اليوم هو يوم ذكرى وفاة والدتي لها الرحمة (٢٢ سبتمبر ٢٠١٤) وهو يوم غريب، تغيرت بعده حياتنا للأبد. تغيرت تغيرات كبيرة، إذ ظللنا نشعر بالنقص يعتري كل جوانب حياتنا كأسرة. لأنها كانت قائدة لها. كانت زعيمة، جمعت بين قوة الإرادة وحبها للفنون وتفانيها وعطائها اللا محدود لنا. كما كتبت قبل هذا، كانت والدي فنانة، عندما تدخل إلى صالة المنزل ستشعر بأنك في متحف، اللوحات والتماثيل والحيوانات المحنطة. الأقنعة الافريقية ورسومات عصر الباروك. أما اليوم فلا شيء تقريباً، حتى الرسمة اليتيمة التي رسمتها أنا فوضعتها هي داخل إطار وعلقتها لم تعد هنا.. لم يعد أحد منا يهتم بالفن. ليس لأن الفن غير مهم، ولكن لأن هناك نقص اعترانا جميعاً، شعور بعدم أهمية تلك الأشياء. كنا نهتم في الأعياد بتنظيف المنزل، وتبخيره، تعليق اللوحات بعد تنظيفها، مسح المجسمات الفنية وتلميعها، أما اليوم فلا نهتم بشيء، في الواقع، ليس هناك شيء أساساً لنهتم به.. نحن نعيش كعُزاب، نأكل كعزاب، نلبس كيفما اتفق، نخرج في اي وقت. وهذه ليست حرية بل فوضى اقتحمت حياتنا لأننا فقدنا امرأة قوية وذكية، كانت شمولية في كل شيء، تفعل كل شيء، وتقريباً لم نكن نحن نفعل شيئاً. لقد كانت باختصار تنظم حياتنا وتجعل لكل دقيقة هدفها ومعناها. أما اليوم فنحن نعيش من أجل البقاء فقط، نحاول سرقة الزمن بلا جدوى. إن المرأة التي تعطي كل شيء لأسرتها عملة نادرة في العالم، ولذلك ليس من اليسير على من عاش مع أمثالها أن يجد لها بديلاً. لوالدتي الرحمة والمغفرة، وأدعوا الله أن يوفيها في الآخرة بما بذلته من أجلنا في الحياة الدنيا وبكل تفانيها في منحنا معنى للحياة.
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق September, 22 2022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة