمرد عظيم عن الانقياد لتكاليفه، وذلك من أكبر الكبائر. [التفسير الكبير لفخر الدين الرازي]
"وقيل: إن الإضرار في الوصية من الكبائر لأن مخالفة أمر الله عز وجل كبيرة وقد نهى الله عن الإضرار في الوصية فدل على أن ذلك من الكبائر، واعلم أن الأولى بالإنسان أن ينظر عند الموت في قدر ما يخلف من المال ومن يخلف من الورثة ثم يجعل وصيته بحسب ذلك فإن كان ماله قليلا، وفي الورثة كثرة فالأولى به أن لا يوصي بشيء لقوله صلّى الله عليه وسلّم لسعد بن أبي وقاص: (إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس) وإن كان في المال كثرة أوصى بحسب المال وبحسب الورثة وحاجتهم بعده في القلة والكثرة. [لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن]
وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم قال: كانوا يقولون: الذي يوصي بالخمس أفضل من الذي يوصي بالربع والذي يوصي بالربع أفضل من الذي يوصي بالثلث وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم قال: كان يقال: السدس خير من الثلث في الوصية
"يستحبّ ان يوصى بالتصدّق بما دون الثلث بالعشر او الخمس او الربع ويباح الى الثلث ان كان الورثة اغنياء لما مرّ من الأحاديث وان كان الورثة فقراء فحينئذ يكره الوصية تنزيها وترك الوصية اولى لما فيه من الصدقة على القريب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الصدقة على المسكين صدقة وهى على ذى الرحم صدقة وصلة رواه احمد والترمذي وابن ماجة والدارمي ويحرم من الوصية ما فيه مضار للورثة او قصد الإضرار بهم" [التفسير المظهري لمحمد ثناء الله]
"قوله: من بعد وصية يوصى بها أو دين الكلام فيه كما تقدم. قوله: غير مضار أي: يوصي حال كونه غير مضار لورثته بوجه من وجوه الضرار، كأن يقر بشيء ليس عليه، أو يوصي بوصية لا مقصد له فيها إلا الإضرار بالورثة. أو يوصي لوارث مطلقا، أو لغيره بزيادة على الثلث ولم تجزه الورثة، وهذا القيد، أي قوله: غير مضار راجع إلى الوصية والدين المذكورين فهو قيد لهما، فما صدر من الإقرارات بالديون عنه أو الوصايا المنهي عنها، أو التي لا مقصد لصاحبها إلا المضارة لورثته فهو باطل مردود لا ينفذ منه شيء" [فتح القدير للشوكاني]
" ومن الحسن أن ينظر الإنسان فى قدر ما يخلف ومن يخلف ثم يجعل وصيته بحسب ذلك، فإن كان ماله قليلا وفى الورثة كثرة لم يوص، وإن كان فى المال كثرة أوصى بحسب ماله وبحسب حاجتهم بعده كثرة وقلة، وقد روى عن على أنه قال: لأن أوصى بالخمس أحب إلى من أن أوصى بالربع، ولأن أوصى بالربع أحب إلى من أن أوصى بالثلث. [تفسير المراغي]
" ومنه ما يحصل بقصد الموصي بوصيته الإضرار بالوارث ولا يقصد القربة بوصيته، وهذا هو المراد من قوله تعالى: غير مضار. ولما كانت نية الموصي وقصده الإضرار لا يطلع عليه فهو موكول لدينه وخشية ربه، فإن ظهر ما يدل على قصده الإضرار دلالة واضحة، فالوجه أن تكون تلك الوصية باطلة لأن قوله تعالى: غير مضار نهي عن الإضرار، والنهي يقتضي فساد المنهي عنه." [التحرير والتنوير لابن عاشور]
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة